حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1461

جدلية الفن والرسالة في أدب الفتيان .. النبطي المنشود نموذجاً

جدلية الفن والرسالة في أدب الفتيان .. النبطي المنشود نموذجاً

جدلية الفن والرسالة في أدب الفتيان ..  النبطي المنشود نموذجاً

22-12-2024 12:37 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - بداية؛ فإن أول ما يلفت النظر في رواية «النبطي المنشود» (2023) لصفاء الحطاب أمران رئيسيان: أولهما أنها رواية فتيان، وربما أُطلق على هذا اللون أدب اليافعين. وعادة ما يستهدف هذا اللون جمهورا من الناشئة في الفئة العمرية ما بين (12 إلى 18). وثانيهما أن الكاتبة على وعي كامل بشروط الشكل الجوهري للرواية بعامة، وبالأسس الفنية التي تحكم هذا اللون من الأدب الروائي، ولعل هذا ما شجعني على الكتابة عن هذا العمل.

ولئن كانت مفردات ومصطلحات شائعة من مثل الأدب والرواية ليست في حاجة للوقوف عندها أو عند غيرها من مفردات أخرى على نفس الدرجة من الشيوع، فإن مفهوم «أدب الفتيان» في حاجة إلى وقفة قصيرة يُستند فيها في المقام الأول على قراءات صاحب هذه المقاربة في هذا اللون، مذ كان صبيا، ثم فتى، فشابا، وكهلا، ثم شيخا (من الشيخوخة وليس الشِيخة).

ولا شك أن مرحلة الفَتاء (المراهقة) في حياة الإنسان حساسة جدا، لما يصاحبها من ظاهرة تضخم الذات، بحيث لا يكتفي الفتى بأن ينظر إلى نفسه كنبطي منشود فحسب، بل يتطلع -في كثير من الحالات- لأن يغدو مخلص العالم المنشود.

ولكن الشخصية التي ترسمها صفاء حطاب للنبطي المنشود ليست للفتى النمطي، بل لشاب نموذجي يصلح قدوة لجيله من الشباب ولجيل من يجيء بعده من الفتيان. فهو بطل يحمل رسالة، يسعى من خلاله العمل لإيصالها عن طريق النموذج المثالي، ولكن مثاليته لا ترسم له صورة نمطية قابعة في ذاكرة المتلقي الفتى ومنحكمة بأدبيات السرد التمثيلي للشخصية المسطحة، التي يستطيع القارئ فهم أبعادها النفسية والجسدية والاجتماعية من الوهلة الأولى، ومن ثم التنبؤ بما وسيصدر عنها حتى نهاية العمل، بل إن النموذج في هذا العمل يظل أقرب إلى الشخصية النامية حتى لو بدا مثاليا؛ ذلك أن ملامحه وسماته ومواقفه وتكوينه النفسي والقيمي لا تكتمل صورتها إلا عن طريق اشتباكها مع العالم من حولها ومع نهاية العمل، وهذا ما يمكن أن توصف به الشخصية النامية. وهو ما ينطبق على شخصية معمر العالم الآثاري الشاب الذي يعمل في منطقة البترا جنوب الاردن، وهي المنطقة التي ينتمي إليها ونشأ فيها، ويعمل في ميراثها الحضاري، فتصبح ميدانا لتحقيق طموحه العلمي ومناطا لتطلعاته الشخصية والعامة.

البطل القدوة

من الضروري بداية أن نسجل للرواية تماسكها الموضوعي وحبكتها العضوية؛ فالأحداث والمسارات تنبثق من بؤرة مركزية، يعيشها النبطي المنشود، وملخصها أن هذا الشاب ذا الضمير العلمي النقي والوطني المتقد حماسة، يعيش هاجس البحث عن حقيقة التاريخ القديم لأعجوبة البترا والمنطقة التي تحيط بها. فكان يتساءل بمرارة كيف تحول هذا المكان من منارة سماوية ترتقي بساكينها نحو النجوم إلى كهوف حجرية تشكل ملاذاً بدائيا آمنا لسكان المنطقة والعابرين بها (ص 15).

إنه يرى في حضارة الأنباط فضلا على البشرية لا يقل عن فضل أي حضارة قديمة من مثل الحضارات المصرية واليونانية والرومانية، ويرى أن إنجازاتها العلمية لا تقل عنها في أي حضارة قديمة أخرى. بيد أنه يكتشف أن علم الفلك الحديث لم ينصف فضل حضارة قومه الأنباط في فيما توصل إليه علماؤه من إنجازات متقدمة في هذا المجال؛ فينذر نفسه لتلافي هذا التقصير، وللبرهنة، من ثم، على ما كان عليه قومه الغابرون من تقدم علمي مذهل لم يسقبوا إليه في مجال الفلك والنجوم.

ومما عزز من طموحه العلمي، وشحذ من عزيمته نحو تحقيق هدفه الأسمى، حلم بديع رأى فيه أميرة جميلة ينساب شعرها الأسود الطويل على ظهرها وتزينه بإكليل من أزرار الزهر الأبيض، ترتدي رداء نبطياً رائعاً أبيض اللون. تقترب منه لتقول بلطف: معمر، مرحبا بك في عالمنا. لقد انتظرناك طويلا أيها النبطي القادم من المستقبل، (ص9) وسرعان ما يتحول هذا الحلم إلى حقيقة يعيشها حين يلتقي بعالمة مصرية شابة تدعى سونيا في أحد المؤتمرات العالمية في مصر حول الحضارة الفرعونية، وتتكفل الكيمياء البشرية بالدور المطلوب لتحقيق الحلم، لتربط بين الاثنين علاقة علمية في المقام الأول وعاطفية في المقام الثاني، ولهذا دلالته القيمية في أدب الفتيان بخاصة، ويبدأ معمر رحلته في السعي إلى المجد العلمي بتشجيع من سونيا وبمشاركتها، فتزور هذه البترا لتقتنع خلال الزيارة بأن العلاقة بين الحضارتين العظيمتين المصرية والنبطية علاقة وثيقة، وكل من الحضارتين تكمل إحداهما الأخرى في الإنجاز العلمي القديم، ويتمخض السعي المشترك والتعاون بين المحبين اللذين يمثلان الحضارتين، عن اكشتافات مهمة يقدمها معمر لأحد المؤتمرات في أوروبا، فتنال الاعتماد العلمي العالمي.

وبالآلية التي تسير بها وتؤول إليها أحداث تحاكي ما دأبت عليه الرواية التاريخية التقليدية؛ يتوج النصر في الميدان (ميدان العلم) مع انتصار العاشقين، أي يقترن النجاح العلمي بتحقيق المطمح العاطفي، ويتزوج الاثنان، ويعيشان في تبات ونبات، وينجبان شابا علاّمة يرث رسالة الوالدين هو الدكتور أحمد معمر الذي يستكمل بدوره، طريق المجد العلمي.

بناء الرواية:

وهكذا فإن بناء الرواية يستند إلى هندسة تلائم حقا أدب الفتيان، وبسيرورة تلقائية ولغة تتسم بالبساطة، ورغم التزامها المستوى الرسمي من التعبير فإن الرواية تنجز بنجاح ملحوظ إيصال الرسالة مزدوجة الهدف في أدب الفتيان بعامة: التعليم والتهذيب. ومما عزز من هذا السعي أن هذه الرواية تنزهت عن النزول إلى المستويات الدنيا من الخطاب؛ فنقلت إلينا بعفوية البساطة إحساس البطل بكونه النبطي المنذور، وربطت بضفيرة السرد السلس بين شخصيتيها النموذجيتين معمر وسونيا، أو البطلين اللذين تجتمع فيهما شروط البطولة الروائية وسمات البطولة الميدانية، رسالةٌ مؤداها أن لا فرق بين المجد الشخصي ومجد الأوطان، وأن الطريق الصحيح هو السعي المضني والتضحية بالمصلحة الشخصية في سبيل خدمة الطموح العلمي ومجد الأوطان. فتنبثق الأحداث كلها من ثيمة واحدة أو معنى مركزي واحد، تلخصه الرسالة المزدوجة التعليمية والقيمية، ومن هنا جاء التماسك والانسجام في الرواية بين مرتكزاتها الفكرية ومساراتها البنيوية. وأكثر من هذا فقد اجتاز السرد الامتحان الصعب.... الحقل الشائك في جدلية التوفيق، دون افتعال مفضوح بين رسالة العمل وأدواته الفنية. إذ كثيراً ما كانت رسالة العمل مستنقعا تغرق فيه المسارات في استطرادات تسجيلية وتغوص فيه الشخوص في حوارات وعظية أو توثيقية تُفرض على السياق ليجنح العمل نحو الخطاب المقالي.

الحبكة والتبئير:

على الرغم من أن الحبكة المتماسكة أو الصارمة ليست شرطاً لازماً في الأعمال الروائية الكبرى بصورة عامة، فإن حضورها، متطلب ضروري في الرواية الموجهة إلى الصغار أو الفتيان، فهذا الحضور جزء من رسالة العمل يتم من خلاله تعزيز مهارة الحجاج القائمة على التفكير المنطقي لدى الناشئة؛ ذلك أن الحبكة الصارمة تنسب رواية «الحدث» في حين تناسب الحبكة المتراخية، أو السياقية (غير السببية) رواية «الشخصية» ولا سيما في الأعمال الكبيرة التي تسمو عن أي قيمة تعليمية مباشرة بل تكتفي بالتفاعلات الداخلية والعوالم التي ينجزها نسيج العمل بمعزل عن القصدية والمصادفات لتأتي الرسالة الفكرية ثمرة تلقائية لهذا النسيج تختلف دلالاتها وتأويل مقاصدها المفترضة ما بين متلق وآخر. وأرجو ألا يكون من باب الاستطراد أن أضيف أن تاريخ الفن الروائي يشير بوضوح إلى أن معظم الأعمال العظيمة وتحديدا ذات الطابع الملحمي يقوم على حبكة سياقية متراخية.

وإذ يظل العدو الأول للحبكة الفنية هو الصدفة. فإن «النبطي المنشود» تكاد تخلو من الصدف إلا في موقف واحد حين جمعت الصدفة بين معمر وسونيا في رحلة إلى روما ودون تحضير مسبق بل لغايتين مختلفتين؛ سونيا لمتابعة موضوع قطعة أثرية اختفت من المتحف المصري في القاهرة، ومعمر لحضور أحد المؤتمرات هناك. وهنا، لا يملك هذا الأخير سوى أن يهتف: «ما هذه المصادفة الغريبة؟» (ص25).

أما اذا انتقلنا إلى الحديث عن موقع الراوي، فسنلاحظ أنه الراوي الغائب العارف بكل صغيرة وكبيرة داخل الشخوص وخارجها، ويتماهى هذا الراوي أحيانا مع الشخصيتين الرئيسيتين، وقد يكون في هذا بعض النفع الفني؛ ذلك أن ملازمه الراوي الغائب للشخصية، في أي عمل، من شأنها أن تنقل لنا عالمهما الداخلي، أي الإحساس، ولا تكتفي -فحسب- بنقل ما ينعكس على الحواس. ولكن موقع الراوي في هذا لم يحل دون التضحية بعنصر فني ثمين وهو التبيئر بنوعيه الأول والثاني، بل يكتفي العمل بالنوع الأول وهو الدرجة الصفر من التبيئر، وكان من الممكن أن يحضر أحد النوعيين الأوليين من التبيئر بصورة فاعلة لو اقتصرت ملازمة الراوي على شخصية واحدة مثلا، أو إن المؤلفة لم تترك الحبل على غاربه للراوي العارف يصول ويجول دون ضوابط مرسومة تقتضيها ضوابط التبئير. على أن «فلتان» معايير موقع الراوي وتداخلها أمر مألوف، وأحيانا ضرورة موضوعية، في أدب الناشئة؛ إذ يقتضي السعي لإيصال الرسالة التعليمية / التهذيبية أن تتم التضحية ببعض الضوابط الفنية التي تجعل من النص عملا فنيا خالصاً؛ فيُجنح بالعمل قليلا نحو النزوع المقالي المتقصد لضمان وصول الرسالة.

قلة الشخوص:

ومما يمكن أن يلاحظ أن الشخوص في «النبطي المنشود» قليلة نسبيا، لا سيما أننا نعيش في عصر سلسلة هاري بوتر بعوالمها المتنوعة التي تشمل الأرض وما فوق الأرض وما تحتها، وربما جاز لنا أن نرد محدودية الأفق البشري في الرواية إلى طبيعة البيئة التي تسند إليها مفردات الرواية وكذلك السعي المبرر للتركيز على الثيمة الأساسية، وضبط الإيقاع الإنساني درءاً للتشتت الموضوعي. وقد نجح هذا التركيز في رسم البعد النفسي فحسب للشخصيتين الرئيسيتين والنأي بهما -من ثم- عن التسطيح، ولكن على حساب البعدين الأساسيين الآخرين؛ أعني البعد الجسمي والبعد الاجتماعي، ومرة أخرى أجدني مضطرا لعزو ذلك إلى الانهماك المبالغ فيه في إضفاء الصورة المثالية على الشخصيتين بوصفهما قدوتين.

نعم... لقد بدت شخصية معمر وكأنها رسمت لتكون مثالا يحتذى به؛ صحيح أن هذا السعي قد يأتي على حساب واقعية الشخصية، بمعنى أن الشخصية مكتملة المثالية لا وجود لها في حياتنا؛ بيد أن المسألة في أدب الفتيان قد لا تكون في هذه البساطة؛ إذ من الصعب تمرير الرسالة بوضوح مطلوب دون حضور مثل هذا التنميط الكلاسيكي للشخصيات. ومما خفف من حدة هذه المثاليات ذلك الخط العاطفي للعلاقة الرومانسية الحذرة بين معمر وسونيا، وكذلك واقعة تحطم المرصد الفلكي، حين بدا الأمر لمعمر وكأن حلم عمره قد تبخر. وقد أضفت هذه الواقعة على الرواية نبضا فنيا حيويا في ناحيتين على الأقل؛ الأولى أنها أوجدت قدرا من التشويق أو إثارة التوقع حول النهاية التي ستؤول إليها العزلة أو الانزواء الذي اختاره معمر (المحبط) لنفسه، كما أن هذا الموقف قد خفف من حدة الخط التصاعدي الرتيب الذي اتخذته أحداث الرواية من جهة، وبناء الشخصية بشروط مثالية؛ من جهة أخرى.

الجانب العاطفي:

مما يحسب للرواية أنها قد التفتت إلى أهمية الجانب العاطفي لدى جمهور هذا النوع من الروايات، وهو في مرحلة عمرية يحتل الجانب العاطفي ولا شك حيزا كبيرا من في حياتها الوجدانية، وثم جاء كان هذا الخط الرومانسي الناعم الذي سرى في عروق العمل بكل شفافية وحذر... هل نقول: والتزام؟

ما يهمنا في المقام الأول أن سيرورة العلاقة الرومانسية بين سونيا ومعمر تحمل أكثر من دلالة بنائية، وتنطوي على أكثر من موقف قيمي مرتهن -على ما يبدو- إلى مواضعات البيئة والتقاليد المتوارثة ويساير ما هو مسموح ولا يدخل إلى منطقة المحظور بحيث يبدو حارس البوابة القابع في أعماق كل مبدع وكاتب كاتب تسكنه بل تحكمه، أي الحارس، هواجس المحظورت المقدسة، ومن هنا جاءت هذه الصورة للعلاقة بين المتحابين سونيا ومعمر منفلوطية، وأكاد أقول أثيرية منبعثة من عصر يعيش حالة رومانسية حتى النخاع. أما الدلالة البنائية فإن هذه العلاقة لم تأت خطا تزيينيا متطفلاً مفروضا على يعرقل مسار الحدث الأساسي؛ بل تجلت جزءا من الحبكة الأساسية في الرواية يغذ الخطا لبلوغ غاية محددة تحقق طموح البطلين. مما جعل لهذه العلاقة وظيفة بنائية إذ بدت حافزا معززا للخط الصاعد لبلوغ النتيجة.

استدراك متأخر:

يبدو أن المؤلفة، وهذا محض افتراض، حاولت استدراك أمر رأت أن غيابه قد يجلب للرواية شبهة مخالفة تقليد درجت عليه معظم الأعمال الموجهة لجيل الناشئة؛ بمعنى أن من الضروري للبطل في مثل هذه الأعمال أن يجايل متلقي العمل الأساسيين، أي الفتيان، والأمثلة الحية التي تسند هذا الرأي أعمال الثلاثة الأهم في أدب الناشئة العالمي: الدنماركي هانز كريستيان أندرسون (1805 - 1875 ) والإنجليزي روبرت لويس ستفنسون 1855) - 1894) والأمريكي مارك توين (1835 - 1910) وغيرهم بطبيعة الحال دأبوا على مخاطبة جمهور أعمالهم من خلال الأبطال المجايليين لهذا الجمهور. بيد أن الوضع بالنسبة للنبطي المنشود يبدو مختلفا؛ فقد اقتضت ثيمة العمل وفكرته ورسالته أن يكون البطل راشدا لأنه الأنسب للشخصية/ القدوة، لا أن يكون صبيا مغامرا يمثل قيمة عليا فحسب كالشجاعة على مواجهة المخاطر. وعلى أية حال تظل المسألة في نطاق مبدأ حرية اختيار المبدع؛ فهذا حق للمؤلف، أي مؤلف، لذا فلا بأس أن تعوضنا نهاية الرواية ببطل فتِي، بطل بطولي وليس دراميا، بطل ينتمي إلى عالم المستقبل هو الدكتور أحمد معمر المقيم بروفيسورا في إحدى الجامعات الكندية. وهاهو في المشهد الأخير يحضر تكريما لوالديه في أحد المحافل العلمية العالمية.

ولكن مهلا؛ فالمسألة لا تنتهي عند هذا الحد؛ لنفترض مثلا أن هذا البطل الجديد في الخامسة والثلاثين أو الأربعين من عمره كونه بروفيسورا؛ فإن من شأن هذا الافتراض أن يعيدنا إلى الوراء مدة تساوي عمره على الأقل؛ أي إلى وقت لم يكن فيه النت قد شاع استعماله ولا الرسائل الإلكترونية متاحة، ولا حتى الهاتف الجوال وسائر الإنجازات العلمية التي غيرت وجه الحياة في أقل من عقدين، وأسهمت في تطور العلاقة بين معمر وسونيا، مما كان سيفرض بالضرورة إعادة صياغة بعض الوقائع على نحو يراعي المعطيات الحضارية لزمن الحدث. ولا أظن افتراضا كهذا يرقى إلى مستوى الخلل الفني الفادح. ذلك أن تلافيه لا يستوجب سوى حذف كلمة بروفيسور من الصفحة قبل الأخيرة؛ فالوثوب إلى آفاق المستقبل قد لا يكون ضرورة فنية، ولكنه بالتأكيد مطلب موضوعي في عمل يحمل رسالة إلى جيل بعينه.

وأخيرا، يسجل للرواية هذه المهارة في مقاربتها المدروسة للخيال العلمي بوصفه مكونا ضروريا في أدب الفتيان. والواقعة الأجلى تتمثل باللقاء الذي تم في المنام بين معمر والأميرة؛ فقد عالجت الحبكة هذه الواقعة من خلال تحميل هذا الحلم بعداً رمزيا يتكئ على تقنية سردية هي الاستباق. ذلك أن حضور شخصية الأميرة في الحلم كان تمهيدا لعلاقته التي توشك أن تبدأ مع سونيا، الأميرة الحقيقية في حياة صاحب الحلم، مما يضفي على مفردات الرواية تماسكا، وعلاقات عضوية، ومسارات نابضة، وتضافرا سياقيا يتسق وفكرة العمل الأساسية، ورسالتها القيمية.











طباعة
  • المشاهدات: 1461
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-12-2024 12:37 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم