23-12-2024 11:35 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
مَن يرى ان الشرق الأوسط سيتغير او انه مُقبلٌ على التغيير فنقول له " صح نومك " فالتغيير اجتاح العالم منذ سنة ويزيد ، وأنه وصل مشارق الارض ومغاربها وما ترك فيها ركن بلا تغيير بغض النظر عن طبيعة ونتيجة هذا التغيير وشكله سواء شرَّاً كان أو خيرا ،
فلم يَعُد مكيال العالم الاعوج الذي كِيلَ به مقبولاً بعد الطوفان، ولم يعد المسحُ على رأس فأر او على ظهرِ كلبٍ تحت شعار كذبة الرفق بالحيوان يقابله السكوت على قتل انسان مقبولاً بعد الطوفان، ولم يعد الادعاء بحماية الطفولة في بلدانهم مقابل السكوت والتبرير لذبح الاطفال الخُدَّج في المستشفيات مقبولاً بعد الطوفان، ولم يعد سماع الكذبة الكبرى المنسوبة للسامية مقبولاً بعد الطوفان،
ولقد كُشِفَ النقاب عن الخديعة العظمى التي مورسَ من خلالها اعظم اجرام ألا وهي "حقوق الإنسان"
سقوط حجر الزاوية في منطقة الشرق الأوسط
" سوريا " لم يكن قد تم منذ ايام بل هو نتيجة حتمية لهذا الطوفان الذي لم تستطع كل القوى العالمية المتواجدة في المنطقة والتي تقاتل مجتمعةً بكامل قواتها غزة " وحدها " ان تمنع هذا السقوط الذي لم يُربك امريكا فحسب بل أربك العالم الغربي كله حتى وإن كان قد خُطِّطَ له مِن قَبْل ولكن بالتأكيد لم يكن متوقعاً ان يحدث بهذه السرعة وان يكون له القبول على المستوى الشعبي والحاضنة السورية بكافة اطيافها ومكوناتها على مستوى الشام كلها كما نشاهد،
وربما ما حدث ورأيناه هو مشهد لن يقتصر على سوريا وحدها بل إن الباب اصبح مفتوحا على كل الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعه في المنطقة وخارجها بصورة اكثر خطورة وواقعية مما مضى ،
وهذا مؤشر حقيقي على ان الاعتماد على معطيات كانت بالأمس مُسلَّماً بها لم يعد صالحاً ولا يمكن البناء عليها وانما اخْذ الحيطة والحذر ربما هو الأنجى والأجدر اذا ما تم أخذهم على اعلى محمل من الجد والاستعداد .
هروب روسيا من ارض الشام جاء تاكيداً على ان تواجدها في هذه الارض المباركة لم يكن بقوتها العسكرية ولم يكن وجوداً استراتيجياً اختارته لنفسها
بل كان وجوداً مدفوع الاجر بالساعة وإلا لكانت قاتلت ودافعت عن وجودها ولو بشكل رمزي ، وهذا ايضاً كشْفٌ عن حقيقةٍ تم التعتيم عليها والتضليل بها ولكن موج هذا الطوفان كشف عنها ليرى المشهد حتى من كان في عينيه رمد .
الحرية المطلقة مفسدة مطلقة إن على المستوى الشخصي والفردي او على مستوى المجتمعات والدول ، والواقع المُر يؤكد هذه المقولة التي تنطبق على التصرف الامريكي المنفرد والمتحكم في الوضع العالمي برمته ، فلا رادع ولا ند ولا قانون يحكم او يضبط او يحاسب على السلوك الامريكي سواء كانت آمرة بالمنكر او داعية الى كل سوء وشر فلن يُنكر عليها ذلك احد ، ودون الخوض في تفاصيل تعطيلها لأنظمة وقوانين ومحاكم ومؤسسات وهيئات العالم كيفما تريد وحسبما تشاء فانه لا يخفى هذا الامر على احد وانها تمارس اعنف قوة جبرية " مالية وعسكرية " تمتلكها لتفرض الواقع الذي تريد على من تشاء من الامم دون حسيب ولا رقيب .
يخشى الأمريكيون العقلاء على بلدهم من دخولها فيما يسمى بعملية التدمير الذاتي self-destruction
والواقع يقول ومنذ فترة ليست بالقصيرة أن امريكا ليست مهددة من اي عدو خارجي مهما كانت صفة هذا العدو فهي في مأمن من هذا ولكنها تعلم ان التهديد الحقيقي لها هو انقسام وتفسخ داخلي وصراع بين قوى امريكية داخلية يتحكم بها او ببعضها دولة عميقة ربما هي بعيدة كل البعد عن المصلحة الامريكية الخاصة جداً والتي تهم الفرد الامريكي وتتعلق بحياته المعيشية اليومية التي تخصه هو دون الالتفات الى خارج الحدود الامريكية التي لا تعني له شيء على الإطلاق "بعكس الشعوب في الشرق الاوسط وبعض دول العالم حيث تولي اهتمامها البالغ لما يحدث في الداخل الامريكي لانه ينعكس مباشرة عليها وتحديدا ما يتعلق بالوضع المالي والاقتصادي والسياسي خصوصاً "
ويعلمون تماماً ان هذا الواقع الذي تعيشه بلدهم منفردة انما هو الخطر الوحيد والاعظم عليها ، ولذلك وحيث انها ( اي بلدهم )تعلم هذا فهي دائما تحاول ان تخلق لها نِدَّاً او عدّواً مصطنع حتى لا تبقى وحيدة في هذا المشهد شديد الخطورة على المستوى الاستراتيجي بعيد ومتوسط المدى، وتحاول ان تجعل من الصين ذلك العدو إلا انها لم تستطع ذلك لان الصين في وادٍ وهي في وادٍ آخر تماماً،،
ان بقاء امريكا موحدةً بالنسبة للشعب الاميركي هو بالتأكيد اهم واولى من الإبادة الجماعية وحرق غزة عن بكرة ابيها وجعلها قاعاً صفصفاً كما تفعل الان في حربها التي تقودها مع ستة دول عظمى امرٌ لا يعنيه ولا يتطلع اليه وان الاولوية القصوى له هي وحدة الشعب ووحدة ارضه لأن إغفال ما يمكن ان يحدث نتيجة صراع داخلي مستعر تحت الرماد ربما يُفضي الى ما لا يُحمد عُقباه وهذا ما لا يريده الامريكان ،
وما الكلام عن امريكا نوع من تَرَف الحديث إنما لشدة وقوة التاثير المباشر لسياستها على منطقة الشرق الأوسط تحديداً والتي يُخشى عواقبها على الدوام .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-12-2024 11:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |