بقلم : بلال حسن التل
استمتع عادة بالحديث مع السيد عيسى حيدر مراد، فالرجل فوق انه ذرب اللسان، فانه لا يمارس الغيبة والنميمة، وليس له خطابان؛ ايجابي في العلن وسلبي في الجلسات الخاصة، بعكس الكثير من الشخصيات العامة، وهو شديد الإخلاص والحب للاردن، بالإضافة الى انه دائم التفاؤل، ينظر الى النصف الممتلئ من الكأس، ولعل هذا التفاؤل واحداً من اسرار مسيرة النجاح المتوارثة في عائلة مراد، التي تتوزع في عدد من الاقطار العربية، حيث يقول السيد عيسى حيدر مراد ان آل الصمادي في محافظة عجلون من اقاربهم، وهذه حالة تشترك فيها الكثير من العائلات الع?بية، فقد كان الناس يتجولون ويعملون في مدن بلاد موحدة، فجد عيسى حيدر مراد كان يعمل بالتجارة بين غزة وعمان وبيروت فيبيع في عمان حمضيات غزة، ويشتري من عمان القمح والشعير، ليبيعه في بيروت، ثم يشحن منها ما تحتاجه غزة من سلع، اي ان الرجل كان يقدم نموذجا للتكامل الاقتصادي لبلاد الشام، وعندما قسم الاستعماران الانجليزي والفرنسي، الأرض قسمت العائلات فاستقر كل قسم من العائله حيثما كان يسكن وقت التقسيم، واخذ جنسية الدولة الجديدة.

اسرار اخرى للنجاح، قدمها السيد عيسى حيدر مراد بصورة تلقائية ومكثفة، من خلال استضافته في البرنامج الحواري (في المسافة صفر) الذي يقدمه الزميل الاعلامي المخضرم سمير الحياري عبر اثير اذاعة (نون). فمن اسرار النجاح التي تستفيدها من سيرة ال مراد، كما رواها العين عيسى مراد هو عدم الاستسلام للازمات والمحن، فهم عائلة لا تؤمن بالمستحيل، فعندما فقد جد السيد مراد كل ما كان يملك عندما غرقت سفينة بضائعة وهي تبحر من بيروت الى غزة، لم يستسلم الرجل ولم ييأس، بل استأنف مسيرته من الصفر، ليعود كما كان، وعندما احتل الكيان الصهي?ني غزة وتراجعت تجارة آل مراد وذهبت ممتلكاتهم، لم يستسلموا لكن والد عيسى السيد حيدر التحق بابيه في عمان، لتبدأ من دكان صغير في شارع المصدار مسيرة نجاج استمرت لاكثر من نصف قرن حتى الآن، وامتدت من عمان الى اصقاع كثيرة في هذا العالم، عندما تمكنوا من الحصول على الكثير من التوكيلات العالمية، نتيجة للثقة بمصداقيتهم، وليصبح الاب والابن كل منهما شيخ كار التجار كل في زمانه.

وشيخ الكار في تراثنا كان المعلم المرجع الذي يمنح اجازة ممارسة المهنة للراغبين بها بعد ان يجتاز امتحان في أصولها واخلاقياتها يخضعه له شيخ الكار، او نقيبه، وسيرة عيسى مراد وابيه وجده في عالم التجارة تستحق التعلم منها. لمعرفة أسرار النجاح في كار التجارة.

غير عدم الاستسلام للازمات، فان من اسرار النجاح التي تستخلصها من الحوار مع عيسى حيدر مراد، تتمثل بمجموعة من السلوكيات، اظنها من صفات التاجر الامين، اولها الصدق والامانة في التعامل مع الناس، وثانيها العمل وفق القدرات والإمكانيات، على رأي المثل الشعبي (على قد الحافك مد رجليك)، لذلك فانه لم يشترِ او يتوسع باعماله باستخدام الشيكات المؤجلة، فظل نظيف السمعة.

اما السلوك الثالث الذي التزم به فهو احترام القوانين والعمل تحت سقفها، خاصة القوانين الرقابية، وفي طليعتها قانون الضريبة. وكلها سلوكيات اوصاه بها والده، رحمه الله.

فوق ان الرجل يعمل تحت سقف القانون ويؤدي التزاماته نحو الحكومة، فانه يقوم بمسؤوليته المجتمعية. من خلال دعمه للكثير من الأنشطة الخيرية والثقافية، ومن خلال عضويته في العديد من مؤسسات المجتمع المدني.

غير سلوكيات التاجر الامين، فان من اسرار النجاح التي يعتمدها الرجل انه يؤمن بالتطور ولذلك يتابع آخر المستجدات في مجال عمله، كما يؤمن بالاختصاص، لذلك يحيط نفسه بالمستشارين كل في مجال اختصاصه، مما يحميه من الوقوع في المحظور. بالاضافه الى ان من صفاته التي اعرفها فيه انه لا يتحدث الا في حدود اختصاصه ومعرفته. وهو يؤمن بالتعليم المستمر من خلال تجاربه وتجارب غيره في الحياة، وخاصة أصحاب الخبرة. وهي قاعدة نمت لديه لانه وريث عائلة راكمت تجربتها عبر الاجيال في مجال التجارة.

خلاصة القول؛ في اسرار قصة نجاح السيد عيسى حيدر مراد عضو مجلس الاعيان وشيخ كار التجار، ان الإخلاص للمهنة ولأخلاقياتها، و الحفاظ على الموروث بشقيه المادي والمعنوي من اهم اسباب النجاح والتفوق. وصناعة قصة نجاح تحتذى.