حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,2 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2145

مشتاق للشام

مشتاق للشام

مشتاق للشام

30-12-2024 08:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نضال منصور
أشتاق للشام، فمنذ 15 عاما لم أزرها، بعد أن كنت معتادا أن أذهب إليها كلما شعرت بالحنين لأزقة دمشق القديمة، وأسواقها، ومطاعمها، ورفاق ورفيقات نلتقي بهم لنمضي سهرات لا تعوض، وبعدها نكمل إلى بيروت، أو نعود أدراجنا إلى عمّان.


في دمشق قبل الثورة السورية، وما سمي «الربيع العربي» كنا نسمع همسا عن فظائع ما يقوم به نظام الأسد الأب والابن، وكانت الكثير من القوى السياسية العربية، وخاصة الفلسطينية تقدم للنظام «القومجي» المبررات لانتفاء الحالة الديمقراطية، وانتهاكات حقوق الإنسان، تحت حجة أنه يتعرض لمؤامرة صهيونية إمبريالية، وكل هذا الضجيج، والنفاق، والكذب، لم يكن يجد آذانا مصغية عند الشعب السوري الذي يتعرض للتنكيل، ويعيش حالة البؤس، والفقر، والخوف الدائم، وكما كانوا يقولون عن حياتهم، وحالتهم البائسة «لا نفتح فمنا إلا عند طبيب الأسنان».

سقط نظام الأسد بعد أكثر من 5 عقود على تغييب الديمقراطية، والتعددية، وبينه وبين شعبه بحور من الدم، وحان الوقت للتحرر، وبناء نظام تعددي، يحترم كرامة الناس، صحيح أن هناك قلق، ومخاوف من المستقبل، وما بعد اللحظة الراهنة، لكن السوريين مبتهجون بسقوط نظام الأسد، ويعتقدون أنه مهما جاء خلفا له لن يصل إلى مراحل الاستبداد التي بلغوها.
دمشق أصبحت محجا لكل العالم، ورغم أن هيئة تحرير الشام التي تحكم في سورية مصنفة على أنها منظمة إرهابية، فإن الدول الغربية، وأولها أميركا أسقطت الفيتو عن الاتصال بها، ويتوقع في القريب أن ترفع العقوبات بموجب قانون قيصر عنها، ولن يطول حتى يُلغى تصنيف الإرهاب عنها، لإعطاء شرعية لقائد المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ورفاقه.
زار نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، أيمن الصفدي، دمشق، والتقى الشرع في مبادرة مهمة تكسر الحظر العربي، وتشجعهم على فتح قنوات الاتصال المباشرة مع النظام الجديد، والمعلومات المتسربة أن الوزير الصفدي كان يحث وزراء الخارجية العربي ليرافقوه في زيارته إلى دمشق، غير أن بعضهم لم يكن متحمسا، وآخر قلق، والقلة ضد ذلك.
خطوة الصفدي ضرورية، فالعلاقة الأردنية السورية لها خصوصياتها، وعلينا التحرك لبناء تفاهمات، ومصالح تحمي بلادنا، وعمّان لها فرصة أكثر من غيرها في أن تلعب دورا في نهوض سورية سياسيا، واقتصاديا، وحسب المعلومات فإن القيادة السورية قدمت تعهدات وتطمينات للأردن حول كثير من الأسئلة المقلقة له، ولدول المنطقة.
الأنظار تترقب ما ستفعله الإدارة السورية الجديدة بعد الأشهر الثلاثة الانتقالية، فهناك مهام جسام؛ أولها فتح حوار وطني يجمع كل مكونات الشعب السوري، ولا يُقصي أحدا، يكون أهم منطلقاته إعداد دستور ديموقراطي جامع.
وبناء على تجارب كثيرة، فإن مرحلة العدالة الانتقالية بما تحمله من مصالحات وطنية، وإنصاف، وجبر الضرر مُلّحة، وهي من تحد من روح الانتقام، وهي ما يحمي السلم المجتمعي، ويُقدم المتهمين في جرائم بحق الشعب السوري للعدالة.
مراقبة السلطة الجديدة في سورية ضرورة، ووضعها تحت مجهر النقد، والمساءلة تعزز التصحيح في المسارات، وعلى المؤسسات الحقوقية السورية أن ترصد، وتوثق أي انتهاكات، أو تجاوزات، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وعلى الجميع أن يبقى متيقظا لضمان مرور سورية إلى بر الأمان، بعيدا عن تكرار التجارب العربية في التقسيم، والحروب الأهلية، وذهاب طاغية، وحلول طغاة بثوب جديد.
ينتظر السوريون بأمل طال انتظاره أن ينعموا بالاستقرار، والأمان دون خوف، ومن حقهم أن يعبروا عن توجهاتهم، ويملكوا الحق في بناء نظام ديمقراطي تعددي، وأن يملكوا مقدرات بلادهم، ويشعروا بعائدات التنمية، فيعرفوا معنى الحياة الكريمة، والرفاه.
لست مع إعطاء النظام السوري الجديد، شيكا على بياض، أو ضوءا أخضر ليفعل ما يريد، وبذات الوقت لست مع شيطنته، واعتباره جزءا من مؤامرة كونية على قومية، وعروبة البلاد، وما يُقلق أكثر المراقبين السياسيين الأيديولوجية الدينية المتطرفة التي تحكم خلفية معظم قادة سورية بعد سقوط نظام الأسد، ورغم البراجماتية المذهلة التي قدمها الشرع وفريقه حتى الآن في إدارة شؤون البلاد، وانفتاحهم داخليا، وخارجيا، وحوارهم بلغة معتدلة، تصالحية، وتوافقية، فإن الخوف ألا يقدر الفريق الحاكم الآن على فرض سلطته على كل التنظيمات، والمليشيات التي ربما لا تريد أن تذهب سورية لدولة مدنية، وتريد أن تُغلّب رؤيتها الأيديولوجية.
والحقيقة أن الاختبار سيكون ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، ويتجلى النجاح بالحرص على مشاركة كل القوى السياسية، والأقليات القومية، والدستور القادم لسورية كاشف حقيقي عن الممارسة، وليس الشعارات للسلطة الجديدة.
أشجّع كل القوى الديمقراطية، والمدنية العربية أن تمد يدها للشعب السوري، وأن تتضامن معه، وألا تتركه معزولا، أو وحيدا في مواجهة المجتمع الدولي، ويجب أن نكون في المقدمة جنبا إلى جنب مع كل السوريين نمدهم بالعزم، والتفاؤل، ونُقدم لهم ما نستطيع لتعود سورية في مقدمة الركب، فالعالم العربي بلا الحواضر الأساسية (القاهرة، وبغداد، ودمشق) ليس له مستقبل، ونهضتها ضرورة لا أمل بدونها.











طباعة
  • المشاهدات: 2145
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-12-2024 08:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتحمل إيران مسؤولية "نشر الفوضى وتأجيج الفتن" في سوريا كما تتهمها جامعة الدول العربية رغم نفي طهران؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم