بقلم : د. هبة أبو عيادة
تمر الأيام مسرعة، عام ينطوي ويبدأ عام ومع حلول كل عام جديد، تتجدد فينا رغبة عارمة في التغيير والتطوير، وفي أن نكون نسخة أفضل من أنفسنا. فالعام المنصرم يحمل معه ذكريات، إنجازات، وأخطاء، وكلها عناصر تشكل هويتنا وتبني خبرتنا وتطور مهاراتنا وتساهم في صياغة مستقبلنا.

ولذلك، فإن عملية مراجعة العام الماضي وتقييم أدائنا هي خطوة بالغة الأهمية نحو تحقيق النمو الشخصي والتطور المستمر، لنستثمر الدروس التي مررنا بها لنبدأ عاما جديدا بشخص جديد.

والسؤال الذي يطرح نفسه عزيزي القارئ لماذا نُصر على مراجعة الذات وتقييم عامنا بإيجابياته وسلبياته وتحدياته وإنجازاته؟

بداية لا يلدغ المؤمن من جحر مرتبن فنحن نخطئ لنتعلم من الأخطاء: من خلال مراجعة أخطائنا، نكتسب الخبرة ونفهم أسباب فشلنا، مما يساعدنا على تجنب تكرارها في المستقبل. وكذلك من أجل التقدير والإيجابية: التركيز على الإنجازات والإيجابيات يعزز من ثقتنا بأنفسنا ويشجعنا على بذل المزيد من الجهد. ومن المهم أيضا أن نقيم أنفسنا لتحديد الأهداف: تساعدنا مراجعة العام الماضي على تحديد أهدافنا الجديدة وتحديد الأولويات التي يجب أن نركز عليها في العام القادم. وأخيرا التخطيط للمستقبل: من خلال فهم ما حققناه وما لم نحققه، نستطيع وضع?خطط أكثر واقعية وفعالية لتحقيق أهدافنا المستقبلية.

ولا بد من أن يكون التقييم سليما لنتمكن من مراجعة عامنا بطرق عقلانية حكيمة وليس مجرد حديث ينتهي مع النفس بل يجب تخصيص وقت هادئ: اختر وقتًا هادئًا بعيدًا عن الضوضاء والمشغوليات، حيث يمكنك التركيز على عملية المراجعة. ثم كتابة قائمة بالإنجازات: ابدأ بكتابة قائمة بكل الإنجازات التي حققتها خلال العام الماضي، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. مع ضرورة تحديد التحديات: بعد ذلك، قم بتحديد التحديات التي واجهتك والصعوبات التي عانيت منها. وتحليل الأسباب: حاول فهم الأسباب الكامنة وراء نجاحاتك وإخفاقاتك. وتحديد الدروس المستفادة? استخلص الدروس والعبر التي تعلمتها من تجاربك خلال العام. ووضع أهداف جديدة: بناءً على ما تعلمته، قم بوضع أهداف جديدة وواقعية للعام القادم.

ولتوضيح الآلية أكثر أطرح مجموعة أمثلة على أسئلة تساعدك في عملية المراجعة (تختلف من شخص لآخر وهذا مجرد مثال)

• تقييم الإنجازات: ما هي أكبر إنجازاتي هذا العام؟

• التحديات: ما هي أكبر التحديات التي واجهتني؟ وما هي الدروس التي تعلمتها من هذه التحديات؟

• مراجعة الأهداف: هل حققت ما خططت له؟ ما هي أهدافي الرئيسية للعام القادم؟ ما هي الخطوات التي سأتخذها لتحقيق هذه الأهداف؟

• تطوير المهارات: ما هي المهارات التي أريد اكتسابها؟ ما هي المهارات التي أريد تطويرها؟

• العلاقات الشخصية: كيف أود أن أطور علاقاتي مع الآخرين؟ ما هي العلاقات التي أريد تعزيزها؟

• الصحة والعافية: ما هي خطواتي لتحسين صحتي؟

• النمو الروحي: كيف أريد أن أطور جوانبي الروحية

وبعد الانتهاء من عملية المراجعة، يأتي دور التجديد. فالتجديد يعني البدء من جديد (عام جديد؛ أنا جديد)، ولكن لن نقبل بالقليل هذه المرة بل نبدأ بوعي وخبرة أكبر وأهداف أكثر وضوحًا وخطوات حكيمة ضمن خطة مدروسة. ويمكن أن يشمل التجديد: أولا تغيير العادات: التخلص من العادات السلبية واكتساب عادات جديدة إيجابية. ثانيا تطوير المهارات: الاستثمار في تطوير المهارات والمعارف التي تحتاجها لتحقيق أهدافك. ثالثا بناء علاقات جديدة: تكوين علاقات جديدة مع أشخاص إيجابيين وملهمين. رابعا اكتشاف هوايات جديدة: تجربة أشياء جديدة واكتش?ف اهتمامات جديدة.

ختامًا إن مراجعة العام الماضي وتجديد البدايات هي عملية مستمرة وليست حدثًا مرة واحدة. من خلال الممارسة المنتظمة، نستطيع أن نحقق نموًا شخصيًا مستدامًا وأن نعيش حياة أكثر سعادة وإنتاجية. تذكر أنك تستحق الأفضل، وأن لديك القدرة على تحقيق أي شيء تريده."السنة الجديدة صفحة بيضاء، اكتب عليها أحلامك وأهدافك، وارسم مستقبلك بألوان زاهية".

الراي