04-01-2025 12:03 PM
بقلم : رضا السميحيين
في قلب الشرق الأوسط، تقف سوريا كشاهد صامت على أحداث عصفت بها لسنوات طويلة، حوّلت حياة ملايين البشر إلى كابوس من المعاناة والفقدان. لكن اليوم، وبعد كل هذا الألم، تستحق سوريا فرصة جديدة. فرصة لإعادة بناء ما دُمّر، ولإعادة جمع شمل العائلات التي تفرقت، ولإعادة الأمل إلى شعب عانى فوق ما يُحتمل.
لقد مرّ الشعب السوري بظروف قاسية لا يمكن وصفها بالكلمات. من التهجير القسري إلى التعذيب، ومن فقدان الأحبة إلى العيش في مخيمات اللجوء، عاش السوريون لحظاتٍ تجلّت فيها غياب الإنسانية بأبشع صورها. لكن، وسط هذا الظلام، ظهرت قصص تُذكرنا بأن الأمل لا يموت. عودة المهجرين الى ارضهم بعد سنوات من الحرمان، و لقاءات مؤثرة جمعت الأحبة بعد أن ظنوا أنهم لن يروا بعضهم مجددًا. هذه القصص هي التي تدفعنا إلى القول: سوريا تستحق فرصة جديدة.
في هذا المشهد الإنساني المؤلم، برزت جهودٌ تستحق الإشادة. كان الصوت الغالب في سوريا يدعو للتسامح و نبذ العنف والتطرف ، هذهالأصوات التي عملت على إعادة الأمل إلى السوريين. من خلال خطاب يدعو إلى المصالحة الوطنية، وتغليب روح الوحدة بين أطياف الشعب السوري ، يجب على المجتمع أن يلملم الجراح ويبني جسور الثقة بين أبناء الشعب السوري. لأن المصالحة الوطنية هي الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة.
أما الحكومة الانتقالية، فقد واجهت التحديات الجديدة بحكمة ومسؤولية. من خلال سلسلة من القرارات المهمة، سعت الحكومة إلى إعادة الاستقرار إلى البلاد. بدءًا من دمج الفصائل العسكرية تحت قيادة واحدة تتبع وزارة الدفاع ، و اجراء التسويات لمنتسبي الجيش في النظام السابق و جمع السلاح ، و وضع خطط لإعادة تأهيل البنية التحتية ، وإصدار مجموعة من القرارات الاقتصادية الهامة في محاولة جادة لإنعاش الاقتصاد الذي دُمر خلال سنوات الحرب. كما فتحت الحكومة أبواب الحوار مع دول العالم، محاولةً إعادة سوريا إلى مكانتها الدولية بعد سنوات من العزلة.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى السلام وإعادة الإعمار ليس سهلاً. فسوريا اليوم بحاجة إلى أكثر من قرارات سياسية واقتصادية. إنها بحاجة إلى مصالحة حقيقية بين أبنائها، وإلى جهود دولية تدعم عملية إعادة الإعمار دون شروط سياسية مجحفة. يتحمل العالم بأسره مسؤولية أخلاقية تجاه الشعب السوري الذي عانى من سنوات طويلة تحت الحكم الاستبدادي.
في النهاية، سوريا ليست مجرد أرضٍ أو حدودٍ جغرافية. سوريا هي شعبٌ عريق يحمل في قلبه حب الحياة والأمل. شعبٌ يستحق أن يعيش بكرامة، وأن يرى أطفاله يكبرون في سلام. الفرصة الجديدة التي نتحدث عنها ليست مجرد شعار، بل هي واجب إنساني على الجميع. لقد أثبت الشعب السوري مرارًا وتكرارًا قدرته على النهوض من تحت الرماد. واليوم، نحن بحاجة إلى أن نقف معه، ليس بالكلمات فقط، بل بالأفعال. سوريا تستحق فرصة جديدة، وعلينا أن نكون جزءًا من تحقيق هذه الفرصة.
سوريا لن تنسى أبدًا ما مرت به، لكنها قادرة على بناء مستقبل أفضل. مستقبلٌ يعيد إليها ابتسامتها، ويمنح أبنائها الأمل في غدٍ أفضل. سوريا تستحق فرصة جديدة، ولن نتوانى في الاردن عن منحها إياها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-01-2025 12:03 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |