حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,7 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2491

هل هناك حقا احترام للتنوع الثقافي؟

هل هناك حقا احترام للتنوع الثقافي؟

هل هناك حقا احترام للتنوع الثقافي؟

05-01-2025 08:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : موفق ملكاوي
في منتصف العام 2022، رفضت مغنية إسرائيلية مصافحة الرئيس الأميركي، جو بايدن عقب أداء أغنية مع زميل لها، بعدما تقدم بايدن لتحية المغنيين، معللة ذلك بأنها "متدينة".


وقتها، مرت الحادثة بيسر وسهولة، ولم يتم تحميلها أكثر مما تحمل، ولكن ناشطين عربا ومسلمين تساءلوا ماذا لو كانت المرأة مسلمة، فهل سيتم التعامل معها بمثل هذا "التسامح"؟!

قبل يومين، وفي زيارة لوزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك إلى دمشق، تجنب مسؤولون في الإدارة الجديدة، ومن ضمنهم أحمد الشرع، مصافحة الوزيرة الألمانية باليد، ما أثار موجة من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضا اتهامات "جريئة" بأن المسؤولين الجدد يجرون دمشق نحو "النموذج الطالباني"، وهو ما لا يريده العلمانيون والمدنيون. هذه التعليقات جاءت من عرب ومسلمين، ممن اعتادوا الصيد في المياه العكرة، أو من أولئك المتضررين، والذين لا يتمنون النجاح للنموذج السوري بالثورة.
تعليق بيربوك لم يتأخر طويلا، إذ كتبت تقول "كان من الواضح لي أنه لن تكون هناك مصافحة عادية هنا". وأضافت أنها ونظيرها الفرنسي أوضحا للقادة الجدد أن "قضية حقوق المرأة ليست مجرد قضية تتعلق بحقوق المرأة، بل إن حقوق المرأة مؤشر على مدى حرية المجتمع".


هذه الحادثة لن تكون الأخيرة من نوعها، إذ من الواضح أن الشرع ورفاقه لا يتنازلون في بعض الممارسات التي ينطلقون بها من منطلقات دينية يحترمون تطبيقها، لكن زاوية النظر ينبغي أن تتجه نحو أوروبا المنافقة التي تدعي الدفاع عن التنوع الثقافي، والواضح في مفهومها أن الدين الإسلامي لا يدخل ضمن هذا التنوع، وأن مركزية أوروبا في إفرازها للمظاهر الثقافية ينبغي أن تظل هي ما يحتشد حوله العالم، فهذه القارة العجوز ما تزال حتى اليوم تدعي احتكار "صناعة التمدن"، منطلقة من فكر عنصري لم يضع الإنسان غير الأوروبي في مرتبة لائقة، ولا نظر إليه على أنه يمتلك القدرة والمعرفة لإدارة شؤون حياته، والإيمان بمقدسات ومدنسات كما يؤمن بها الأوروبي.
ولعل المضحك في الأمر، أن يأتي انتقاد سلوك ثقافي من قبل المانيا وبدعوى "حقوق المرأة وحرية المجتمع"، فهذا البلد بالذات يسهم بشكل متواصل في هدم الكينونة الحقيقية للمرأة تحت لافتة الحرية المطلقة، بينما يزعزع البنيان المجتمعي بهدمه أساسه الأصيل، وهو الأسرة، عن طريق "تقديس" جميع آليات الشذوذ والتوسع في منح الحقوق غير الأصيلة للمتحولين جنسيا، وتدمير سلطة الأسرة على الأبناء، وغيرها من السياسات التي لا تحترم الخصوصيات الثقافية داخل نسيجها الاجتماعي، ولا حقوق الأقليات في مجتمعها، بينما تطالبنا باحترام الأقليات وتنوعها.
إن القول باحترام التنوع الثقافي لا ينبغي أن يكون عملية ذات وجهة سير واحدة بوصلتها الغرب، فهو إما أن ينشأ من اعتراف حقيقي بهذا التنوع، أو أن يتم فرضه عن طريق الثقافات المتسيدة، وعندها ستتبدى حقيقة السراب الذي ينشره العالم الذي يدعي التحضر، بأن المطلوب أساسا هو صهر جميع الثقافات في بوتقة الثقافة الغربية، وتمييع الهويات تبعا للاستعمارات الجديدة وتكيفاتها في الألفية الثالثة.
لا أظن بأنني، هنا، أدافع عن الحكم الجديد في دمشق، كما أنني لست من دعاة الحكم الديني، وكل ما أقوله أن احترام خصوصيات الشعوب والأمم ينبغي أن يكون معيارا أخلاقيا سويا، لا انتقائيا حسب المصالح، كما ينبغي لنا، نحن المتأثرين، بهذه الازدواجية أن نعمد إلى إظهار النفاق الذي يمارسه العالم الغربي علينا، لا أن نكون رصاصا في بنادقه التي يقتلنا بها، مدافعين عن أبويته الكريهة التي لم تفعل شيئا سوى أنها غيرت ممارساتها الاستعمارية القديمة القائمة على الاحتلال والمذابح، بأخرى تستهدف الهويات والخصوصيات، وبالتالي الكينونة كلها.

الغد











طباعة
  • المشاهدات: 2491
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-01-2025 08:39 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتحمل إيران مسؤولية "نشر الفوضى وتأجيج الفتن" في سوريا كما تتهمها جامعة الدول العربية رغم نفي طهران؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم