05-01-2025 01:12 PM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
والضَّبُّ في جحره " نُريد ان نضمن أمنه ".. " وحتى السمكة في بحرها والنملة في مسكنها نريد ان نضمن لهما حياة آمنه "
لم يبقى من طلبات العالم لهذا الشاب الذي اسمه احمد الجولاني " والذي لا نعرفه " سوى هذا الطلب ، فكل من زاره حملَ اليه والقى في حضنه كتاب المدينة الفاضلة ومعه كل مُجلدات مبادئ حقوق الانسان بكامل تفاصيلها وموادها سواء المُطبَّق منها في انحاء العالم او تلك التي كُتبت وصيغت نظرياً على الورق ولا يمكن تطبيقها على ارض الواقع ، كل هذا مطلوب من هذا الشاب ان يُنفِّذَه بحذافيره قبل غروب شمس اليوم الذي أُلقي ويُلقى اليه كل هذا وقبل الأُفول .
رأس الاجرام الذي هرب ، كان قبل بضعة ايام يحاضر ويُنَظِّرُ ويشرح ويوعظ وينصح ، وكان يُسمَع له ، وكان يمشي على السجاد الاحمر والأخضر والأصفر ،
لم نسمع ولم نرى ان العالم ذهبَ اليه وطلب منه يوماً لا اقول مثل هذه الطلبات التي تُطلب الان بل على العكس تماما فربما كان يقال له أعانك الله على ما انت فيه ، وربما كان التعاطف معه باعلى ذروة على تحمُّل ما يعانيه في سبيل مصلحة من تبَقَّى في سوريا من اجل عيش كريم وكرامة مصانة وعدل ومساواة ومسامحة واحترام وتقدير لكل الناس كما كان يُظَنُّ ويُعتَقد والاصح كما تم التضليل والتعتيم عليه مِن واقع يفوق كل إجرام ،
لم نسمع على الاطلاق هذه الطلبات المثالية التي لا توجد سوى في كتاب الفيلسوف افلاطون من اي جهة كانت شرقية او غربيه منذ بداية الثورة السورية التي انطلقت منذ اربعة عشر عاما بل حوربت وأُخمِدَت .
ستون عاماً وسورية مرهونة لطائفةٍ واحده تحت شعارٍ مرفوع ويُتَغنَّى به علناً على مسمع العالم اجمع
" الاسد او نحرق البلد " وكنتم مستأنسين لهذا النشيد وهذا الشعار وكنتم المؤيدين له والداعمين،
تاتون الان مطالبين بان تكون سوريا لكل السوريين بعد ان جلبتم لها مُستَأجَرين للقتل والتدمير والتهجير روسيا وايران ! هذه ادعاءات مكشوفة باطلة زائفه ،
نعم ثم نعم إن سوريا لكل السوريين بلا تمييز وهذا مطلب كل سوي وشريف وعفيف بلا شك ولا تزييف.
ترفعون ايها الاوروبيون شعاراتٍ عظيمة المعنى سامية في قِيَمها ، العدالة والحرية والمساواة ، وكلها طارئة عليكم وطارئة على ثقافتكم وهي اصيلة عند العرب والمسلمين " والتاريخ خير شاهد " وما تلاعب بها ودمَّرَها إلا انتم ، ولولا هذا الطوفان الذي قَلَبَ موازين العالم كلها وكشف الغطاء عن الحقيقة التي تم تزييفها وفَضَحَ كل المتآمرين الذين حاكوا ودبَّروا لهذه الامة بِلَيْل ما اوصلهم الى ما هم عليه وإلا لبقي العالم قروناً مظلمة الى اجل لا يعلمه الا الله ولبقي الناس في غُبنٍ وظلمٍ مَقيت مُميت .
شاب في الثامنة والثلاثين من العمر حكم ثلثي العالم في ذلك الوقت مِن قلب دمشق من جوار المسجد الاموي الذي تحوَّل في حكم الطاغية المخلوع الهارب وابيه الى مكاناً للطم والخزعبلات واعمال لا تَمُتُّ الى الأفعال الانسانية بِصِلةٍ بعد ان كان في زمن ذلك الخليفة الشاب العادل امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز مصدراً للإشعاع الفكري والحضاري والانساني بأرقى صورة عرفتها البشرية على هذه الارض بعد الخلافة الراشدة والتي سبقها عدالة ذلك الملك العادل الذي كان يحكم الحبشة " النجاشي "
صاحب الذكر الطيب ،
ايها المنادون اليوم بالعدالة والمساواة والحرية على ارض الشام اما قرأتم تاريخ هذا الخليفة الشاب الذي ملأ ليس بلاد العرب والمسلمين عدلاً بل ملأ اصقاع الأرض كلها ، أما عَلِمتُم انه لم يبقى في زمنه فقيراً قَطّ ، ألم تقرأوا انه قضى الدَيْنَ عن المدينين من المسلمين واليهود والمسيحيين وانه زوَّجَ كل الشباب العازبون ،ألم تقرأوا انه أمرَ بان يُنثَر القمح على رؤوس الجبال حتى لا يأتي بعده زمان يقال فيه ان الطير جاعت في زمن عمر ؟ ام انكم تعرفون وتُعرِضون !!
هذه ثقافة واخلاق وسلوك عربي واسلامي اصيل منذ الجاهلية الى يومنا هذا ،ولكنها غير منزهة عن الخطأ والانحراف وارتكاب افعال خاطئة وسلوكيات طارئه ،
ولكنها امةٌ ضاربة جذورها في الارض كشجرة مباركة اصلها ثابت وفرعها في السماء، تكبوا ولكنها ككبوة الجواد تنهض من جديد لتعود لتأدية رسالتها الخالدة في نشر وارساء قواعد العدالة والمساواة والحرية على هذه الارض بأسمى صورةٍ وبموضوعيةٍ وعقلانيةٍ راقية ،
سلوك لا إفراط فيه ولا تفريط ، سلوك منضبط على منهجٍ وطريقٍ قويم كما قال عنها خالق الاكوان وخالق الانس والجان لا كما تصفها الصحيفة الفرنسية المتطرفة سيئة الذكر "شارلي إيبدو" بل كما وصف وظيفتها وأرادها خالقها بقوله سبحانه وتعالى ؛
( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )
لا قبول لتطرف على ارض الشام ولا على اي ارض عربية إسلامية من اقصاها الى اقصاها ، كل غيور على هذه الامة يرجو ويأمل بان يكون هذا الشاب ومن معه والذين سيطروا على سوريا اليوم على مستوى حَمل هذه المسؤولية العظيمة بما يليق بها وبما هي مؤهلة له أصلاً من حُكمٍ رشيد يُعيد الصورة الحقيقية المشرقة لأرقى سلوك بشري يرضاه ويقبل به ويتمناه كل عاقل على هذه الارض وان يمحوا الصورة النمطية الخبيثه التي ارادها اعداء هذه الأمة لاعطاء ابشع صورةٍ عنها عملوا عليها عقوداً طويلة من الزمن .
لا شرقية ولا غربية، مطلباً لا رجوع ولا تنازل عنه لكل عربي أبي ،أن تعود الشام منارة للعلم والعدل وأعلى القيم ، محمية بعدلِ ابطال عِظام يصونونَ ويُحسِنونَ حَملَ السيف وحَمل القلم .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-01-2025 01:12 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |