07-01-2025 08:53 AM
سرايا - من خلال قصيدة النثر ذلك النص المراوغ الذي أسس وعياً جمالياً مختلفاً استطاعت المرأة أن تعبر عن ذاتها بحرية أكبر دون قيود، ومن خلال وعي خاص بها يعكس معاناتها، وينقلها من الهامش لتحتل المتن.
ومن خلال هذا الفضاء المفتوح المسمى قصيدة النثر طالعتنا الشاعرة المغربية «مليكة عزفا» بديوانها ذي العنوان المطروق «كبرياء رجل» والذي يضم مجموعة من النصوص التي تتسم بالعاطفية الذاتية، والتي تحمل شكلاً تعبيرياً نسوياً ذا مرجعية ثقافية عربية، بما يحمله من شفرات تراثية، وأنساق لغوية تتماس مع أصوات المرأة في القصيدة العربية دون أن تفقد هويتها وسمتها الأحادي، من خلال تلك اللغة البسيطة الطيعة التي رسمت الشاعرة من مفرداتها صورة هذا الرجل ذي الكبرياء، فقدمت ذاتها الأنثوية ذائبة في حضرة كبريائه، وكأنها تستمد حضورها من حضوره: أحرقني لهيب عشقك/ حتى انصهرت/ ثم جمدني غيابك/ حتى انكسرت/ وما بينهما فقدت نفسي/ هكذا صرخت كلماتي/ حين اخترت الرحيل/ وتركتني/ أقاوم ألم الهجر/ وحدي (ص 52).
تتبدى صورة الأنثى العاشقة في تلك النصوص مثالية واقعية، فهي المنكسرة المنهزمة أمام معشوق ذي كبرياء لا يليق بهذا الحب الذي تحمله له تلك الأنثى، وفي ذات الوقت هي لا تملك سوى دموعها التي تسكبها على الورق أمام هذا الصلف والتنكر الذي تقاسيه من هذا الحبيب الذي لا يبالي بحبها: شتان ما بين وجهك/ المضيء كالبدر/ وحبك المستبد الجائر/ ظننت أني إذا ما تمسكت بك/ سأطفو على سطح البحر/ وأنجو لأخبر العالم/ أن حبك وهبني الحياة/ لكن متى تعلقت بك/ كان الغرق في العمق نصيبي (ص 92).
وعلى الرغم من بساطة اللغة ونمطية الصورة الشعرية في نصوص مليكة عزفا إلا أن الصدق واضح في كل حرف خطته في هذا الديوان، الصدق الفني والصدق الإنساني بمعناه المباشر، ولعل هذا هو ما يغفر للشاعرة هذا الاسترسال المجاني في بعض نصوصها، وهذا الاستسهال الفضفاض في نصوص أخرى لم تقدم خلالها الشاعرة جديداً لا على مستوى المعنى ولا على مستوى المبنى، فقط جاءت تلك النصوص تشبه الفضفضة العابرة دون أن تضيف جديداً كنصوصها المعنونة «خلف قضبان الهوى، نبض فؤادي، وجع الحنين» مقارنة بنصوص أخرى احتواها الديوان حملت لغة حية نابضة وصوراً شعرية بها الكثير من الجدة والطزاجة كنصوصها المعنونة «كبرياء رجل، إصرار، في مواسم جنوني» وغيرها: على ناصية أنفاسي/ أحاول أن أكتب عنك/ لأختزل المسافات إليك/ وأغفو على ترانيم قصيدتك (ص 101).
إن عاطفية اللغة في نصوص الشاعرة باب يفضي إلى مجازات تحتضن تلك اللغة، فتؤنسن الأشياء وتبحر في التفاصيل، كما تفضي تلك اللغة إلى خيال خصب يؤطر تلك العواطف بأطر تشكيلية مختلفة على حسب ما تقتضيه الحالة الشعورية، وهي لغة حَرٍيّة بانسياب عواطف المرأة دون قيود، وهو ما يخلق لدى المتلقي حالة من التفاعل مع النص: أغفو على غصن فؤادك/ مثل يمامة أنفض ريشي/ من لوعة اشتياقي/ أنظم أشعاري (ص 40).
وفي النهاية أهمس في أذن الشاعرة بألا تتعجل في كتابة نصها، وأن تترك الفكرة حتى تختمر داخلها تماماً قبل أن تسكبها على الورق، فهناك نصوص بالديوان كتبت على عجل، فلم تضف جديداً، فالشعر فن التجريب والتريث. ولكن الديوان في مجمله جيد يستحق القراءة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-01-2025 08:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |