09-01-2025 03:01 PM
بقلم : محمد خروب
استكمالاً لِمقالَتي أمس الثلاثاء، وقبلها مقالة/الإثنين، حول الدراسة المُطولة التي أعدها «غاي لارون» (مُحاضر أوّل في قسم العلاقات الدولية، في «الجامعة العبرية» في القدس المُحتلة، قام بنشرها في موقع «كاتاليست» (catalyst)، وهو موقع تابع لمنظمة عالمية «غير ربحية»، تأسست في العام ١٩٦٦، وهي منشورة في موقع «عرب ٤٨» في الداخل الفسطيني). وفيها يُضيء الكاتب على مسيرة مجرم الحرب/ نتنياهو، منذ بروزه على الساحة السياسية، رابطاً ذلك بالتحولات الدراماتيكية التي شهدها الكيان العنصري، على الأصعدة كافة، وبخاصة بعد «الإنقلاب الإنتخابي» الذي قاده الإرهابي مناحيم بيغن في أيار عام ١٩٧٧. مُطيحاً «حزب العمل»، الذي واصل الحكم منذ النكبة الفلسطينية حتى ذلك اليوم، الذي جاء بتحالف أحزاب اليمين الفاشي الى السلطة، ولما يزل في المشهد منذ ذلك الحين.
يلفت لارون إلى أن ميلتون فريدمان ذهب في تموز/ 1977 إلى إسرائيل، إذ دعاه البروفيسور دون باتينكين من الجامعة العبرية، لتلقي درجة فخرية وإلقاء ندوة. وقد رحبت الحكومة بفريدمان، وطلبت منه البقاء لفترة أطول حتى يتمكن من المشاركة في بعض المشاورات غير الرسمية. وكما أوضح نائب وزير المالية للسفير الأميركي، فقد اختير فريدمان «الاستثمار فكرة الليكود، من أجل تحرير الاقتصاد الإسرائيلي مع هيبة اسم فريدمان». واستغل فريدمان الذي يعرف كيف يتعامل مع وسائل الإعلام زيارته لإجراء عدة مقابلات مع الصحف الإسرائيلية. واستغل شهرته بوصفه خبيراً اقتصادياً بارزاً لـ«بيع الأجندة الاقتصادية لحكومة الليكود الجديدة إلى الجمهور الإسرائيلي، والتي تضمنت الخصخصة وإصلاحات السوق الحرة».
وكما اتضح - يضيف لارون في ملاحظة لافتة - في حين كان وزراء الليكود على استعداد للقاء فريدمان خلال زيارته القصيرة، فإنهم لم يتشاوروا معه بشأن خططهم، ولم يكن لفريدمان أي تأثير على القرارات التي اتخذوها. لقد أدرك فريدمان جيدًا–أردف الكاتب - أنه لم تكن لدى الحكومة الإسرائيلية «أي نية للاستماع إلى نصيحته»، إلا إنه كان يعتقد «أنني أستطيع أن أكون أكثر فائدة، من خلال توفير قدر من الاحترام والهيبة، للبرنامج الاقتصادي للحكومة الإسرائيلية». وبعد سنوات قليلة فقط من تلك الزيارة المشؤومة، بذل فريدمان جهوداً لـ «إبعاد نفسه» عن البرنامج الاقتصادي لحزب الليكود. ومن السهل أن نفهم السبب. فقد كانت سياستها الاقتصادية فوضوية للغاية خلال سنواتها الأولى في السلطة».
كيف نجح الليكود في جذب ناخبيه؟
عمل حزب الليكود على تفكيك البرامج الاجتماعية الشاملة، وفي الوقت نفسه - أضاف الكاتب عمل الليكود على خلق آليات تعويض عملت على تخفيف الآثار القاسية الناجمة عن إصلاحاته السوقية، لكن هذه المؤسسات لم تكن متاحة » إلا للمجموعات التي كانت مستعدة لدعم الرؤية القومية والدينية لحزب الليكود». وكان المثال البارز على ذلك هو سياسة الليكود في ما يتصل بالإسكان العام. حيث انخفض بناء المساكن العامة داخل إسرائيل» انخفاضا حادًا في ظل حكم الليكود، من 27,730 شقة عام/ ١٩٧٥ إلى (7320) شقة عام/1983. وركزت وزارة الإسكان بقيادة دافيد ليفي (عامل) البناء السابق، ورئيس نقابات الهستدروت)، كل مواردها على تطوير تجمعات حضرية شديدة التركيز في الضفة الغربية المحتلة.
لماذا تبنّى حزب العمل الإسرائيلي النيوليبرالية؟
تمثل خطة الاستقرار التي جمعت الليكود وحزب العمل في إئتلاف حكومي بين عامي ١٩٨٤–1991. «م.خ») اللحظة التي أصبحت فيها «الأيديولوجية النيوليبرالية مهيمنة». لم تعد الخطة مشروعاً يمينياً. وبفضل المشاركة الحماسية لحزب العمل، «أصبحت النيوليبرالية سياسة مشتركة بين الحزبين». والسؤال هنا عن السبب. ما مصالح حزب العمل في الترويج لهذا المخطط؟. لا شك - يجزم لارون - أن للضغوط الأميركية دوراً في هذا، ولكن ما يبرز بوضوح هو «مدى ضآلة مقاومة بيرس للمطالب الأميركية، فمن المؤكد أنه كان بوسعه أن يُدافع قليلا، بالاعتماد على المقاومة داخل حكومته».
السلام النيوليبرالي رابين والتسعينيات الصاخبة
كانت إسرائيل بحلول أواخر ثمانينيات القرن العشرين، قد أدخلت التغييرات على اقتصادها التي سمحت لها بأن تصبح جزءاً من المشروع الذي تقوده الولايات المتحدة، لـ«العولمة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة». تمكنت إسرائيل - أضاف لارون - من تحقيق التوازن في ميزانيتها واستقرار عملتها. وقد أدّت خصخصة صناعات الهستدروت وبعض شركات القطاع العام، إلى خلق فرص مربحة للمستثمرين من القطاع الخاص إلا انه ثبت أن اندلاع الموجة الأولى من الانتفاضة الفلسطينية، التي بدأت عام/1987، كانت عبئاً على الاقتصاد وعائقاً أمام الاستثمار الأجنبي المباشر. لقد اختفت إحدى الفوائد الرئيسية التي جلبها الاحتلال للاقتصاد الإسرائيلي، أي «توفير العمالة الفلسطينية الرخيصة»، حيث لم يُسمح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل خلال سنوات الانتفاضة.
كانت كانت حقبة أوسلو - يكشف لارون - بمثابة «نعمة كبيرة للبرجوازية الإسرائيلية ورأس المال الخاص». واستمرت «الخصخصة بوتيرة سريعة» في قطاعات متنوعة، مثل: الإسكان والنقل والموارد الطبيعية والاتصالات والتعليم وبناء السفن. كما ألغيت الرسوم الجمركية، وزاد دخول إسرائيل للأسواق العالمية.
ثمة الكثير يمكن الإضاءة عليه، في دراسة طويلة كهذه، يزيد عدد كلماتها على (11«ألف») كلمة. وثلاث حلقات لن تفيها حقها. ما يستدعي الإعتذار والتوقف هنا.
kharroub@jpf.com.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-01-2025 03:01 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |