حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,12 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2168

رحل صاحبها اليوم .. مقهى الشابندر ايقونة ثقافية بغدادية لم تغلق ابوابها منذ 118 عام

رحل صاحبها اليوم .. مقهى الشابندر ايقونة ثقافية بغدادية لم تغلق ابوابها منذ 118 عام

رحل صاحبها اليوم .. مقهى الشابندر ايقونة ثقافية بغدادية لم تغلق ابوابها منذ 118 عام

12-01-2025 08:27 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - من ابرز طقوس زيارة بغداد هي التمشي، نهارا او مساءا، في شارع المتنبي، ولا بد من شرب الشاي في مقهى الشابندر الذي يقع عند نهاية الشارع قريبا من القشلة، مبنى الحكومة في العهدين العثماني والملكي.

تحول هذا المقهى الى مزار للبغداديين وللعراقيين القادمين من جميع مناطق العراق وخارجه، اجيال مختلفة، من النساء والرجال، شعراء وكتاب وفنانين ينشغلون بداخله باحاديث متنوعة، خاصة يوم الجمعة. عراقيون قادمون من بلدان غربتهم يشدهم الحنين للجلوس على مقاعد (كرويتات) المقهى بينما تحيط بهم صور العراق الحديث منذ بداية تاسيسه في مستهل العشرينيات، ولا بد من التقاط الصور التذكارية عند بوابة المقهى او بداخله.

فاجئتني الناشرة والكاتبة السورية الاكاديمية سمر زليخة التي التقيتها في جناح مؤسستها (ياسمينا) في معرض العراق الدولي للكتاب بنسخته الخامسة، وهي تطلب مني مرافقتها لزيارة مقهى الشابندر..سالتها ان كانت قد زارته سابقا، نفت ذلك وقالت" هذه المرة الاولى التي ازور بها بغداد، لكنني سمعت عن هذا المقهى كثيرا من صديقاتي واصدقائي سواء في سوريا او الامارات العربية، وقيل لي اذا لم تزوري شارع المتنبي وتشربين الشاي في مقهى الشابندر كانك ما رايت شي ببغداد".

عبرنا من جهة الكرخ الى شارع المتنبي بواسطة البلم (الزورق) البغدادي، وهذه الطريقة تتيح للزائر الاستمتاع بعبور دجلة ومشاهدة مناظر بانورامية للساحلين بجهتي الكرخ والرصافة وابنيتها، خاصة القشلة وجسر الشهداء حيث تحلق النوارس.. عندما ترجلنا عند تمثال المتنبي، الذي نحته الفنان سعد الربيعي،وهو يختلف عن تمثال المتنبي الذي كان قد نحته الفنان محمد غني حكمت والموضوع في باحة دار الوثائق و الكتب، حيث ازدحم الزوار للالتقاط الصور التذكارية، ارتسمت علامات السعادة على وجه ضيفتي السورية، وخطواتنا تدشن المسير في شارع المتنبي الذي كان في السابق يخلو من المارة وتغلق ابواب مكتباته بعد الظهر، لكنه اليوم تحول الى حياتين، منذ الصباح حتى ما بعد الظهر حصة المكتبات وبيع الكتب على الارصفة وملتقى للادباء والفنانين، وفي نهار الجمعة تنشط فعاليات في المركز الثقافي البغدادي وفي دار المدى للثقافة والفننون وفي حدائق القشلة المحاذية لنهر دجلة.

الكاتبة السورية سمر زليخة امام المقهى

الشارع في الحقيقة مهرجان يومي للكتب والنقاشات الثقافية، فاجئنا شاب بغدادي يضع على رأسه السدارة الفيصلية، نسبة للملك فيصل الاول الذي كان اول من ارتدى غطاء الراس هذا، يسال عن الاسم ليرتجل قصيدة عن صاحبة او صاحب الاسم، وهناك اكثر من رسام بورتريه وموسيقى وعروض مسرحية ومحاضرات في شتى المواضيع.

دلفنا الى مقهى الشابندر لاحتساء الشاي البغدادي الاصيل، كان الحاج محمد الخشالي، صاحب المقهى والذي تسلم ادارته منذ عام 1963، حتى وفاته اليوم السبت 11 كانون الثاني 2025، يتصدر مجلسه وعلى يساره خمس صور لابنائه الذين كانوا ضحية حادث التفجير الارهابي المروع عام 2007، والذي احرق اقدم واعرق المكتبات ودور النشر واكثر من 70% من شارع المتنبي في اقسى فاجعة المت بتاريخ بغداد الثقافي، وهذا ما دفع صاحب المقهى الى تغيير اسم المقهى الى(مقهى الشهداء) لكن بقى(الشابندر) العنوان المتداول للمقهى العتيق وسَمي بأسم الشابندر نسبة إلى أسرة الشابندر وهي إحدى العوائل البغدادية القديمة التي عُرفت بالغنى والجاه، وكانت تَعمل في مجال التجارة والسياسة.

جمهور المقهى مختلط من كلا الجنسين، ويعتبر أحد المعالم الثقافية المهمة في العراق، وهو اول مقهى شعبي، وربما الوحيد، الذي يلتقي فيه النساء والرجال ومن مختلف الاعمار. وهو ايضا من أشهر المقاهي القديمة في بغداد، حيث بُني كمطبعة (مطبعة الشابندر) عام 1907 وكان يملكها موسى الشابندر، الذي أصبح وزيرا للخارجية في العهد الملكي عام 1941 في وزارة رشيد عالي الكيلاني.


وحسب الخشالي فأن :" المَقهى تأسس عام 1917 لكن تاريخ بناؤه أقدم من ذلك فهذا المبنى كان في السابق مَطبعة لطبع الكتب،وأن المؤسس لهذا المَقهى هو محمد سعيد الجلبي الذي بناه على رُكام مَطبعة موسى الشابندر والتي بُنيت بين عام 1907 وعام 1914 وقَد نُفي موسى الشابندر إلى خارج العراق بسبب بعض الوشايات غير الصحيحة من قبل بعض التجار، وبعد وفاة صاحب المَقهى إلتزم أبنه محمود الجلبي المطبعة والمقهى وأعادة تفعيلها من جديد". مضيفا أن:" المَقهى كان يرتاده كَبار الموظفين والمسؤولين في الدولة العراقية مثل نوري سعيد وعبد الكريم قاسم والملك فيصل والنواب والوزراء وخصوصاً في زمن المملكة العراقية.."

واوضح الخشالي"كان المقهى مُنطلق للعديد من المُظاهرات والأحتجاجات التي مر بها البلد في القرن العشرين كمظاهرة التنديد بمعاهدة بورتسموث عام 1948".منبها الى إن:" مقهى الشابندر يختلف كثيرا عن المقاهي الأخرى، فهو بمثابة المنتدى الدائم للثقافة والفكر والفن والسياسة، وبعيدا عن ألعاب التسلية التي تنتشر في المقاهي الأخرى، فأبوابه مفتوحة للجميع من الذين يريدون الاستفادة من الأدب والثقافة والسياسة".

وعن استمرار عمل المقهى بعد التفجير الارهابي، قال محمد الخشالي، وبصوت حزين:" ان الرغبة الشديدة في إبقائه كمركز جذب ثقافي والمحافظة على معالمه وهويته الثقافيتين منذ أكثر من 80 عاما، دفعتني للتغلب على المصاعب التي واجهتني بعد حادث التفجير الذي دفعت ثمنه خمسة من أبنائي".

مقهى الشابندر الذي يُعد أيقونة ثقافية وتراثية من ايقونات بغداد الحضارية، بني وفق الطراز المعماري المحلي وباستخدام مواد اولية بغدادية، الطابوق والجص وبشبابيك ذات زجاج ملون ومؤثث بـ (الكرويتات) وهي مقاعد بغدادية مصنوعة من الخشب.

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 2168
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-01-2025 08:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم