12-01-2025 01:48 PM
بقلم : علي القيسي
عنوان الكتاب لافت (من له الله له كل شيء) عبارة توحي بالايمان والتدين والاتكال على الله في كل الأعمال ، أراد الكاتب أيمن أن يبدأ مجموعته القصصية بهذه العبارة الدينية ، وهذه المجموعة من القصص جنّسها المؤلف بالرواية وهو البطل حابس ، ولكن بعد قراءتها وجدت انها أقرب الى القصص المستقلة ، كل قصة لها حكاية وحدث وشخوص ، وفي الأدب يقال عنها متواليات ، كل قصة تفضي الى قصة .
وهذا النوع من الأدب القصصي موجود وهو أمتداد للأدب التراثي ، فالقصص اجتماعية واقعية تشعر وأنت تقرأها كأنها حدثت معك أو مع غيرك ،فيها الصدق والعفوية والسلاسة ولغتها بسيطة ويتخللها كلام بالعامية ، مما يزيد واقعيتها واسلوبها المحكي في المجتمع المحلي، قصص تتحدث عن قضايا ومشاكل وأحداث انسانية
مر بها البطل حابس وهو الراوي ، يتحدث فيها عن الناس الذين اجتمع بهم في مراحل الحياة وفي الزمن الماضي ، فهو يعيد هذه المشاهد والصور القصصية الى الحاضر ويستذكر الأحداث التي عاشها في مختلف الأماكن التي كان يزورها أو يعيش فيها من عجلون ، وعمان ، وتركيا ،وامريكا ،والصين وغيرها ، يسرد تلك الحكايات وكأنها تحدث للتو ، في الجامعة التي درس فيها ، وفي عجلون مع الأقارب والأصدقاء ، وفي أيام الطفولة والصبا
فالسرد متسق ومنتظم ومشوق ، هي قصص قصيرة ، صفحة أو أكثر أونصف الصفحة ، يذكر أسماء الأشخاص بوضوح ، والأحداث التي مروا بها ، والمكان الذي شهد هذه الاحداث ، إذن الزمان والمكان والأحداث والشخوص كل ذلك يشكل القصة الفنية الأدبية ، ولكن الحبكة في هذه القصص لم تكن حاضرة بالمعنى الفني ، وقد جاءت ضمنية في القصص ، ولا تشعر بغيابها نظرا لاسلوب الكاتب أيمن السلس والفني بنهاية القصص ،فهي نهايات مقفلة كاملة تشعر أن القصة اكتملت بنهايتها المدهشة
ولكن نهايات قصص أيمن مزاهرة بعضها يقفل على فاجعة الموت ، أو على مصيبة حيث بعض الشخوص في نهاية كل قصة مصيرها الموت أو الضرر في صحته أو في ماله الا من رحم ربي.
فقصة: زاهي والأرض ص٩٥
تنتهي هذه القصة بموت أم زاهي بعد أن "وقعت بحفرة أثناء الحفر على الشجر ، وقعت أم زاهي وانتقلت الى حوار ربها "
وفي قصة : الكبيرة أو الصغيرة ص٩٤
" وتشاء ويشاء ربك أن تصاب سعدى بمرض عضال لتنتقل للرفيق الأعلى "
ويمضي السارد المتكلم حابس في سرد قصصه التي يصفها بانها جزء من رواية ، وربما تكون رواية لو أن الفنية موجودة ، والشروط متوفرة ، وشروط وقواعد الرواية تختلف عن القصة ، فالقصة القصيرة تبدأ وتنتهي بحدث محدد في زمانه ومكانه وعدد الشخوص قليل ، وهكذا " من له الله له كل شيء" هذه الجملة دائما تنتهي بها كل قصة ، وأرادها الكاتب أن تكون كذلك ، كل قصة تنتهي بهذه العبارة الدينية ، من له الله له كل شيء ، وهذا يتكرر كثيرا في النهايات ، فالبعد الديني واضح في المجموعة ، هناك التسليم بقدرة الله ، والاستعانة بالله ، والاتكال على الله ، " وله الحول والمنة فهو نعيم النصير ، لله درك ياسلامة من له الله له كل شيء .
العبارة الدينية أو الايمانية في المجموعة ملفتة تماما ، وتطرح أسئلة كثيرة ، فنهاية كل قصة تختم من له الله له كل شيء ، وهذا اسلوب فريد من نوعه ،،انتهجه القاص أيمن مزاهرة
لا اذكر أنني قرأت قصصا تنتهي بعبارة أو جملة ذاتها ، وتتكرر في كل القصص ، من له الله له كل شيء ، ولِما الدهشة طالما العنوان ذاته بدأ فيها ،،العنوان دال يدل على تكرار هذه الجملة وهي بالمناسبة كلمة جميلة وسامية وإيمانية لاشك فيها ،، إنما تكرارها يدعو للتساؤل في القصص ، لماذا أراد القاص وضعها في نهاية كل قصة ؟
هل هذا التكرار مفيد للسرد أم النهاية ،
فتكرار هذه العبارة في نهايات القصص ،، يقلل من زخم القصة وفنيتها وتصبح متوقعة ومؤلفة !!
ومن ناحية السرد القصصي فهو جميل وسهل وبسيط والكلمات واضحة ومعانيها مفهومة ، ولا أنسى أن الكاتب القاص الدكتور أيمن مزاهرة لم يكتب في الماضي في موضوع الأدب والقصص ، ولكنه كتب في المواضيع العلمية وله الكثير من الاصدارت العلمية والاكاديمية المعروفة.
وهذه تجربته الأولى في كتابة القصص والرواية والأدب بشكل عام ،
وهذا جهد كبير بذله في هذه التجربة الجديدة ، وكان الابداع واضحا وظاهرا في تجربته الأولى البكر ، ولديه مقومات وروافع الاستمرار في هذا المجال ، فالأسلوب متمكن والموهبة أصيلة ، واللغة جيدة ومتطورة ، وفي الختام أرجو له دوام التوفيق والنجاح في اصدارات أدبية أخرى.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-01-2025 01:48 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |