13-01-2025 08:40 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
سألني صديق عن رأيي في مناقشات مجلس النواب على مدى الأسبوع الماضي حول موازنة الدولة للعام 2025، فأجبت بلا تردد أنها منطقية ومتوازنة، وأن نقطة الالتقاء بين الجميع قد تركزت على كيفية زيادة الإيرادات من دون أن يكون ذلك على حساب المواطن، سواء بالضرائب المباشرة وغير المباشرة أو زيادة أسعار السلع الأساسية، وهي نقطة يحق للمجلس أن يلحّ عليها، ويتوجب على الحكومة أن تعمل على جعلها معادلة موضوعية، ونقطة توازن ترتكز عليها، لأنها ستكون أحد أهم معايير نجاحها أو فشلها في إظهار مدى تلمسها لأحوال الناس وقدرتهم على تحمل أعباء المعيشة من ناحية، وستكون كذلك مؤشراً على تجاوبها مع المواقف التي عبر عنها النواب أفراداً أو مجتمعين في كتلة حزبية أو نيابية.
في مقابل تسعين نائباً صوتوا لصالح إقرار مشروع الموازنة هناك اثنان وأربعون نائباً– إذا أخذنا في الاعتبار غياب ثلاثة نواب– لم يوافقوا عليها لاعتقادهم أنها لا تعبر عن وجود تغيير ولو طفيف في أسلوب إعدادها، كما أنها لا تحمل دلالات كافية على أي نوع من التفكير خارج الصندوق، فضلا عن قناعة بعضهم أن الحكومة لن تكون قادرة لا على خفض النفقات، ولا زيادة الإيرادات، ولا التوقف عن الاقتراض، وتلك وجهات نظر قد تصح وقد تخطئ تبعاً للتوقعات التي اعتمدتها الحكومة لتحقيق برنامجها الاقتصادي والمالي الذي تتحكم فيه الكثير من العوامل الداخلية والخارجية!
العوامل الخارجية وما أكثر، يكفي أن أشير إلى مثال قريب جداً وواضح كل الوضوح، فسورية وما جرى فيها من تحول كلي قلب الوضع فيها رأساً على عقب، وكيف بادر بلدنا على الفور نحو التعامل الموضوعي مع ذلك التغير، وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السيد أيمن الصفدي أول وزير عربي يصل إلى دمشق ويلتقي بالقيادة الجديدة هناك، وبدأنا نتابع إمكانية إيصال الكهرباء من الأردن إلى سورية، وتحركت بوادر تصدير الإنتاج المحلي إليها وبالعكس، ولكن ماذا لو أن الوضع هناك ولأي سبب من الأسباب لم يستقر بالصورة التي يتمناها الجميع؟ وماذا لو وجدنا أنفسنا مضطرين لأخذ تدابير عسكرية وأمنية في مواجهة احتمالات من ذلك النوع؟ هل يمكن لأحد منا أن يلوم الحكومة على أمر خارج إرادتها، بل خارج رغبتنا جميعا في أن نرى الشعب السوري الشقيق ينعم بالأمن والاستقرار والازدهار، تماما كما هي أمنياتنا للشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، وللمنطقة بأسرها؟.
هنالك فرق كبير بين الظروف الخارجية حين تفرض نفسها علينا وعلى غيرنا وبين التحجج بها لتبرير تراجع هنا أو هناك، ولعل تلك النقطة قد أشير إليها مراراً في مداخلات أعضاء مجلس النواب، فالتوقعات بشأن الإيرادات وحتى النفقات يفترض أنها تأخذ في الاعتبار تأثر المملكة بمحيطها الإقليمي سلباً وإيجاباً، فضلا عن الوضع الدولي وما يواجهه من أزمات وتغيرات يتحدث عنها المختصون بكثير من الشك والتشاؤم والتحذير من انهيار كبير.
كانت مناقشات مجلس النواب تدور في فلك تلك التخوفات، وبغض النظر عن الطريقة التي اعتدناها في كيفية تعبير بعض النواب عن آرائهم، فقد لمسنا في المقابل مقدار الرزانة والإحساس بالمسؤولية لدى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان وفريقه الوزاري، وقد تجلت تلك الصورة في رد وزير المالية عبد الحكيم الشلبي وهو يؤكد أن جميع الملاحظات قد تم توثيقها، وأن الحكومة ستوليها كل عناية واهتمام، والوزير يتعهد بذلك وهو يعرف بالطبع أن بإمكان النواب التأكد من ذلك في أي وقت!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-01-2025 08:40 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |