15-01-2025 09:56 AM
بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
... يتجول فيصل القاسم في سوريا الآن، يزور مطاعم الشام.. وتلتقط ابنته صورا مع الجولاني، ويمر على منزله في السويداء الذي هدم، ويلتقط صورا على (التك توك) مع الناس، ويتحدث عن حنينه لسورية وعن غيابه.
محمد الماغوط كان أشد حنقا عن النظام السياسي السوري من فيصل القاسم، لكنه لم يغادر سوريا.. ظل يقاتل من داخلها، ومحمد الماغوط لم يترك شجارات على شاشة التلفاز وشتائم، لكنه ترك أهم المسرحيات والكتب.. هو من أسس مداميك السخرية السياسية في العالم العربي، وهو من أسس الرفض في الدراما والمسرح.. وهو من عرف شوارع دمشق وأزقتها ووجوه الناس فيها، كان الأولى بمشاهير التيك توك، وبقادة الرأي في سوريا زيارة قبر محمد الماغوط... وطرح السؤال التالي: ترى لو كان هذا الرجل على قيد الحياة الآن وشاهد هذه اللحظة.. ماذا كان سيقول؟
العودة لسورية لا تعني الانتقام ولا الانتصار، من يظن أنه انتصر فهو واهم.. العودة لسورية تعني أن التاريخ قرر إنصاف القصيدة والقلم، قرر إنصاف الشعب السوري. وقرر الانحياز للخلاخيل وللياسمين ولبردى، قرر أن يرفع قاسيون مرة أخرى.. وأن يعيد لسوق الحميدية بعض الفرح، وأن يعيد للعيون في الشام بعض وميضها الذي فقدته.
العودة لسورية.. لا تعني أن فيصل القاسم بحجم برهان غليون، لا تعني أبدا أن فيصل القاسم قدم للعالم العربي وللجامعات في الغرب، وللمكتبات في طنجة والبصرة ومراكش.. ذرة مما قدمه جورج طرابيشي في دفاعه عن الشام والمشرق العربي...
العودة لسورية.. لا تعني أن مذيعا انتصر على النظام ومن حقه المفاخرة بإنجازاته، بل تعني أن سيجارة حنا مينا قد اشتعلت ومن حقه أن يكتب رواية جديدة يعيد فيها صياغة معنى الرواية العربية، ويدخل أبعادا أخرى في السرد.. ويؤسس طريقته الخاصة في عرض المكان.
سورية ليست لمذيع أمضى حياته خارجها، سورية لدريد لحام الذي ظل صامدا فيها، وكان بإمكانه لو قرر المغادرة أن تحتضنه كل العواصم.. سورية لفهد بلان الذي جعل صوته يغزو العواصم العربية، سورية لميادة الحناوي التي نافست مسارح القاهرة واقتحمتها، سورية لأحفاد سلطان باشا الأطرش الذين ظلوا على خيولهم ولم يزيلوا السرج عن ظهورها...
سورية وإن كان النظام البائد قد أنتج قمعا وتدميرا واغتيالا للعقل كما يقال، إلا أن هؤلاء هم من قادوا التنوير واللحن واللغة في عالمنا العربي، ونشروا إبداعهم بالرغم من قيود النظام... سورية لا تختصر في مذيع أنتج برنامجا على فضائية..
سورية هي اللحن العظيم الذي حفظناه من أهلنا: (شدوا على الركايب يا اخوان لانتونا.. على بلاد الحبايب سوريا يا وطنا).
من انتصر في الشام.. الحياة، نعم الحياة هي من انتصرت.. وليس المايكريفونات وزراعة الشعر، وارتداء الكافلنجز، والحصول على إطار ذهبي للنظارات.
Abdelhadi18@yahoo.com
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-01-2025 09:56 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |