بقلم : عمر شاهين
ما ان سقط نظام بشار الاسد٨/ديسمبر ٢٠٢٤ ودخلت قوات احمد الشرع دمشق، لتعلن بداية حقبة الحكم الجديد في سوريا، بعد ٥٤ من حكم العائلة والطائفة باسم (حزب البعث). حتى اصيب العالم بالذهول. فالحاكم الجديد لدمشق بديلا عن النظام العلوي الطائفي الموالي لايران. يأت من سلسلة القاعدة ثم داعش ثم النصرة ثم تحرير الشام.ثم حاكما لسوريا.
حالة الذهول نتجت من هذا المد الاسلامي السياسي، الذي اصبح كالبركان كلما خمد بمكان ثاار بآخر..وهذا وجه كل اجهزة الاستخبارات العالمية والعربية الى مراقبة شاملة
ولكن الصورة فاجأت كل المراقبين. فالقائد الاسلامي القادم من صلب القاعدة، يظهر هذه المرة مرتديا بدلة وحذاء فاخر. وليس عمامة وثوب افغاني !. ولا يعطي البيان الاسلامي رقم واحد . كعادة المجاهدين السلفيين المتعلق بالحجاب. وتقييد الحريات وفرض المذهب السلفي الوهابي، وهدم القبور والمراقد.واغتيال العلمانيين.
بل ظهر احمد الشرع وهو يسمح بصور سيلفي مع فتيات مشترطا فقط تغطية شعرها.ولم يصرح ضد اي دولة قومية. ولا علمانية .بل يجلس مع مؤثري وسائل تواصل مجتمعي.ويستقبل مسؤولة المانية ترتدي بنطال ضيق جدا مع امتناعه السلام باليد . وقد خلع مسبقا لقب الجولاني.
حيث يمتاز قيادات وافراد الحركات المجاهدة.بكنيات من اسماء الصحابة او تعود لمناطقهم كالشيشاني. والمصري.و لبغدادي او الجولاني.
واعلن الشرع خلافه فقط مع المجرمين من الطائفة العلوية.والسنه. وبخلاف تدمير قبر حافظ الاسد. لم ينتج اي احتكاك طائفي. وسمح باضاءة اشجار عيد الميلاد في كل المحافظات. ولكنه لمح انه ملتزم لا يحضر مسرحا ولا اغاني ومع ذلك استمرت المطاعم والمقاهي كما قبل .ولنتخيل هذا بحكم جبهة النصرة سابقا .!
ومع ان آلاف الشيعه ذهبوا لسوريا للدفاع عن مرقد السيدة زينب. بشعار (لن تسبى زينب مرتين) كشعار طائفي يعنى به الاسر المؤقت لزينب الكبرى بنت رسول الله اثر استشهاد الحسين بن علي في حادثة كربلاء .واسر اسرته وخاصة زينب. تم حماية المرقد وحتى كتابة هذا السطور لم يتم الاعتداء على اي قرية لاسباب مذهببة او دينية.
لتسقط كل روايات الاقليات والطوائف وغلبة الاكثرية التي كان يروج لها النظام واغلقها الشرع .
هذه الصورة شجعت الغرب بعد زوال الصدمة لموسم زيارة دمشق والالتقاء مع الشرع الذي غادر قريبا اسم الجولاني الذي وضع سابقا،عشرة ملايين دولار لمن يدل عليه.
نحن نتحدث عن نقلة تاريخية لرجل انتقل من مبايعة القاعدة الى مبايعة ابو بكر البغدادي مؤسس داعش ثم الانقلاب عليه ومبايعة ايمن الظهراوي امير القاعدة ثم الانشقاق عنهم كلهم وتأسيس جبهة النصرة ودخول حرب مع داعش ثم الخلاصة تشكيل جبهة تحرير الشام بشكل سوري منفصل . بحيث لا تعرف هل هو اختراق غربي ام رجل اخترق الغرب.
الان بات معروفا ان جبهة تحرير الشام التي تحوصلت في محافظة ادلب كاستقلال تام اخذت شكل اسلامي بصياغة تركية ما بين الاخوان المسلمين والسلفية والتي إن حملت تشدد وتطرف مضاد للواجهة الشيعية المتطرفة و قد تظهر ان حالة التطرف كانت مؤقتة وخلعت ثيابها الان بعد انتهاء العلة .
فالشرع لم يدع لاي امتداد اسلامي جهادي . فهو يتحدث عن حالة سورية فقط.فهذا ليس ربيعا عربيا جديدا.ولا عودة للمد الاسلامي . الذي تتخوفدمنه دول عربية عدة. انما حالة سورية خاصة . لم يفتعل ثارات طائفية قد تمتد الى الدول التي يعيش بها عدد كبير من العلوين او الشيعة وعاد بشعار الثورة الاول ( وتحد وتحد الشعب السوري واحد)
كما اوصلت تركيا تلك الرسائل للسعودية والاردن وان الشرع لم يسع لحكم اسلامي متشدد بل لمح لحكم ديمقراطي. وان سيكون متأخرا وتجنب اي حديث عن التغول او لخواجهة الاسرائيلي . فخطته اولا بناء الدولة السورية جيشا واقتصادا وعلاقات خارجية طبعا مختلفة كليا عن تلك التي كان يديرها نظام الاسد منذ اعوام ١٩٦٤ ثم ١٩٧٠.وخاصة مع ايران وروسيا والتي تلقائيا اعلن عنها الشرع عن قطعها مع ايران وحزب الله وتسكينها مع روسيا
استطاع احمد الشرع استيعاب الجميع. داخليا وخارجيا .وواضح التفاف الاغلبية من السنة نحوه وقبول الاقليات . وبات ملاحظ انه الافضل للمرحلة التي نتمنى الا تستمر هكذا .
اتضح جفاء احد الدول الخليجية ومصر .وتقارب اردني سعودي لبناني حذر. وتقارب تركي و قطري منغمس طبعا.
لا بد ان انتصار الشرع الذي جاء كتسليم وليس حربا. اراح صدور كل من كان يعادي او يخش المد الايراني. فقد قطع طريق السلاح من ايران للعراق سوريا لبنان.
الساحة السوريا لا يمكن الحكم عليها الا اسبوع باسبوع. وكل السيناريوهات متوقعة ولكن ما حدث للان هو افضل الخيارات للجميع . شرط عدم انزياحه مع حرص امني مطلوب للشرع خشية اغتياله.فصورة هذه التغيرات المتسارعه لاحمد الشرع وجبهة تحرير الشام هو شكل ديني نموذجي نتمنى ان يقود سوريا بعد ان عانى سكان وشعوب كل المناطق التي ظهرت بها جماعات الاسلامي الجهادي من حروب الغرب او من تلك الجماعات.
وفي ظل احداث غزه وسعي عربي وغربي لانهاء وجود نموذج سياسي عسكري ديني. في غزة وكذلك ضعف حزب الله في لبنان جاء النموذج السوري بشكل جديد ليعيد تشكيل معادله لا نعرف اين تتجه، هل هو حكم اسلامي منفتح او حالة متشددة بمواجهة مذابح ايران وجماعاتها المتطرفه ان الذوبان بشكل سياسي جديد. سيحدد علاقة العرب والغرب معه .
فهل نحن امام تحولات للجماعات الاسلامية. ام ان جبهة النصرة كانت حالة تشدد خاصة بالحرب الاهليه السورية مقابل جبهة التشيع الاثنى عشري الذي احتمى به بشار الاسد بالتحريض الطائفي .
* عمر شاهين
كاتب اردني