21-01-2025 08:24 AM
بقلم : فهد الخيطان
الكارثة الإنسانية في غزة أكبر من أن يطوقها احتفال بالنصر أو اعتراف بالهزيمة. وسؤال اليوم التالي في غزة ينبغي أن يكون إنسانيا بامتياز.
لا قيمة للسياسة والصراع على حكم قطاع منكوب، وشعب مكلوم، فقد عشرات الآلاف من أفراده، ويعاني أزيد من مائة ألف جراحا ستبقى نسبة كبيرة منها اعاقات دائمة مع أصحابها. أجيال محطمة مهمتها الوحيدة ولسنوات طويلة رفع ركام المدن والأحياء المدمرة، والبحث عن رفات أحباء ما يزالون تحت الأنقاض، ومداواة نفوس مئات آلاف الأطفال المذعورين من الذين ولدوا وعاشوا على أصوات المدافع والانفجارات.
لا يحتاج سكان غزة إلى حكومة وسلطة أو مسلحين كالذين انتشروا في شوارع القطاع يوم أمس. كان هذا من مظاهر السلطة يوم كانت غزة عامرة بالحياة والناس والمباني. غزة في اليوم التالي بحاجة إلى هيئات إغاثة وفرق إنقاذ، ومساعدات غذائية بكميات كبيرة، ومستشفيات تعمل، ومياة شرب نظيفة، ومساكن مؤقتة تأوي العائلات المشردة.
لأشهر طويلة انشغل ساسة المنطقة والعالم في البحث عن جواب لسؤال اليوم التالي في غزة بينما العدوان الإسرائيلي يقتل ويدمر، وعن سلطة ملائمة لإدارة القطاع بعد وقف إطلاق النار. مع مرور الوقت لم يعد هناك أحياء ومناطق يمكن إدارتها بعد أن تحولت إلى خراب.
غزة اليوم بحاجة إلى بعثة أممية تشرف عليها وتديرها هيئة الأمم المتحدة، تتولى إدارة شؤون شعب حطمته الحرب، ومنطقة منكوبة. فرق تمثل مختلف هيئات الأمم المتحدة كالأونروا وبرنامج الغذاء العالمي، وفريق متخصص في إدارة المناطق المنكوبة يتولى تنظيم أكبر حملة مساعدات دولية، وأوسع عملية إزالة أنقاض وإيواء، فيما تتولى منظمة الصحة العالمية إعادة بناء المستشفيات والمراكز الصحية، وفي مسار موازٍ تقوم منظمة اليونيسف بدورها في العناية بالأطفال، وتعمل فرق أخرى من وكالة الغوث ومؤسسات خيرية عالمية بإعادة بناء المدارس وصيانة القائم منها.
أهل غزة في غنى عن السياسة والسياسيين وعن العسكر والشرطة، فحتى مهمة ضبط الأمن يمكن لقوات حفظ سلام دولية أن تتولاها. سكان اقطاع عانوا بما يكفي من شرور السياسة وحروبهم، ومن حقهم أن ينعموا بسلطة إنسانية فقط لاغير.
صحيح أن غزة جزء لايتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة، لكن مرحلة إعادة الإعمار وترميم أرواح البشر المحطمة، تتطلب إدارة مختلفة ربما لعشر سنوات مقبلة، لا تخضع لحسابات سياسية أو مصالح فصائلية. سلطة أممية تفكر بحياة الإنسان الفلسطيني في غزة، ومستقبل الأطفال، وحقهم في الصحة والتعليم والحياة الكريمة.
إذا كان العالم معنيا حقا بمساعدة الفلسطينيين وتعويضهم عما لحق بهم من نكبة لم يشهد العصر مثلها فليمنحهم فرصة التمتع بحياة جديدة في ظل سلطة لا تنظر إليهم على أنهم مجرد مشاريع موت وتهجير وقتل.
الأمم المتحدة تملك من الخبرات والكفاءات والتجارب ما يمكنها من تقديم هذه الخدمة الإنسانية العظيمة لأهل غزة، وما على المانحين سوى تقديم الأموال لهذه الهيئة التي تتمتع بأفضل مستويات الحوكمة والنزاهة لإدارة عملية الإعمار عوضا عن تجار السياسة الذين يتأهبون لنهب المخصصات.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-01-2025 08:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |