22-01-2025 09:17 AM
بقلم : ا. د. عبدالله سرور الزعبي
استكمالاً لمحور التعليم المهني والتقني في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، والتي كان من أهدافها أن يتم تحقيق زيادة في أعداد طلبة المدارس الذين يلتحقون بالتعليم المهني المدرسي من نسبة %4 بحيث تكون 35 % بحلول 2025، إلا أن المعطيات تقول بأن النسبة التي وصلنا إليها في عام 2023 هي %13 (تقرير اليونسكو 2023)، وهي لم ترتفع لأكثر من ذلك، وإن ارتفعت فإنها لا تزيد على %15، بالمقابل يشير تقرير اليونسكو إلى أن وزارة التربية حققت هدف تدريب المعلمين، مع تقدم بسيط في هدفين آخرين، الا انها لم تحقق بقية الأهداف الواردة في إستراتيجية الوزراة المنبثقة عن الإسترتيجية الوطنية للأعوام 2018-2025 (وهنا يؤكد تقرير اليونسكو بأنه لا علاقة لموضوع كورونا في موضوع تحقيق الأهداف (صفحة 94)، ويشير التقرير أيضاً بأن الوزارة قامت بأعداد خطة إستراتيجية غيرها للأعوام 2022-2027(صفحة 95 من تقرير اليونسكو) وكغيري من المتابعين نستغرب كل هذا التغير في الخطط الإستراتيجية دون تحقيق أهداف الخطط المعتمدة سابقاً، ولا مجال للخوض هنا في كافة التفاصيل الدقيقة.
وعلى الرغم من كل ذلك، فقط خطت وزارة التربية خطوات إيجابية نحو التعليم المهني في المدارس من حيث إدخال نظام Business and Technology Education Council (BTEC) في نظامها التعليمي كبديل للمدارس المهنية التي كانت قائمة منذ القرن الماضي. هذا ونأمل أن يلعب هذا النظام، (الذي باشرت الوزارة في تطبيقة في ستة تخصصات بداية العام الدراسي 2023-2024، ثم أدخلت عددا آخر من التخصصات مع بداية العام الدراسي 2024-2025)، دوراً مهما في تلبية احتياجات سوق العمل من العمالة الماهرة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الالتحاق بهذه المدارس يبدأ بعد إنهاء الطالب الصف التاسع من الدراسة المدرسية (وهو الذي طالبنا فيه ضمن برنامج وطني لتطوير المسارات المهنية والتجسير والنفاذية ومنح الشهادات المهنية وبما يتوافق مع الإطار الوطني للمؤهلات والذي كنا قد قدمناه للحكومة منذ بداية كانون الثاني 2019، وسأتحدث عنه في الجزء القادم من المقال).
كما جاء في الإستراتيجية الوطنية بأن أعداد الطلبة على مقاعد الدراسة في كليات المجتمع لعام 2016 كانت 20500 طالب في كافة المراحل، وهي نسبة لا تتجاوز 12 % من أعداد الطلبة الملتحقين في الدراسة في الجامعات، ووضعت الإستراتيجية مؤشرا للأداء بأن تصل هذه النسبة إلى 35 % بحلول عام 2025 (وفي الجزء الأخير من هذا المقال الخاص بمحور التعليم التقني سأتحدث عن الإجراءات التي اتخضت في النصف الاول من عمر الإستراتيجية في الكليات الجامعية المتوسطة حتى 2021.
كما اعتمدت الإستراتيجية بأن ترتفع نسبة الموظفين من خريجي التعليم المهني والتقني من خط الأساس (والذي لم تحدده) إلى خط الأساس يضاف له 10 % من الموظفين بحلول 2021 وخط الأساس يضاف له نسبة %30 من الموظفين. وهنا يبرز التساؤل، هل فعلاً حققنا مؤشرات الأداء هذه (مع ارتفاع كبير في نسبة البطالة منذ بدء تنفيذ الإستراتيجية)، أم أن النتيجة كبقية المؤشرات كانت سلبية؟
وهنا لا بد من التذكير بأن أعداد الشباب الذين كانوا قد أنهوا الثانوية العامة ولم يحالفهم الحظ أو لم يتقدموا لامتحان الثانوية كانت بواقع 250,000 (حسب البيانات الرسمية انذاك)، وكانوا بأمس الحاجة للالتحاق بنوع معين من التدريب للحصول على المهارات اللازمة ومنحهم شهادة دبلوم توازي المهارات التي اكتسبوها وإلحاقهم بسوق العمل، وهو الموضوع الذي كلفت الحكومة آنذاك جامعة البلقاء التطبيقية لإعداد برنامج خاص بهم، الأمر الذي تم فعلا، وتم اعتماده من قبل مجلس التعليم العالي، وطبق من بداية العام الدراسي 2016-2017، إلا أنهم تراجعوا عن آلية التنفيذ التي اتفق عليها بحلول عام 2019، وتم نقل المهمة إلى هئية تنمية وتطوير المهارات (موثق).
على الرغم من الدعم الحكومي المالي المقدم لوزارة العمل والبرامج المدعومة، بالإضافة إلى الدعم المالي بقيمة 52 مليون يورو جاءت على شكل دعم للموازنة لتدريب المعلمين وتطوير المناهج وتدريب العمال والعاطلين عن العمل، و40 مليون دولار من USAID للتدريب في مجال الصحة المهنية والمهارات الحياتية وغيرها من GIZ ومنظمة العمل الدولية واليونسكو، وهئية التدريب الأوروبية والبنك الدولي، إلا أن مؤشرات الأداء المنشودة لم تتحقق، ولم تنخفض نسبة البطالة بل قفزت إلى 21.5 %، حسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة 9/12/،2024 ولن أتطرق إلى أرقام اليونسكو لأنها أعلى من هذه النسبة بل أكتفي بالأرقام الرسمية، وكذلك نسبة الفقر التي قفزت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير بعض الأرقام بأن 16 % من الأردنيين دون خط الفقر، (إلا أن هناك تصريحا لمعالي ناصر الشريدة، منشور بتاريخ 23/9/2024 يشير إلى أن نسبة الفقر بلغت 24 % في عام 2021)، بينما يشير تقرير أطلس لأهداف التنمية المستدامة للعام 2023 بأن عدد الفقراء في الأردن 3.980 مليون (نسبة 35 %)، استناداً لمعطيات خط الفقر الوطني لكل دولة في العالم للفرد البالغة 7.9 دولار في اليوم.
كما سبق وأن سمعنا الكثير من الأعذار بأن تشتت القطاع يقلل من فاعليته في التطوير والتحديث، إلا أنه يمكن الإشارة هنا إلى التجربة الفرنسية لهذا القطاع (سبق وأن اطلعت وزملائي على هذه التجربة عن قرب وفي أكثر من زيارة استفدنا منها الكثير في نقل تخصصات وبعض التطبيقات لجامعة البلقاء التطبيقية 2017-2020) موزعة على 12 وزارة، إلا أن الأكثر فاعلية هم: وزارة العمل ووزارة التشغيل ومؤسسات أخرى مثل CNAM والكليات التقنية وغيرها، إلا أن لديهم عملا حكوميا مباشرا مع كل المستويات اللامركزية ومؤسسات المجتمع المدني تنظم العمل بفاعلية عالية (سبق لوزير العمل أن قام بزيارة لفرنسا للاطلاع على التجربة في عام 2017، وكنا في جامعة البلقاء قد انتهينا من الزيارة ووقعنا عندها عددا من الاتفاقيات التي نفذت لاحقاً).
ومع كل الذي تحدثنا عنه، من الواجب الإشارة هنا بأن العلامة الفارقة في إصلاح قطاع التعليم المهني والتقني كانت بصدور الإردة الملكية السامية خلال العقد الماضي بإنشاء جامعة ولي العهد التقنية والتي منذ البداية ركزت في برامجها على التخصصات المطلوبة لسوق العمل وإكساب وتسليح طلابها بالمهارات المطلوبة له، والتي بكل تأكيد ستنقل هذا القطاع نقلة نوعية وستكون علامة مميزة وفارقة في القريب العاجل بين مؤسسات التعليم العالي ليس في الأردن فقط، بل على مستوى المنطقة.
أن الإسترتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية تطرقت إلى إصلاح التعليم على مستوى الدرجة الجامعية المتوسطة، وهو الذي كانت تقع المسؤولية في تنفيذه على عاتق جامعة البلقاء التطبيقية والكليات الحكومية والعسكرية والخاصة، وهو ما سيتم التحث عنه في الجزء القادم من المقال.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-01-2025 09:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |