22-01-2025 11:48 AM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
أول كلمة بدأ بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه بعد اداء القسم كانت " اعادة السيادة الى امريكا " وتالياً بعض ما قاله حرفياً حسب ترجمة المختصين بالكلام والخطاب السياسي حيث قال :
سأضع أميركا أولاً .
سنستعيد أمننا وسيادتنا وميزان العدالة .
حكومتنا فشلت في حماية مواطنينا الذين يلتزمون بالقانون بينما دافعت عن مجرمين مدانين .
لن نسمح باستخدام قوة الدولة على أنها سلاح ضد الشعب وسنستعيد القضاء العادل .
منذ هذه اللحظة فإن الانهيار الأميركي قد انتهى .
انتهى النقل الحرفي لبعض ما قاله الرئيس ،
وهنا أتساءل ! اليست كل كلمة من كلماته توحي أن امريكا كانت مُرتَهَنة وان امرها لم يكن بيدها ! هذا ما يُفهم من كلام الرئيس نفسه
أو انها كانت مُختَرَقَه ! وهذا أيضاً تفسير يحتمله كلام الرئيس نفسه .
وهنا اقول انه ربما كان للتساؤل المكرر في مقالاتي
" من يجلس في قمرة القيادة يا أمريكان "
مُبَرِّرَاً لطرحه وأُعيده الان بناءً على ما افاد به الرئيس .
إن التناقضات الواضحة في السلوك السياسي والعسكري الامريكي الخارجي مع المصلحة الامريكية الداخلية تجعل هذا السؤال يقفز الى الذهن مباشرة
وهذا من وجهة نظر فرد من أفراد هذا العالم الذين يتابعون الاحداث دون تخصص او تكليف وانما كحال معظم الشعوب التي تعيش اليوم في تناقضات كبيرة ما بين شعارات وأفكار لا تتوافق بحال من الأحوال مع الواقع المُر الذي يعصف بها وذلك لاختلال ميزان العدالة واختلاف المكاييل بين الامم والشعوب وذلك لتحكم قوى طاغيه سيطرت على اهم مفاصل الحياة للمجتمعات كافة وعلى اختلاف مستوياتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفكرية والدينية الا وهو التحكم بالمال الذي هو عصب الحياة .
وحيث أن الاقتصاد والمال هما الحاضنة الحقيقية للسياسة فان السياسة هي الانعكاس الحقيقي لما تمليه المصلحة الاقتصادية والمالية بغض النظر عن مبادئ رئيسية لا غِنى للمجتمعات عنها فلا أخلاق تحكمها ولا مبادئ تردعها ولذلك نرى هذا الظلم الحاصل والواقع على دولٍ عديده وشعوب من العالم وقعت ضحية لمصالح وسياسات تتحكم فيها مراكز قوى متحكمة بمفاصل الاقتصاد العالمي الذي يتمركز معظمه في امريكا تحديداً .
نشكر الرئيس ترامب على إلغاءه لجنس ابتدعه الذين يخالفون الفطرة السليمة التي فطرَ الله الناس عليها حيث خلَقَهم من ذكر وأنثى وهذا شأن يخص البشرية جمعاء ،
أما ما ورد في خطابه من بنود عريضة بما يخص الشرق الأوسط تحديداً فالقراءة الاولية لهذه الخطوط لا تُبشِّرُ بخير ، حيث بدا واضحاً من كلامه عن النفط وكأنه موجَّه الى الدول المنتجة له وكأنه واقع تحت سطوةٍ نفطيةٍ يُريد التخلص منها علماً ان الحقيقة وواقع الحال في تعامل امريكا مع نفط الشرق الاوسط لا تشوبه شائبة ولا عراقيل فيه ولا تَنَمُّرَ ولا إستفزاز ،
اما فيما يتعلق " بالصراع " كما يسمونه وفي الحقيقة ما يتعلق بالحرب والهدنه فحينما ذكر هذه الهدنة ناسباً إياها له ولحكومته فقد أكَّدَ فيما قال الإنحياز المطلق الازلي للمحتل اذ لم يَذكر سوى انه أعاد ثلاثةً الى بيوتهم سالمين ولم يَذكر كلمة واحدة عن مليوني مُشرَّد قد دُمِّرَت بيوتهم وكل ممتلكاتهم وما بقي مِن مقومات حياتهم شيء وعن اكثر من مئتي الف بين شهيد وجريح ومفقود كلهم من الابرياء ، كأنهم غير موجودين اصلاً او لا يستحقون من وجهة نظره ان يُذكَروا ولو بكلمه وهذا دليل على اسقاط الطرف الاصيل في هذا " الصراع " وعدم الاعتراف لا اقول بحقه المسلوب والمنهوب بل بوجوده اصلا .
ما لفت الانظار اكثر هو وقوف كل من في الصالة من حضور بدءاً مِن الرؤساء الأربعة الذين لم يقفوا لأي كلمة قالها الرئيس من أجل امريكا وانما وقفوا من اجل الثلاثة اللواتي أُفرج عنهن ، وهذا مؤشر على توجهات حكومته والنهج الامريكي بالعموم في التعامل مع قضايا المنطقة صغيرها وكبيرها على السواء لأن هذا الحضور صراحة هم امريكا فكرياً وأيديولوجيا ومالياً واقتصادياً بغض النظر عن انتمائاتهم الحزبية ،
إن القراءة في مضمون خطاب الرئيس بصورة أولية وموضوعية تجعل الاحتمالات مفتوحة اكثر الى التخوف بدلاً من الاطمئنان حتى في قوله انه يريد انهاء الحروب ، ولكن كيف ينهيها ! وعلى حساب مَن !
لهذه المنطقة بالذات من مناطق الشرق الاوسط تجربة مع الرئيس ترامب حين جعل القدس عاصمة للمحتل ووهب له الجولان دون شرعية مخالفاً كل المرجعيات الدولية التي تعترف وتقر بانها اراضي عربيه محتله وضارباً بها عرض الحائط ، وما إلغائه امس لعقوبات فُرضِت على مستوطنين ارتكبوا أفعالا اجرامية الا مقدمة لما هو أشد وأصعب وهذه إرهاصات حقيقية مُرعبه ،
وما كان جوابه عن امكانية زيارته لدولة عربية اذا دفعت مبلغا حدده هو إلا تعبيرا صادقاً عن نظرته للعلاقة مع الاخر على انها بيع وشراء لا اكثر ولا اقل ،
ولا يغيب عن البال قوله بان الكيان المحتل مساحته صغيره وانه بحاجة الى التوسع .
اما فيما يتعلق بالعلاقة الامريكية مع دول جوارها خصوصاً كندا والمكسيك ومع بحورها وقنواتها وأنهارها فهذا شأن امريكي لا علاقة لنا به ، كما ان تخطيطه لعودة مصانع السيارات الامريكية العملاقة المعروفة بويك؛ كاديلاك؛ شيفروليه وغيرها
لصناعة محركاتها التي تعمل على المحروقات النفطية كما كانت بالسابق فهذا ايضاً شأن ليس لنا علاقة به من قريب او بعيد علماً بأن الزمن لا يعود الى الوراء .
لقد استمعت الى آراء بعض السياسيين المخضرمين الذين عملوا في مناصب مهمه في الإدارات الامريكية السابقه والقاسم المشترك في ارائهم كان علامة استفهام عن كيفية تحقيق كل ما قاله الرئيس .
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-01-2025 11:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |