بقلم :

انس باسل الحنيطي - زيارة الملك عبدالله الثاني الأخيرة إلى دير علا تحمل أبعادًا عميقة تعكس رؤية القيادة الهاشمية في تعزيز التنمية والاهتمام المباشر باحتياجات المواطنين. جاءت هذه الزيارة لتؤكد على أهمية متابعة تنفيذ المشاريع التنموية على أرض الواقع، وحرص القيادة على ضمان تحقيق أثر إيجابي ملموس في حياة الناس، خاصة في المناطق التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والاهتمام.

مشروع "مساكن الملاحة"، الذي كان ضمن أبرز محاور الزيارة، يعد نموذجًا حيًا على هذا الالتزام الملكي. المشروع، الذي يضم 400 وحدة سكنية، يمثل خطوة عملية نحو تحقيق الأمن السكني للأسر المحتاجة في المنطقة. هذه الخطوة ليست فقط استجابة لاحتياجات المواطنين، بل هي جزء من استراتيجية أشمل تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتعزيز جودة الحياة في المناطق الأقل حظًا. تفقد الملك للمشروع واستماعه إلى ملاحظات المستفيدين يعكس اهتمامه بالتفاصيل وحرصه على أن تكون هذه المشاريع ملائمة لتطلعات المواطنين.

أما زيارة الملك لمركز زها الثقافي، فقد أظهرت أهمية تمكين الفئات المجتمعية المختلفة، ولا سيما النساء والشباب. هذا المركز، الذي يقدم برامج تدريبية لتنمية المهارات، يجسد رؤية القيادة نحو بناء القدرات البشرية كعنصر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة. من خلال هذه الزيارة، بعث الملك برسالة واضحة مفادها أن تمكين الأفراد، خاصة في المناطق الريفية، يعد أولوية وطنية لتعزيز الإنتاجية والاندماج الاقتصادي.

على الصعيد الاجتماعي، تحمل الزيارة دلالات معنوية كبيرة. وجود الملك بين أهالي دير علا يعكس نهج القيادة الهاشمية في التواصل المباشر مع المواطنين والاطلاع على همومهم عن قرب. هذا النهج يعزز الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب ويؤكد حرص الملك على العمل المستمر لتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الفرص المتساوية للجميع.

ورغم الإيجابيات التي أبرزتها الزيارة، فإنها تفتح المجال للتفكير في التحديات المستقبلية. فالمشاريع التنموية بحاجة إلى ضمان استدامتها وامتداد أثرها على المدى الطويل، وهو ما يتطلب تخطيطًا دقيقًا ومتابعة حثيثة. كما أن تحسين البنية التحتية وخلق فرص اقتصادية جديدة يمثلان تحديًا جوهريًا يجب العمل عليه لتعزيز التنمية الشاملة في المناطق النائية.

ختامًا، يمكن القول إن زيارة الملك عبدالله الثاني إلى دير علا كانت بمثابة رسالة قوية تؤكد على التزام القيادة الهاشمية بتحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية. هذه الزيارة، التي جمعت بين متابعة المشاريع التنموية والاستماع المباشر للمواطنين، تجسد رؤية جلالة الملك في بناء مستقبل أفضل لأبناء الوطن كافة، بعيدًا عن المركزية وقريبًا من احتياجات الناس على أرض الواقع.