26-01-2025 04:50 PM
بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
زمان كان الفن الأردني مميزاً، كان جميل العاص ملحناً عربياً.. واسماعيل خضر كان يجرؤ أن يغني القصائد الجزلة، محمد وهيب شكل حالة مهمة.. وسهام الصفدي كلنا حفظنا أغنياتها: (يمه طل وحياني لوح بالبندقية).. وسميرة توفيق غنت للأردن من قلبها.
لكن السؤال الذين أود طرحه هو: هل بالضرورة أن يكون الفنان الأردني محترفاً في حال الغناء فقط للجيش والوطن؟ ماذا عن أغاني الحب؟.. ماذا عن أغنيات الهجر ماذا عن أغاني الرحيل؟ ماذا عن الهجيني والشروقي؟..ماذا عن السامر.. ماذا عن الأطلال والمدن؟ ومواسم الحصاد..
صار هنالك اعتقاد لدى بعض الفنانين أن الغناء عن الجيش والوطن هو ما يصعد به إلى النجومية، والإذاعات لم تعد تبث أغاني في الصباح إلا الحماسية.. وصار البعض يعتقد أن كتابة الكلمات في هذا المجال هي من تجعل الجميع يبث أغانيه، وفي النهاية تشعبت الأمور.. وتم إنتاج أغان للدفاع المدني وأخرى للخدمات وأخرى للجمارك.. وأخرى للدرك.
الجيش لا يحتاج لكتابة الأغاني، الجيش يحتاج لتوثيق تاريخه.. يحتاج لأن نعيد قراءة كتاب سليمان الموسى: الجيش العربي ودبلوماسية الصحراء، ونعمم المعلومات التي فيه، الجيش يحتاج أيضاً لإعادة قراءة كتاب سمير مطاوع عن حرب الـ (67).. الجيش يحتاج أن نخلد بطولة صالح شويعر، ونصدر عن معركة وادي التفاح فيلما وثائقيا، الجيش يحتاج منا أيضا.. أن نذكِّر الجيل الحالي بعباطة عيد وحمدان البلوي بطلي معركة اللطرون.. الجيش بحاجة لأن ننتج عملا دراميا يوثق معركة باب الواد وبأسماء الشهداء، بتفاصيلها الدقيقة.. الجيش بحاجة لأن نعلم أول?دنا قصة فراس العجلوني وقصة موفق السلطي.. بحاجة لأن نؤسس بانوراما خاصة للواء عالية الذي استبسل في معركة الكرامة، وكان على رأسه البطل كاسب صفوق.
الجيش لا يحتاج أغنيات، هو المعبر عن الهوية.. وهو من شكل الشخصية الأردنية، هو يحتاج للتوثيق.. لكن للأسف، ما فعله عمر العبداللات.. هو نهج الأغاني في حين أن نهج التوثيق انحسر وانكمش قليلا..
صدقوني أن ما فعله الزميل سهم العبادي حين ذهب للضفة بجهد ذاتي ووثق أماكن المعارك وأضرحة الشهداء أهم من كل ما أنتجه بعض المطربين.. لكن سهم عبر في الحياة ومارس واجبه الوطني، صدقوني أن كتاب سمير مطاوع عن حرب الـ (67) لوحده يحتوي على وثائق ومعلومات، تجعلنا نعيد القراءة ألف مرة.. صدقوني أن ما كتبه بكر المجالي، عن القدس ومعارك تل الذخيرة وبوابة مندلبورم.. أهم من كل الذين عزفوا وغنوا..
هؤلاء: من سمير مطاوع مرورا بسهم العبادي وبكر المجالي وسليمان الموسى.. في حياتهم كلها لم يركبوا (جي كلاس) من وراء الأغاني، ولم يسكنوا عبدون ودير غبار.. لم يوظفوا نتاجهم التوثيقي والفكري في خدمة غرض مالي، تلقوا القليل القليل لقاء جهدهم، بالمقابل من غنوا.. أجزلت عليهم الدولة في العطاء.
أنا من الذين كتبوا عن الجيش باعتباره المؤسسة التي شكلت هويتنا، وشكلت الشخصية الأردنية، أنا من الذين كتبوا عنه باعتباره.. الشاهد والبرهان على فدائية هذا الوطن ورجولته، كتبت عنه باعتباره المؤسسة التي قاتلت وعالجت وعلمت.. وشقت القنوات والطرق وحملت وطنا كاملا على كفها..
للعلم في كل ما خاضته إسرائيل من حروب بعد (7) أكتوبر، لم يقتل من جنودها عدد بحجم ما قتل في معركتين خاضهما الجيش الأردني وهم باب الواد واللطرون.. وأنا أتحدث عن الجنود وليس عن المدنيين، هذه لحظة حاسمة من عمر دولتنا.. وعلينا أن نعيد إظهار شخصيتنا وهويتنا وتاريخنا الحقيقي..
يكفي ما أنتجنا من الأغنيات.. يكفي، فالأغاني لا تصنع وطنا.
Abdelhadi18@yahoo.com
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-01-2025 04:50 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |