27-01-2025 08:45 AM
بقلم : جهاد المنسي
لدورة ثانية متقطعة، فصل بينهما دورة رئاسية جلس خلالها في البيت الأبيض الرئيس السابق جو بايدن، وفي سنواته الأربعة اشتعلت أوروبا بحرب مستمرة حتى اليوم بين أوكرانيا وروسيا، وفيها اعتدى الكيان الصهيوني على قطاع غزة في حرب استمرت 471 يوما، قام فيها بإبادة جماعية لسكان القطاع، بدعم من واشنطن، واستباح الكيان مدنا في الضفة الغربية وقراها، وشنت إسرائيل عدوانا على لبنان واليمن وسورية، وضربت أهدافا حيوية في إيران والعراق، وفي الفترة تلك اشتعلت السودان حربا أهلية لم تهدأ مفاعيلها حتى اليوم.
تلك كانت إضاءة مختصرة لسنوات بايدن الأربعة، إذ لم تقف الأمور عند المفاعيل السياسية فقط، وإنما وصلت لحروب اقتصادية أيضا تارة مع الصين، وأخرى مع روسيا، فضلا عن حروب اقتصادية مع دول صاعدة اقتصاديا بالخفاء والعلن.
اليوم، يوم مختلف، وفيه يجلس في البيت الأبيض رئيس جمهوري بخلاف الحزب الذي ينتمي إليه بايدن، رئيس جربناه سابقا لمدة أربع سنوات متواصلة، في فترته الأولى أعلن ترامب عمّا أسماه صفقة القرن، ونقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، ودخل في مناوشات مع دول أوروبا الغربية، وخاصة حلف الأطلسي (الناتو)، ومع المكسيك وكندا وبنما ودول أميركيا الجنوبية والصين وإيران.
بعد انقطاع سنوات أربع، علينا السؤال ماذا على أجندة ترامب في ولايته الثانية؟ ماذا سيصنع؟، كيف يفكر فريقه السياسي والاقتصادي؟ تلك أسئلة وجدنا لبعضها أجوبة خلال الأيام القليلة الماضية، فكما يقال (المكتوب يقرأ من عنوانه)، ومن تابع خطاب الرئيس الأميركي يوم تنصيبه، ومن راقب قراراته اللاحقة، يشعر يقينا أن سيد البيت الأبيض يضع نصب عينه الاقتصاد في المقام الأول، فبخلاف قراره الذي يتعلق بالمثليين وعدم الاعتراف إلا بنوعين من أصناف البشر، ذكر وأنثى، وهو القرار الوحيد الذي وجد تأييدا كبيرا، فيما وجدت قراراته الأخرى انقساما بين مؤيد ومعارض وخاصة تلك التي تتعلق بطالبي اللجوء في الولايات المتحدة، وحصول المواليد على الجنسية، وما يتعلق بكندا، وجزيرة غرينادا، وقناة بنما، وتجريم المؤيدين والمتعاطفين مع المقاومة.
أما في المقلب الآخر، وما يتعلق برؤية الرئيس الأميركي فيما يخص الشرق الأوسط، وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، فالرجل، وفق سيرورته السابقة في ولايته الأولى لم يأتِ حتى الآن على ذكر حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، ولم يتحدث عن رؤية لإنهاء الصراع في المنطقة، وإنما أظهر- كالعادة - انحيازا كاملا للكيان الصهيوني، ولعل قراره الأخير بإلغاء أمر سابق من إدارة جو بايدن بتعليق تزويد الاحتلال الإسرائيلي بنوع من القنابل الثقيلة، يدلل على ذلك.
المنطقة بشكل عام، والشرق الأوسط على وجه التخصيص ستشهد خلال فترة ترامب، ومدة رئاسته في سنواته الأربعة منعطفات حادة، وتقلبات علينا أن نكون واعين لها، ومستعدين لبعضها، فكما يقول المثل، من لا يرى من الغربال أعمى، ولذا فإن المرحلة تتطلب تنسيقا بين دول المنطقة، وترك الخلافات جانبا، والتفكير بجدية بتحالفات قوية، على غرار التحالف الصيني الروسي الإيراني الهندي الأميركي الجنوبي، وعلى غرار تحالف دول أوروبا الغربية، ولذا فإن دول المنطقة عليها التقاط الفرصة والتعامل معها، وتشكيل تحالف جدي ورؤية سياسية واقتصادية واضحة، وعدم التشتت والتبعثر.
الحقيقة الثابتة التي يتوجب التعامل معها، أن دولا كثيرة في منطقتنا ستتعرض لضغوطات لا متناهية من قبل الإدارة الجديدة، ومن يعتقد أن الرئيس ترامب وضع رؤيته السابقة وصفقة القرن التي أعلنها حلف ظهره عليه إعادة التفكير مجددا، ووضع الأمور في نصابها الطبيعي والحقيقي، وهذا يحتاج لجهد تكاملي موحد، وتقديمها للإدارة الأميركية الجديدة والدفاع عنها.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-01-2025 08:45 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |