28-01-2025 09:33 AM
بقلم : نضال منصور
لم يُكمل الرئيس الأميركي ترامب أسبوعا في البيت الأبيض حتى كشر عن أنيابه، وبدأ سياسة المقايضات خدمة لأجندة وضعها قبل فوزه في الانتخابات.
في مقالة سابقة قلت إن الدبلوماسية الأردنية تتمنى أن تُغمض عيونها فترى سنوات حكم ترامب قد انقضت، وأفضل طريق للتعاطي معه هي المناورة، لأنها ستواجه ضغوطا غير معهودة، وأكثر ما يمكن أن تفعله عمّان ألا توافق على طلبات سيد البيت الأبيض، فلا تتصادم معه، ولا ترضخ له، وتظل في المنطقة الرمادية، وحين يسألها، أو يطلب منها فلا تجيبه بنعم، ولا تقول له لا.
لو كان الأردن في بحبوحة اقتصادية، ولا تُشكل المساعدات الأميركية الاقتصادية لخزينة الدولة، وللمشاريع الكبرى مصدرا رئيسا، خاصة بعد اختفاء الدعم الخليجي المباشر، لاستطاع الأردن بكل ثبات إدارة ظهره للرئيس ترامب، وفريق إدارته الأكثر تطرفا منه، ورغم ذلك كله، لم يتغير الموقف الأردني الحاسم والرافض للتهجير.
جمّد الرئيس ترامب بقراره التنفيذي كل أنواع المساعدات للأردن، وهذا لا يقتصر على الحكومة، بل يشمل كل البرامج والمشاريع التي تنفذ بأموال حكومية أميركية، وهذا القرار حتى ينقشع الضباب عنه سيحدث أزمة، واضطرابا، وقد يمتد 3 أشهر، وقد يوقف قبل ذلك، والأخطر أن يمتد لأكثر من ذلك.
وفق تقارير صحفية فإن الولايات المتحدة الأميركية من المفترض أن تقدم دعما يصل إلى 2.1 مليار دولار للأردن هذا العام 2025، منها ما لا يقل عن 400 مليون دولار دعما مباشرا للموازنة، وهذا كله أصبح قيد المراجعة، والواقع أن إيقاف المساعدات للأردن ليس أمرا سهلا أن يمرره الرئيس ترامب حتى ولو أراد ذلك، فهناك حلفاء رئيسيون للأردن في الكونجرس، والشيوخ لن يساندوا مثل هذه التوجهات مهما قدم لها من سياقات، ومبررات.
منذ اللحظة الأولى لمراسم تنصيب ترامب رئيسا لأميركا وزع الاتهامات على خصومه داخل بلاده، وخارجها، وأظهر صلفا، ورغبة جامحة بفرض تصوراته، فهو يريد السيطرة على قناة بنما، وبناء جدار على حدوده مع المكسيك، وفي هذا السياق ألقى بقنبلة ارتجاجية حين أشار إلى أنه طلب من الأردن في حديثه مع الملك استقبال الغزيين، وهو بشكل غير مباشر تهجير لأهل غزة نحو مصر والأردن، وما فشلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في فرضه من خلال حرب الإبادة يريد ترامب أن يجعله واقعا بالضغط السياسي، والمالي.
تعاطي ترامب مع قضية الشعب الفلسطيني في غزة، ربما يكون مؤشرا أخطر على كيفية فهمه، وتعاطيه مع الضفة الغربية، وما يُروج عن إطلاق يد اليمين الصهيوني للاستيطان، والاستحواذ على الأراضي في الضفة تمهيدا للتهجير “الترانسفير”، وما يحدث من استهداف في جنين، وبعض المدن والقرى الفلسطينية قد يكون المقدمة لهذه التوجهات، وهذا كله يزيد المخاطر على الأردن في ظل ضعف السلطة الفلسطينية، وغياب الموقف العربي، وتواطؤ بعض دول العالم.
عام 2025 سيكون صعبا على الأردن، ومن الضروري تشكيل إطار إستراتيجي واضح، وفعّال، ومن المهم مكاشفة الناس بما ينتظرنا من صعوبات، وتشكيل جبهة شعبية داخلية متحدة، والبحث عن تحالفات دولية، وإقليمية تُشكل حائط صد، ومخدات من ضربات سياسية، واقتصادية محتملة.
أول خطوة مطلوبة التنسيق مع السعودية، فالرياض اللاعب الأقوى، والأقدر الذي يمكن أن يفاوض الإدارة الأميركية الجديدة بشكل نديّ، فإذا كان ترامب يحتاج أموال السعودية فيجب استثمار ذلك لتقوية وإسناد الموقف العربي في كل المنطقة بدءا من فلسطين، مرورا بلبنان، وليس انتهاء بسورية، فالمصالح، والصفقات تتقدم على كل شيء عند ترامب، وما يجب أن تفعله السعودية ليس صدقات لترامب، وإنما لتعزيز الريادة السعودية، وكبح جماح نتنياهو، ووقف مخططات التهجير، وتحقيق المصالح الإقليمية التي تضمن الأمن والسلام في المنطقة، وليس الهيمنة والسيطرة على حساب المصالح والحقوق العربية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-01-2025 09:33 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |