29-01-2025 01:48 PM
سرايا - يوسف الطورة - يثير مواصلة دونالد ترمب الضغوطات لدعم فكرته لقبول الفلسطينيين من غزة، بإعادة توطين السكان من القطاع الفلسطيني المدمر، في الأردن ومصر، مستخدماً ورقة مساعدات بلاده على عمان والقاهرة.
خلال حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، الأثنين، كرر الرئيس الأمريكي دعوته التي أثارت غضب الفلسطينيين والعرب، لمصر والأردن لاستقبال سكان غزة والمساعدة في "تطهير" القطاع، وأضاف أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
بينما أفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" باتصال هاتفي أجراه ترامب مع الملك عبدالله الثاني، لكنها لم تذكر شيئاً عن إعادة توطين الغزيين، نفت السلطات المصرية أن تكون هناك مكالمة بين ترمب والسيسي، منذ أن طرح الفكرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، جددت عمان والقاهرة رفضها الفكرة بشدة، خشية أن تقوض الآمال الطويلة للفلسطينيين في إقامة دولتهم الخاصة.
تصريحات ترمب التي جاءت بعد أيام فقط من إصدار وزير خارجيته "ماركو روبيو"، أمراً بوقف فوري لمعظم برامج المساعدات الخارجية الأمريكية، أبرزت النفوذ المحتمل لواشنطن في المنطقة، وأن الرئيس العائد مجدداً للبيت الأبيض مستعد لاستخدام هذا النفوذ، وربما أكثر ان تطلب الأمر.
ترمب في إستراتيجية تفاوض "كلاسيكية"، بدأ حقبته الرئاسية بموقف "متطرف" للوصول إلى تسوية منحازة للجانب الإسرائيلي وتلبي تطلعاتها، إضافة إلى أن مطالبه تمس أسئلة وجودية حقيقية للأردن ومصر، وتنسف مزاعم الرواية الأمريكية التي تقدم نفسها الداعم لحل الدولتين.
الثابت خطوة ترمب "ليست زلة لسان"، بل جزء من تحرك أوسع مما يبدو، ومنسق مع تل أبيب، خصيصاً وهي خطوة رحب بها الجانب الإسرائيلي الرسمي، أبرزهم وزير المالية بتسلإيل سموتريتش، الذي يدعو بقوة إلى إعادة المستوطنات اليهودية في غزة، والتي أخليت عام 2005، قائلاً: "فكرة مساعدة سكان غزة على إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جديدة أفضل هي فكرة رائعة".
بينما يؤكد الموقف الرسمي الأردني الرافض للتهجير على لسان وزير الخارجية ايمن الصفدي، قائلاً، الأحد: "الحل للقضية الفلسطينية يكمن في فلسطين"، وأضاف، "الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين"، ظهرت صحيفة الأهرام المملوكة للدولة المصرية، الثلاثاء، على صفتها الأولى صورة كبيرة للفلسطينيين النازحين وهم يعودون إلى شمال غزة مع عنوان "مصر تتحدث بصوت رجل واحد: الشعب يرفض التهجير ويدعم جهود حماية الأمن القومي بينما يكتب الفلسطينيون ملحمة العودة".
على الرغم من عدم وضوح مدى استعداد الرئيس الأمريكي للتصعيد، وتخطي الضغوطات لملف المساعدات حيث تعد واشنطن أكبر مزود للمساعدات الخارجية، والتي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني بشكل كبير، المسؤولين في عمان كانوا يسعون لفهم نوايا ترمب، وأن الولايات المتحدة قد تضغط أيضاً من خلال فرض رسوم جمركية، قد يكون لأي خطوة تأثير يتخطى الحسابات نظراً لوضع الاقتصاد الحالي.
قدمت الولايات المتحدة 31 مليار دولار من المساعدات الثنائية منذ تأسيس العلاقات في عام 1949، ووقعت الدولتان مؤخراً مذكرة تفاهم تقدم بموجبها واشنطن 1.45 مليار دولار سنوياً حتى عام 2029، وفقاً للسفارة الأمريكية في عمان.
سيكون لتدفق الفلسطينيين بشكل كبير تداعيات كبيرة على الوضع السياسي والاقتصادي الدقيق في الأردن، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 11 مليون نسمة ويضم بالفعل أكثر من مليوني فلسطيني، وتأثر اقتصاده بسبب تكاليف دعم مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
المؤكد أن تستخدم الولايات المتحدة ضغوطاً مماثلة في الملف مع الجانب المصري، التي تتلقى 1.3 مليار دولار سنوياً مساعدات عسكرية، تتلقاها القاهرة لشراء أسلحة وقطع غيار للمعدات العسكرية الأمريكية المشتراة في السنوات السابقة، رغم ان المساعدات العسكرية لمصر وإسرائيل مستثناة من التجميد المؤقت لمدة ثلاثة أشهر على المساعدات الدولية الذي أعلنه روبيو.
وتخطت قيمة المساعدات الأمريكية لمصر 50 مليار دولار، والتي بدأت عام 1978 عندما اتخذت القاهرة أولى خطواتها نحو اتفاقية سلام مع إسرائيل، ووقعتها في العام التالي.
إجبار القاهرة على قبول الفلسطينيين النازحين من غزة، سيكون ذلك "تغييراً كبيراً في العلاقة بين البلدين"، خاصة وان الولايات المتحدة "عملت لفترة طويلة على افتراض ان ذلك سيكون خطيراً على مصر، وأمراً يجب تجنبه".
تدفق الفلسطينيين بشكل كبير سيثير مخاوف من إعادة إشعال التمرد في سيناء بسبب الخلط بين المسلحين الفلسطينيين والمصريين، وهو ما أعلنته مصر صراحة من أن طرح فكرة إعادة توطين الفلسطينيين في بداية حرب غزة "قد يهدد الاستقرار الداخلي، لأن المؤسسة العسكرية والرأي العام لن يقبلا بذلك".
تنفيذ فكرة الرئيس الأمريكي وهو مطور عقاري، من شأنه تهديد الحالة الأمنية في البلدين، وسيكون من الصعب الانصياع في هذه القضايا، ورؤية تحولات مماثلة لحالة كولومبيا أو كندا عندما تعرضتا لضغوطات ترمب.
تعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للمساعدات الثنائية للأردن، بلغ إجمالي التمويل أكثر من 31 مليار دولار منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، وقعت أخرها في سبتمبر 2022، مذكرة تفاهم رابعة، تقدم 1.45 مليار دولار دعماً سنوياً كمساعدات خارجية ثنائية أمريكية للأردن، بدأت في السنة المالية 2023 وحتى السنة المالية 2029. وتمثل مذكرة التفاهم، التي تعد واحدة من أهم الأدوات الثنائية من نوعها، التزاماً رئيسياً باستقرار الأردن ومتانة الشراكة الاستراتيجية.
بدأت مذكرات التفاهم الأردنية الأميركية عام 2010، واستمرت الأولى لأربع سنوات بـ 3.30 مليار دولار، تشير الأرقام الصادرة عن السفارة الأميركية بارتفاع كبيرة في حجم المساعدات بما يتناسب مع متطلبات كل مرحلة وتحدياتها الأمنية والاقتصادية والمناخية وأزمات اللجوء.
ورغم تراجع المساعدات في المذكرة الثانية إلى ثلاثة مليارات فقط بين العامين 2015 و2017، تضاعفت عام 2018 حتى أواخر العام الجاري إلى 6.30 مليار دولار، وصولا إلى الاتفاقية الرابعة التي دخلت حيز التنفيذ عام 2022، لسبع سنوات بقيمة 10.15مليار دولار، بزيادة في حجم المساعدات السنوية بلغت 175 مليون دولار، ليكون أكبر دعم عالمي تقدمه الولايات المتحدة، وهو ما يعكس حسب الدبلوماسية الأميركية سبعة عقود من الشراكة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-01-2025 01:48 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |