30-01-2025 08:28 AM
بقلم : فهد الخيطان
أحيت الخطة التي يتبناها الرئيس الأميركي لنقل، أو بمعنى أدق تهجير أبناء غزة إلى الأردن ومصر قلقا شعبيا أردنيا طالما تحسب لهذه اللحظة الصعبة. وما يزيد من منسوب القلق إلى حد الشعور بالخطر، هو أن مصدر المخطط ليس أوساط اليمين الصهيوني الذي اعتدنا سماع مشاريعهم للترانسفير، إنما رئيس الولايات المتحدة الأميركية الحليف الإستراتيجي للأردن الذي أظهر على الدوام حرصا كبيرا على المصالح الأردنية ومتطلبات أمنه الوطني، وجعل منها بندا أساسيا على أجندة الشراكة الممتدة لعقود.
ومصدر التعجب والاستغراب الثاني أن واشنطن الراعي الرئيسي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والمفترض تطبيقه على ثلاث مراحل وينتهي بمشروع دولي لإعادة إعمار قطاع غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، دون أي إشارة لتحريك السكان أو نقلهم سواء داخل القطاع أو خارجه. والمثير للاستغراب أيضا أن التهجير جاء كدعوة بالنيابة عن الشعب الفلسطيني، مع أننا لم نسمع أن أحدا في غزة قد كلف الرئيس الأميركي بتقرير مصيره أو بحث مسألة انتقال سكان القطاع لمصر أو للأردن.
بالرغم من كل هذه الاعتبارات يتعين على الرأي العام الأردني أن يكون على ثقة تامة بحكمة وقدرة القيادة السياسية الأردنية على تجاوز هذا المطب الأميركي بأقل الخسائر.
المهمة ليست سهلة لكنها ممكنة بالنظر إلى التاريخ الطويل من العلاقات الوثيقة بين البلدين. سبق للأردن أن اختلف مع سياسة الولايات المتحدة في المنطقة أكثر من مرة. وفي بعض الأحيان وصل الخلاف حد الأزمة الحادة، ولعل الموقف من حرب الخليج الأولى خير مثال.
في عهد الملك عبدالله الثاني تطورت العلاقات الثنائية وتعمقت إلى مستويات متقدمة، لكن ذلك لم يمنع من حدوث خلافات جدية حول ملفات إقليمية. لقد تحفظ الأردن على غزو العراق بشدة، وفي أحدى المناسبات غادر الملك واشنطن غاضبا دون تلبية دعوة لقاء الرئيس جورج بوش الابن بعد الضمانات التي قدمها الأخير لإسرائيل على حساب الحق الفلسطيني.
المؤسسة الأميركية العابرة للإدارات لن تقبل وضعا يهدد مصالح الدولة الأردنية ونظامها السياسي، وتدرك بعمق المحاذير الوطنية والخطوط الحمراء التي لايمكن للقيادة الأردنية تخطيها. إن مجرد اقتراح يتضمن تهجيرا للفلسطينيين من غزة يعني بالنسبة لليمين الإسرائيلي الحاكم نسخ التجربة في الضفة الغربية وإحياء مشاريع دفنها التاريخ. الإدارات الأميركية المتعاقبة على مدار العقود الماضية حسمت أمرها بهذا الشأن وسلمت بحقيقة أن الأردن للأردنيين ولا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967.
الدبلوماسية الأردنية تتمتع بخبرة كبيرة في إدارة العلاقة مع واشنطن، ولديها رصيد كبير من العلاقات مع مؤسسات صناعة القرار السياسي، ويمكنها أن تتحرك بسرعة، وهي تفعل ذلك حاليا لطي هذه الملف المزعج بسرعة قبل أن يدخل سوق التداول السياسي.
وعلى المسار الموازي، ينبغي العمل على دفع الفلسطينيين للتفاهم بسرعة على تشكيل إدارة وطنية لقطاع غزة، تتولى التفاهم مع المجتمع الدولي على خطط إعادة الأعمار وقبل ذلك تثبيت وقف إطلاق النار، وتدشين حملة إغاثة إنسانية لدعم صمود أبناء غزة على أرضهم. وقد بدأ الأردن هذه الحملة مبكرا وما يزال في طليعتها، وبنفس الاتجاه نحن بحاجة لكي نسمع أصواتا عربية ودولية صديقة ترفض بشكل قطاع خيار التهجير، وتنبذ الخطة المقترحة على غرار الموقفين الفرنسي والألماني.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-01-2025 08:28 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |