03-02-2025 08:46 AM
بقلم : نادية سعدالدين
بعد طول غياب؛ خرجت السلطة الفلسطينية قبل أيام بخطة “لإنقاذ وإنعاش” قطاع غزة، في محاولة منها للحاق بركب ما يُحاك حول مستقبل غزة، وربما الضفة الغربية لاحقاً، في مرحلة “ما بعد الحرب”، غداة تقديم الضمانات المُؤهلة لإثبات جدارتها بإدارة القطاع وحكمه من جديد، كما فعلت بين عامي 1955 و2007. ولعل ما يحدث في جنين خير مثال على ذلك.
لا شك أن إصدار الخطة الإغاثية يأتي لأغراض التسويق الإعلامي على مرأى المجتمع الدولي، فالسلطة تدرك جيداً أن تنفيذها يعتمد على إمكانيات مالية غير متوفرة لديها، وموافقة صهيونية غربية مشكوك بأمرها، وتنسيق مع حركة “حماس” مفقود منذ زمن تحت وطأة الانقسام الفلسطيني الممتد بدون أفق قريب للمصالحة. وبالتالي؛ فإن الهدف الأساسي للسلطة هو تولي مسؤولية القطاع بالكامل، وتصدر واجهة مرحلة إعادة الإعمار، حتى لو لم تتوفر الظروف المواتية لذلك.
ولا يكفي امتلاك السلطة لجهاز إداري وقاعدة بيانات للفلسطينيين وتجربة تاريخية حتى تصبح قادرة على إدارة القطاع؛ فبالإضافة للعوامل الخارجية، فإنها أضحت أكثر ضعفاً عما كانت عليه قبل عملية “طوفان الأقصى”، إزاء الاستياء الشعبي والفصائلي الفلسطيني من “ضعف” أدائها حيال العدوان الصهيوني ضد غزة، وبسبب عدم قبولها في كامل الشارع الفلسطيني، أمام ضيق قاعدتها الشعبية في غزة مقارنة بالضفة، وعجزها عن تجديد نفسها وضعفها في مواجهة جرائم الاحتلال، وعدم قدرتها على حماية الشعب الفلسطيني الذي بات يرى في المقاومة نموذجاً للقيادة والتحرر من الاحتلال والضامن الوحيد لحماية أمن وحقوق الفلسطينيين ووقف الاستيطان.
يُراكم ذلك تحديات ما تزال ماثلة للسلطة؛ عجزها الإستراتيجي عن إحراز أي من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتفشي الفساد والمحاباة والفقر والبطالة، وتهميش دور منظمة التحرير لصالح استحواذ صنع القرار السياسي، فضلاً عن أزمتها الاقتصادية الخانقة وليدة الاحتلال والاحتكام لتجليات “أوسلو” المُجحفة والارتهان لسياستي صندوق النقد والبنك الدوليين، مما أنتج عقيدة أمنية استثنائية لسلطة تحت الاحتلال، تشمل تأمين مستلزمات التنسيق الأمني مع الاحتلال، وسط زهاء 700 ألف مستعمر في 180 مستوطنة بالضفة الغربية، وملاحقة عناصر المقاومة، من دون أي محاولة لتغيير تلك الإشكاليات وتبني مسار جديد.
إن عودة السلطة الفلسطينية للقطاع، إذا تمت، ستكون صورية وهشة، حيث ستبقى السيطرة الفعلية بيد “حماس”. وقد يبقى مصير القيادة الفلسطينية محل تساؤل في ظل التحديات المالية التي تعجز السلطة عن حلها، فضلاً عن الدور المحتمل للقيادي الفلسطيني الأسير “مروان البرغوثي” في قيادة المرحلة المقبلة، إذا تم إطلاق سراحه من سجون الاحتلال خلال صفقة تبادل الأسرى، مما سيؤدي إلى قلب موازين المعادلة السياسية الفلسطينية القائمة لما يحظى بدعم شعبي كبير.
وفي حال جرى بحث ملف إعادة تفعيل منظمة التحرير، لانضواء حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وقوى اجتماعية وسياسية عريضة غير ممثلة في أطرها، فإن ذلك سيتم بأوزان مختلفة وفق نتائج الحرب. إذ ستسعى “حماس” لمراكمة إنجازها العسكري بحصاد سياسي يتمثل في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، بعد أن ظهرت السلطة الفلسطينية عجزاً جلياً خلال أيام عدوان الاحتلال على غزة. غير أن السلطة، ومعها حركة “فتح”، ستسعى بصورة حثيثة وبكل ما أوتيت من قوة لحرمان “حماس” من تحقيق هذا الإنجاز، بما يجعل الخلافات نفسها قائمة دون معالجة.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-02-2025 08:46 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |