حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,4 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2142

الدكتور محمد الهواوشة يكتب: ترامب وإدارة الصدمات: كيف أرغم العالم على الركوع في أسبوعين؟

الدكتور محمد الهواوشة يكتب: ترامب وإدارة الصدمات: كيف أرغم العالم على الركوع في أسبوعين؟

الدكتور محمد الهواوشة يكتب: ترامب وإدارة الصدمات: كيف أرغم العالم على الركوع في أسبوعين؟

04-02-2025 08:26 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور محمد الهواوشة
في غضون أسبوعين فقط من توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، أظهر دونالد ترامب أن أسلوبه في الحكم لن يكون تقليدياً. بقرارات جريئة وصادمة، نجح ترامب في إعادة تشكيل السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة، مما أثار ردود فعل عالمية واسعة. من المكسيك إلى كندا، ومن الصين إلى كولومبيا وبنما، بدا وكأن ترامب أرغم قادة هذه الدول على "الركوع" أمام سياسته الصارمة. وفي الداخل، لم يكن الوضع أقل إثارة، حيث اتخذ قرارات غير مسبوقة ضد وكالة USAID، حيث أغلق مكاتبها وألحقها بوزارة الخارجية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الدبلوماسية الأمريكية والمساعدات الخارجية.

السياسة الخارجية: صدمة القرارات السريعة

منذ اليوم الأول لترامب في البيت الأبيض، بدأ في تنفيذ وعوده الانتخابية بوتيرة سريعة ومذهلة. كانت أولى ضحاياه جيران الولايات المتحدة المباشرين: المكسيك وكندا. بضغطه على المكسيك لقبول إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، وإعلانه عن بناء جدار على الحدود بين البلدين، أرسل ترامب رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتردد في اتخاذ إجراءات صارمة لحماية مصالحها. والأكثر من ذلك، وافقت المكسيك على نشر عشرة آلاف جندي على حدودها الشمالية لمكافحة تدفق المهاجرين وتهريب المخدرات، في خطوة غير مسبوقة تعكس مدى تأثير ضغط إدارة ترامب.

أما كندا، التي كانت تعتبر دائماً حليفاً قريباً للولايات المتحدة، فقد وجدت نفسها في موقف محرج بعد أن هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على وارداتها من الصلب والألمنيوم. هذه الخطوة أظهرت أن ترامب لا يتردد في استخدام القوة الاقتصادية حتى ضد أقرب حلفائه.

ولم تكن الصين بمنأى عن هذه السياسة الصادمة. بفرضه رسوماً جمركية على مليارات الدولارات من الواردات الصينية، بدأ ترامب حرباً تجارية أثارت مخاوف عالمية من انهيار النظام التجاري الدولي. الصين، التي اعتادت على التعامل مع الدبلوماسية الأمريكية بحذر، وجدت نفسها مضطرة للرد بقوة، مما أدى إلى تصعيد التوترات بين القوتين العظميين.

في أمريكا اللاتينية، كانت كولومبيا وبنما أيضاً في مرمى قرارات ترامب. من زيادة التعرفة الجمركية على الواردات الكولومبية مثل القهوة والزهور بنسبة 25%، أصبح على كولومبيا الاختيار بين الرضوخ أو المخاطرة بضربة اقتصادية كبيرة. لم يكتفِ ترامب بذلك، بل فرض على كولومبيا قبول جميع المرحّلين من الولايات المتحدة دون أي شروط، حتى لو تم إعادتهم على متن طائرات عسكرية أمريكية. هذه الإجراءات لم تترك أمام كولومبيا خياراً سوى الامتثال الفوري، في خطوة تعكس مدى قسوة نهج ترامب في فرض إرادته على الدول الأخرى.

أما بنما، فقد اتخذت خطوة صادمة بإلغاء جميع الاتفاقيات الموقعة مع الصين، في تحول جذري يعكس مدى النفوذ الذي فرضته واشنطن خلال هذه الفترة القصيرة.

الداخل: تفكيك الـ USAID وإلحاقها بوزارة الخارجية

في الداخل، كانت قرارات ترامب لا تقل صدمة. وكالة USAID، التي تعتبر الذراع التنموي للولايات المتحدة في العالم، وجدت نفسها تحت الهجوم. بخطوة غير مسبوقة، أعلن ترامب عن إغلاق مكاتب الوكالة وإلحاقها بوزارة الخارجية، مما قلّص بشكل كبير استقلاليتها وأعاد هيكلة الدور الأمريكي في تقديم المساعدات الخارجية. هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول مستقبل المساعدات الأمريكية للدول النامية، والتي كانت تعتبر أداة رئيسية لتعزيز النفوذ الأمريكي عالمياً.

القرار اعتُبر جزءاً من رؤية ترامب لتقليص الهياكل البيروقراطية في الحكومة الفيدرالية، لكنه قوبل بانتقادات واسعة من الدوائر الدبلوماسية والتنموية. يرى البعض أن دمج USAID بوزارة الخارجية قد يؤدي إلى تسييس المساعدات الخارجية، وربطها بشكل أكبر بالمصالح السياسية الأمريكية على حساب الأهداف التنموية المستقلة.

تصفية القضية الفلسطينية: ضغوط مكثفة على المنطقة

وبينما يواصل ترامب فرض نفوذه على الساحة الدولية، يتحرك بسرعة لحسم الملفات الشائكة في الشرق الأوسط. فقد استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، ويستعد لاستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في خطوة تشير إلى مساعٍ واضحة لتصفية ملف التهجير القسري للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. تسريبات عدة تشير إلى أن هذه الاجتماعات تهدف إلى إيجاد "حلول" لتوطين الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، مما يثير قلقاً واسعاً حول مستقبل القضية الفلسطينية.

لكن هذا ليس كل شيء. بعد أسبوعين فقط، سيتوجه ترامب إلى السعودية، حيث يُقال إنه سيحصل على صفقة مالية ضخمة تصل إلى ألف مليار دولار تحت عنوان مشاريع واستثمارات، ولكن حقيقة هذه الأموال وأوجه إنفاقها تبقى محل تساؤل. هل هي مجرد استثمارات، أم أنها ثمن لاتفاقات سياسية وأمنية أوسع قد تشمل تحولات جذرية في المنطقة؟ الله أعلم.

الرسالة الواضحة: أمريكا أولاً بأي ثمن

كل هذه القرارات، التي اتخذت في غضون أسبوعين فقط، كانت جزءاً من استراتيجية ترامب لتنفيذ شعاره الانتخابي "أمريكا أولاً". بغض النظر عن الانتقادات التي واجهها، نجح ترامب في إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن الولايات المتحدة لن تتردد في اتخاذ إجراءات صارمة لحماية مصالحها، حتى إذا كان ذلك على حساب حلفائها التقليديين أو على حساب استقرار مناطق بأكملها.

لكن السؤال الذي يبقى معلقاً هو: هل هذه السياسة الصادمة ستؤدي إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة على المدى الطويل، أم أنها ستؤدي إلى عزلتها وتقويض دورها كقائدة للعالم الحر؟ فقط الوقت كفيل بالإجابة على هذا السؤال.

في النهاية، يبدو أن ترامب قد نجح في فرض أسلوبه الخاص على السياسة العالمية، لكن التكلفة الحقيقية لهذه القرارات قد تكون أعلى مما يتصور...











طباعة
  • المشاهدات: 2142
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-02-2025 08:26 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل ينجح مخطط ترمب المدعوم "إسرائيليا" في تهجير الفلسطينيين من غزة رغم الرفض القاطع لمصر والأردن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم