04-02-2025 08:58 AM
بقلم : خولة كامل الكردي
أُبرمت صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، واستطاع الغزيون في مشهدية مهيبة العودة إلى مدنهم وبلداتهم في شمال قطاع غزة، وانزوى الاحتلال وأجواقه الإعلامية النحيب والتوعد باستئناف الحرب مرة أخرى على غزة. لا يدري المتابع للشأن الإسرائيلي كيف يصف عقلية أولئك الذين يسوسون الكيان المحتل! وكيف يستوعبون أن فكرة التعطش للحرب والدمار وعدم القبول بحل السلام، وإشعال فتيل الفرقة والخلافات بين الفرقاء الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وإن كان أوضح صورة لتلك الخلافات تتجلى في الضفة الغربية، هي الطريق الأمثل لجلب الأمن والاستقرار لكيانهم المحتل.
هناك أصوات في الساحة السياسية الإسرائيلية وإن كانت ضعيفة، تتبنى ضرورة أن يعيش الكيان بسلام مع جيرانه الفلسطينيين ونسيان فكرة العداوة المتأصلة لقيام دولة فلسطينية، وأن الحرب والأحقاد الصهيونية لن تجلب سوى مزيد من الدمار والخراب لدولتهم المزعومة، بل سيسوقها إلى الزوال.
مواقف الحكومة الإسرائيلية وحتى المعارضين لتلك الحكومة أمثال غانتس ولبيد، باتت يمينية متطرفة لا تقبل بفرضية العيش مع الفلسطينيين في دولتين متجاورتين تربطهما علاقات طبيعية مثلهما مثل أي دول أخرى، لكن حتى تلك الفرضية سقطت، والغرب الذي يخرج في كل مأزق يواجه الكيان المحتل، يتحدث عن حل الدولتين هو نفسه يدرك أنها مجرد شعارات لا أرجل لها على أرض الواقع، وأن جميع الحكومات الإسرائيلية التي تعاقبت على حكم الكيان الصهيوني، لم تؤمن يوماً بالسلام مع الفلسطينيين والاعتراف بحقهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لأنهم لا يعترفون بالأصل في وجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني.
وعلى ذات السياق وإذا تأملنا بعض الآراء الغريبة في الشرق الأوسط، يطالعنا من يشكك في جدوى المقاومة في انتزاع حق الشعب الفلسطيني، باستعادة أرضه وكنس المستعمر عن كل ترابه الوطني، وهؤلاء يقيسون بمقياس أعداد الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية للقطاع أي بمعنى الخسارة الاقتصادية، الذي سببه آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة، فلو اعتمدنا هذا المقياس ما تحررت أرض ولا نال شعب حريته وكرامته وانعتق من براثن مستعمره. لا ينكر أحد الفقد والألم والقهر الذي أصاب أهل غزة، ولكن ماذا بيد المقاومة أن تفعل؟! من الذي يقتل؟! ومن الذي يقصف ويخرب ويجرف الأراضي ويحرق الأراضي الزراعية؟! أليس المحتل الإسرائيلي! ويقول قائل أليست المقاومة هي من استفزت ذلك الغول الهمجي؟! الرد بسيط جداً.. فالمحتل لا يحتاج إلى ذريعة، فهو جاهز ومتحفز للقتل في كل لحظة، فعلى مدى عقود طويلة وقبل ظهور حركتي فتح وحماس، شكل أهل فلسطين مجموعات جهادية للدفاع عن أرضهم وقت الاستعمار الانجليزي وعند قيام الكيان الصهيوني، وكان التبرير ذاته الفلسطيني هو من يستفز المحتل ويبادؤه القتال! واعجباه.. أليست هي أرضه.. ومن حقه الدفاع عنها؟ وقد كفلت له جميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية ذلك، فمهما وليت وجهك، أي إنسان له الحق في الذود عن ماله وأرضه وعرضه بكافة الوسائل المتاحة، وبأشكال المقاومة التي يختارها، وعلى الجانب الآخر عندما اختارت القيادة الفلسطينية نهج السلام ماذا جنى الشعب الفلسطيني سوى مزيد من قضم أراضيه وهدم منازله بحجة عدم قانونيتها، واعتقال العشرات كل يوم، حتى ظننا أن الشعب الفلسطيني بات كله معتقلا.. ولا نستطيع أن نقلل هنا من أهمية السلام كأسلوب يقود إلى جني مكاسب تحمي الحقوق وترد المحتل عن غيه، ولكن سلام بسند قوي سند المقاومة التي تخضع المحتل لطريق السلام.
خلاصة القول..
لم تكن المقاومة في يوم مغامرة طائشة أو تهور أو حتى إلقاء في التهلكة، بل هي الطريق الصحيح نحو استرداد الحق المسلوب في أبلغ صورة، وما رجوع الشعب الغزي إلى بيته وحارته وأرضه في شمال القطاع، إلا إحد أشكال المقاومة والتي عمادها المقاومة المسلحة وهي صورة صغرى عن العودة الكبرى وما ذلك على الله ببعيد.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-02-2025 08:58 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |