04-02-2025 09:00 AM
بقلم : فهد الخيطان
يدرك الأردنيون شعبا ومؤسسات رسمية أننا في منطقة تمر بمرحلة تاريخية فعلا، تبدلت معها حكومات وحكام وأحوال دول وجغرافيا بالمعنى الحرفي للكلمة. للمرة الثانية منذ خمسين سنة تقريبا تعود إسرائيل لتحتل أرضا عربية، وتدمر وتقتل هذا العدد من الفلسطينيين واللبنانيين، وتستعد لسيناريو مماثل في الضفة الغربية.
جغرافيا غزة محل سؤال وكذلك الضفة الغربية. سورية تواجه نفس الخطر ليس من إسرائيل فحسب، إنما من شركاء الوطن. انسحاب إسرائيل الموعود من لبنان لم يكتمل بعد، ولا نعلم بعد إن كان وقف إطلاق النار في لبنان وغزة سيصمد أم أننا أمام جولة جديدة من الحرب. في الجوار السوري الباب مفتوح على كل الاحتمالات رغم التفاؤل المتزايد بقدرة الحكم الجديد على ضبط المرحلة الانتقالية بأقل الكلف.
كل ذلك لا يحدث في مكان بعيد، إنما في جوارنا تماما، وتزامنا مع مجيء إدارة أميركية جديدة داهمتنا بنوايا صادمة عن التهجير، وإعادة رسم الخرائط حولنا.
تكفي هذه التحديات على جسامتها وما تحمله من مخاطر أن تدفع بلدا بحجم الأردن للوقوف على أصابعه متأهبا لأخطر الاحتمالات، ومتجمدا في الداخل بانتظار انفراجات الخارج.
حدث هذا معنا من قبل في مواجهة أزمات إقليمية خطيرة، ومحطات تاريخية عصفت بالمنطقة. لكننا هذه المرة في وضع أفضل من السابق بكثير ويبدو أننا تعلمنا من دروس التجارب المريرة.
لم تفقد المؤسسة الأردنية تركيزها رغم المخاطر. الحكومة تعمل في ملفات الداخل بكل طاقتها وكأن لا شيء من حولها يثير القلق. ذلك ما نحتاجه حقا عندما نمر في ظروف غير طبيعية؛ العمل بطاقة مضاعفة، والتركيز على الشؤون الداخلية بفعالية أكبر.لا شيء يمكن أن يعوض خيبات الخارج، وتحديات الإقليم سوى بناء المنعة الوطنية الأردنية، لتعويض الخسائر المؤكدة والمحتملة لتحولات الخارج وتبدلاته.
مواصلة عملية التحديث الداخلي بمساراته الثلاثة يكتسب في هذه الظروف أهمية استثنائية. ينبغي على المؤسسات أن تقاوم بكل قوتها، تأثيرات الخارج التي لا يمكن إنكارها، وتحقيق ما نستطيع من إنجازات، وإطلاق مشاريع جديدة وطموحة كما فعلنا منذ أيام، لتبديد القلق الذي يلف مناخات البلاد جراء ما يدور حولنا.
لا ننكر أن هناك حالة من الارتباك والقلق بفعل ما يمكن تصوره من سيناريوهات مطروحة، لكن يجب علينا تخطيها بالعمل على تصليب الجبهة الداخلية لتدارك الخسائر المحتملة، فمنذ ذلك اليوم المشهود في التاريخ قبل أكثر من 14 شهرا، عرفنا أن حال المنطقة تغير للأبد، وستأتي أوقات لا نشعر معها بالقدر الكافي من اليقين الوطني.
لا يمكن تخطي هذه الحالة إلا بمؤسسات قوية واثقة، تقود من خلفها القطاعات الشعبية لميدان العمل والانتاج والتحديث، وتحافظ على الزخم الوطني المطلوب لمواجهة المتغيرات. هناك بلا شك بعض الثغرات، تحتاج لمبادرات أكثر جراءة وخطاب أقوى وأكثر وضوحا، لسنا عاجزين عن تقديمه.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-02-2025 09:00 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |