05-02-2025 10:30 AM
بقلم : محمد خروب
استكمالاً لمقالة امس/الثلاثاء حول مقالة المؤرخ الصهيوني «بيني موريس» في صحيفة «هآرتس"يوم الجمعة الماضي. أما «بيِني مورس» لِمن لا يعرِفه ــ فهو أحد ابرز مَن وُصفوا في القرن الماضي.. «المُؤرخون الجُدد", او » تيّار ما بعد الصهيونية", على نحو أحدثت كتابتهم/أبحاثهم الجريئة وغير المسبوقة في الرواية الصهيونية المؤسطرَة, عن النكبة الفلسطينية وتهجير اللاجئين وارتكاب جريمة التطهير العِرقي بحق الشعب الفلسطيني في وطنه. إضافة الى «موريس» هناك «إيلان بابيه صاحب الكتاب الموسوم «التطهير العِرقي في فلسطين» (صدرَ عام/2006) وآفي شلايم وتوم سيغف».
نقول: هذا المُؤرخ (المتقاعد من جامعة بن غوريون بعد بلوغه سِن السبعين) زعمَ بل أصرَّ في مقالته, بان إسرائيل «لا تُنفذ في غزة إبادة جماعية». المدعي العام في لاهاي والبروفيسورات الاذكياء، من عمار بارطوف وجنوباً، الذين يتحدثون عن الإبادة الجماعية، جميعهم مُخطئون. لا تُوجد ــ أضافَ موريس ــ سياسة إبادة جماعية للحكومة. ولا قرار من القادة لتنفيذ إبادة جماعية. ولا تُوجد نية مُتعمّدة لإبادة الفلسطينيين. ولا تُوجد ــ أردفَ ــ أوامر تنزِل من الحكومة الى الجيش، أو من قادة الجيش الى الرُتب العملياتية، لقتل الفلسطينيين. صحيح ــ استطردَ في استذكاءٍ مَحمول على حال إنكار, تلبسته منذ تراجعَ عن مواقفه «اليسارية» السابقة ــ صحيح.. أنه يتم قَتل الكثيرين منهم, ولكن هذه (ليست سياسة، و"لا» تُوجد إبادة جماعية).
لكن «موريس» وهنا تكمُن المفاجأة ــ يأخذنا الى المشهد اليميني المتطرف الراهن, داخل المجتمع الصهيوني في الدولة الفاشية. قائلاٍ او قُل مُتوقعاً: ان «الإبادة الجماعية ربما تكون في الطريق». شارِحا توقّعه بالقول: شعب إسرائيل ربما يكون في الطريق الى هناك. الآن ــ أضافَ ــ هو يُوجد عميقا في «الخِدعة التي تؤدي الى الإبادة الجماعية»، و"عميقاً» في عملية تهيئة القلوب. من ناحية تهيئة القلوب ــ أردفَ ــ فان جزءاً من الشعب في الحقيقة, أصبح يوجد هناك (حتى لو لم يُدرِك ذلك)، وهو الجزء الذي يَذكُر «العِملاق» ويتحدّث بصوت مُرتفع أو في الغرف المُغلقة, عن الإجتثاث والنفي والترحيل (ربما يجدر به التذكّر بأن النازيين في البداية، في 1939 – 1940، تحدّثوا عن نفي يهود أوروبا الى مدغشقر أو مكان آخر قبل البدء في الإبادة الجماعية) ـــ الأقواس لـ«موريس» كما يجب التنويه/ م.خ ــ.
مفردات «موريس» ومصطلحاته هذه, تبدو مُثيرة ولافتة, يكاد المرء ان يقعَ في حبائلها, لو لم يَكن/موريس.. أنكرَ بإصرار, حدوث إبادة جماعية موصوفة في القطاع الفلسطيني المنكوب, شاهدَتها شعوب العالم بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة. هنا ايضا يُتابع «موريس» ما يمور ويظهر داخل المجتع الصهيوني, مُردِفاً: كثيرون في الصهيونية الدينية وفي أوساط الحريديين القوميين و«البيبيين/ يقصِد انصار نتنياهو», يُعلنون على رؤوس الاشهاد عن المرغوب بالنسبة لهم، وعن «تسوية نابلس وجنين وتسوية قرى». حتى مؤخراً في جنازة القتيلتين من كدوميم ــ لفت َ موريس ــ طالبَ الخطباء بتسوية قرى ومدن فلسطينية. هُم ــ إستطردَ ــ لا يعتبِرون الفلسطينيين بشراً. ولا شك لديّ بأنه (عند عودة المخطوفين الى البلاد في الجولات القادمة، الاحياء والاموات، وحالتهم الجسدية والنفسية تظهر للجمهور، فان «هذه التهيئة سيتم تسريعها»).
إن نزع الإنسانية ـــ الذي يجب أن يتجذّر في القلوب قبل الإبادة الجماعية ــ اصبحَ موجوداً يعترِف بيني موريس, مضيفا: ذات مرّة تحدثَ وزير إسرائيلي عن «صراصير في زجاجة»، وتم توبيخه. الآن ــ يلفِت الكاتب ــ «لا يُوجد تقريبا أي توبيخ». إذ «تظهر في أوساط الجمهور اليهودي, لامبالاة من القتل الجماعي في غزة، حتى قتل النساء والأطفال». و«لامبالاة من تجويع الفلسطينيين في الضفة الغربية، من خلال منعِ عملهم في البلاد»، الامر الذي يؤدي ــ تابعَ موريس ــ الى الفقر والتجويع المحدود، وإزاء التنكيل بهم، بما في ذلك قتل العشرات في السنة الأخيرة على يد المستوطنين.
أين من كل ذلك الذي يُقِرّ به البروفيسور المُتراجِع عن مواقفه السابقة, والرافض الاعتراِف بحدوث إباداة جماعية في غزة؟
هنا «يعترِف»/ موريس ــ بأنن نزع الإنسانية ــ عن الفلسطينيين ــ يتم التعبير عنه كل يوم، حسب شهادات الجنود، بـ«قتل المدنيين في القطاع بوحشية على يد الجنود والسجانين, اثناء نقل المعتقلين وهم شبه عارين»، بعضهم من رجال حماس وبعضهم من المدنيين، الى معسكرات الاعتقال، بروتين الضرب والتعذيب في معسكرات الاعتقال وفي السجون، ولامبالاة الجمهور إزاء كل ذلك.
لكنه «يخترِع موريس» تبريراً لكل هذه الوحشية والتنكيل بالمدنيين الفلسطينيين, عندما يقول في لؤم وكذِبً: لا شك أن العملية التي تمُر فيها إسرائيل، «على الأقل في جزء منها»، تنبعُ من عملية «مُوازية», وهي (نزع إنسانية اليهود التي تطوّرت في أوساط «الجيران المسلمين الفلسطينيين»). الأساس ــ أضافَ في وقاحة ــ تم وضعه في بداية عهد الإسلام, في (الوصف الذي يظهر في القرآن، اللقاء بين النبي محمد واليهود وذبحهم واجتثاثهم من الحجاز في القرن السابع. في القرآن ــ اردف كاذبا! ــ تم وصف اليهود بأنهم شعب حقير، يقتل الأنبياء، واحفاد القردة والخنازير).
فـَ«تأملوا كيف ينسجون الأكاذيب، ويُروِجون للكراهية والمجازر والحروب الدينية».
kharroub@jpf.com.jo
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-02-2025 10:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |