بقلم : يوسف رجا الرفاعي
يبدو أن اقمار الوزير ماسك قد اصابها العمى هي واقمار أوروبا وكوريا ومعها اقمار الهند واليابان لدرجة انها طوال عام ونصف العام وعيون كاميراتها شاخصة فوق ارض غزة العزة لم تَرمِش وهي تُصوِّر ما فوق الارض وما تحتها ولكنها لم تستطع التقاط صورةً لجرافةٍ صفراء فاقعٌ لونها بحجم بيت كبير ولا استطاعت ان تصور ارتال سيارات لم يمسها خدش ولم يعتليها غُبار ،
والاغرب والاعجب انها لم تُصوِّر تلك الجحافل من الناس العائدة الى بيوتها المُدمَّرة وكأنها نهر متدفق او كانها السيل العرم ،
اقول هذا بصفة المتأكد وذلك بناء على ما سمعناه منك ايها الرئيس ، فلو انك كنت تعلم هذا او انك رأيت هذا لن تقول ما قلت لانه يتناقض مع الواقع الحقيقي على الارض وعلى العقل والفهم معاً .

ما سمعناه من تصريحات وتلميحات لا يمكن ان يفهم إلا فهماً واحداً لا يختلف عليه اثنان ،
فحديثك عن الترحيل والتسفير والإخلاء والإجلاء ينطبق أو يتماهى ويتماشى ويمكن قبوله كنصيحةٍ أو توصيةٍ لصاحبِ مزرعة دواجن بِنَقل أقفاص من الدجاج مِن مكان الى مكان وذلك من اجل عمل تنظيف او صيانة او تعقيم لحظيرتها ثم يتم إعادتها الى مكانها الطبيعي وهذا كلام فيه كل المنطق والعقل والفهم وهذا مقبول ومعقول للعامة واصحاب الاختصاص ويمكن استيعابه بلا استغراب ،
ولكنه سيد الرئيس لا يمكن بحال من الاحوال ان يكون مقبولا ولا معقولاً عندما يكون الكلام عن أُسود وعن شعبٍ متجذِّرٍ في ارضه بلا حدود لم تُخرجه منها صواريخكم وقنابلكم وبوارجكم ولم يُرهِبه جَمعُكم .

ربما انك لم تشاهد منظراً واحداً من مناظر هذه الحرب التي هي امريكية خالصة وبامتياز ، جندتم فيها وحليفتكم الوحيدة بريطانيا بالترغيب والترهيب دولاً خاضعة لأمرٍ او أُمور لا شأن لنا بها لأن مشاهدةً واحدةً منها تكفي لان تجعل مِن إتخاذ موقف تجاهها يستوجب استدعاء كل عقلاء العِلم العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لقراءة ما حصل على أرض هذه الحرب الغير متكافئه ومن المؤكد انهم سيكونون امام حالة غير مسبوقة على الاطلاق ولا يمكن قراءتها بالاعتماد على معايير ونظريات لكل تلك العلوم والتخصصات .

بعيداً جداً عن الخيال والوهم والتشنُّج وبناء على واقع حقيقي معلوم ومشهود ومُعاش فإن الحقيقة تقول انه على الرغم من القوة العظمى التي تتصف بها امريكا دون الخوض في تفاصيل هذه القوة فإنها لم تصل بأي حال من الاحوال لما يؤهلها بان تحمل لقب امبراطورية على الاطلاق ، فصفات ومواصفات وأركان ومؤهلات الامبراطورية بكل تفاصيلها لا تنطبق على امريكا من قريب او بعيد ، وهذا قول يحتاج دحضه الى برهان .

لن ولم يسجل التاريخ منذ نشأته الى ان ينتهي التاريخ على هذه الارض اعظم من امبراطورية روما وفارس فكلاهما تجاوزتا الألف عام من بقائهما كامبراطوريتين سيطرتا على العالم بلا منازع ولم يكن لهما نِدّ او مُنافس ، واذا ما اردنا ان نذكر امريكا مع هاتين نكون قد تجاوزنا المنطق لأن المقارنة لا تجوز ،
وبلغةِ واحدٍ مِن اعظم شعرائنا الذين نعتز بهم ولاعتزازنا بلغتنا وبلاغتها نقول كما قال جرير :
فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ …فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا

كلتا الامبراطوريتين انتهيتا والى الابد في نهاياتٍ متشابهةٍ الى حدٍّ كبير ، فكانت نهاية كل واحدةٍ على إثر معركة خاضها جيش قليل العدد يقوده قادة عظام تقدموا الصفوف (( ولو نعلم انك رأيت مشهد حرب غزة لقلنا لك ان القادة الذين قادوا هذه الحرب هم نسخة طبق الاصل عن القادة الذين نتحدث عنهم وأطاحوا بتلك الامبراطوريات )) ولكن مرة ثانيه نقول ان ما سمعناه يؤكد انك لم ترى مَشاهد هذه الحرب .


استثنائية هذه الحرب حيث ان نتيجتها قد حُسِمَت في ساعتها الاولى بغض النظر عن طول مدتها والأضرار الناجمه عنها كما رأى العالم من إبادة جماعية وإجرام ممنهج زاد من قوة الحجة وتدعيم نتيجتها الاولى بأنكم لم تنتصروا ودليل ذلك القطعي هو بحثكم الان عن بدائل وحلول ، وما طرحكم الذي طرحتموه إلا تغطية وتعمية على فشلكم في حربكم هذه ، وان طرحكم هذا ما هو إلا محاولة فاشلة لإشغال الناس بأمر تعلمون انه غير قابل للتنفيذ وان الهدف هو اجبار الناس على الحديث في امور وهمية القصد منها إرباك الشارع العام بتصريحات نارية هدفها الرئيسي الابتعاد عن الحديث عن الإبهار والمعجزات التي صنعتها المقاومة في هذه الحرب العالمية الظالمةِ الخاسره .

لن يُغيِّر هذا التنفس الاصطناعي ولا الانعاش الذي تقومون به من الأمر شيئا ، ولن تنفع معها تصريحاتكم الناريه ، فهي مكشوفة جداً مقصدها تشتيت الانتباه ،
وليس كل تفكير خارج الصندوق صحيح ، في الغالب يكون خارج حدود المنطق بل وهمٌ وسراب ،
هذه حربٌ غيَّرَت مسار التاريخ العالمي بامتياز ومن لم ير ذلك فإنه بحاجة ماسة الى ان يسأل ويستشير ،
لم يعُد للهيمنة والنفوذ والهيبة التي رُسِّخت في الأذهان والعقول منذ زمنٍ طويلٍ اي قبول ،
وان السردية التي نُسِجَت خيوطها مِن وهمٍ وكذبةٍ طال أمدها قد ولّت وانتهت ولم يعد ينفها كذب الكاذبين ولن يحميها قرع الطبول ،
‏Mr President, الواقع الحقيقي على الارض الآن ابلغُ
مِن وعيدٍ وتهديد .
يوسف رجا الرفاعي