06-02-2025 02:33 PM
بقلم : روشان الكايد
عند التطرق إلى مسألة "من يحكم العالم ؟"، نجد أنفسنا أمام جدلية معقدة تتقاطع فيها السياسة، الاقتصاد، والإعلام، مما يجعل الإجابة عنها تتطلب قراءة معمّقة في العلاقة بين الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني .
فهل تحكم أمريكا العالم بسطوتها العسكرية والاقتصادية؟أم أن اللوبي الصهيوني هو القوة الخفية التي تقودها من وراء الستار ؟
الإجابة ليست بسيطة. فاللوبي الصهيوني بلا شك يمارس تأثيرًا واسعاً، لكنه لا يحكم بشكل مطلق، أمريكا كدولة تمتلك من الأدوات والقوة ما يجعلها قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة، لكن هذا لا يعني أنها محصنة من الضغوط الداخلية، وخاصة من قِبل مجموعات ضغط قوية كالمجمع الصناعي العسكري واللوبي الصهيوني .
الحقيقة أن العالم تحكمه شبكة من المصالح المشتركة بين القوى الاقتصادية والسياسية الكبرى، حيث تتداخل مصالح الدولة الأمريكية مع مصالح جماعات الضغط، مما يصنع توازناً دقيقاً بين الهيمنة الظاهرة والنفوذ الخفي .
أمريكا: الإمبراطورية العظمى
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الأولى في العالم، بما تمتلكه من ترسانة عسكرية هائلة، واقتصاد هو الأكبر عالمياً، إضافة إلى هيمنتها على المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي؛ هذه السيطرة المباشرة تمنح واشنطن نفوذاً كبيراً على السياسات العالمية، مما يجعلها تبدو وكأنها اللاعب الأول والمتحكم في النظام الدولي أو كما يُطلق عليها _شرطي العالم _ .
من الناحية التاريخية، اعتمدت أمريكا على قوتها الذاتية لتحقيق أهدافها، ما رسّخ نفوذها كقائد للنظام العالمي الجديد. ولكن، خلف هذه القوة الظاهرة، هناك قوى ضغط تسهم في تشكيل القرار السياسي الأمريكي، أبرزها اللوبي الصهيوني .
اللوبي الصهيوني: النفوذ الناعم والخفي
اللوبي الصهيوني، وأبرز مؤسساته إيباك (AIPAC)، يُعد من أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وله تأثير واضح في صياغة السياسة الأمريكية، خصوصاً في قضايا الشرق الأوسط؛ يمتلك هذا اللوبي أدوات متعددة للنفوذ، منها التأثير على الإعلام، تمويل الحملات الانتخابية، وإقامة علاقات وثيقة مع صناع القرار في الكونغرس والبيت الأبيض .
ما يجعل اللوبي الصهيوني خطيراً في نظر الكثيرين هو قدرته على توجيه السياسة الأمريكية بما يخدم مصالحه، وليس بالضرورة مصالح الولايات المتحدة نفسها، فعلى سبيل المثال، نجد أن المواقف الأمريكية تجاه الصراع العربي–الإسرائيلي غالباً ما تأتي متطابقة مع رؤية إسرائيل، بغض النظر عن التكاليف السياسية أو الأخلاقية التي قد تترتب على ذلك، واكبر مثال على ذلك ما يقوم به ترامب خلال هذه الفترة تجاه غزة ومحاولة تهجير أهلها والضغط على الأردن ومصر لتقبلان بهذه السياسة الهمجية.
في النهاية
سواء كان اللوبي الصهيوني هو من يحكم العالم أو أن أمريكا هي الحاكم الفعلي، تبقى النتيجة واحدة: النظام الدولي معقد ومتشابك، تديره مصالح متداخلة لا تتوقف عند حدود الجغرافيا أو القومية، وما يهم حقاً هو فهم هذه التوازنات، لا لتحديد من يحكم، بل لمعرفة كيف تُصنع السياسات التي تشكّل مصائر الشعوب .
وفي الختام
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-02-2025 02:33 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |