بقلم : محمد هذَّال بني صخر
لطالما كان الأردن بجميع أطيافه خنجرًا حادًا في خاصرة كل من يفكر أن يمسه، وسيبقى حادًا ويبترُ بترًا، فتأكيدات جلالة الملك على أن محاولات ترامب لتهجير الأشقاء الغزيين من غزة هي مسألة محسومة لدى الأردنيين ولن يحدث ذلك إطلاقًا، وعقِبَ ذلك تأكيدًا من الناطق الرسمي للحكومة الأردنية، وزير الخارجية أيمن الصفدي أن أي محاولة تهجير للغزيين هي ”إعلان حرب وسنحارب“.

فعلى مدار العقود الماضية، ظل الأردن ثابتًا في موقفه الرافض لأي مشاريع تهجير للأخوة للفلسطينيين، معتبرًا ذلك تهديدًا مباشرًا لكيانه الوطني وهويته السياسية، فالقيادة الاردنية واعية تمامًا أن تهجير الفلسطينيين يمثّل التصفية للقضية الفلسطينية وإنهاء حق العودة، وهو أمر يتعارض مع الموقف الأردني الرسمي القائم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية ورفض الوطن البديل.

فالأردن، بقيادة جلالة الملك يسعى بحنكته وقوته السياسية إلى دحض وتفتيت ما يأتي به ترامب بتهجير الغزيين من أراضيهم، فالأردن المعروف بدبلوماسيته النشطة، سيستخدم كل أوراقه السياسية والدولية لمنع التهجير، بدءًا من الضغط على القوى الكبرى إلى تفعيل دوره في الأمم المتحدة والجامعة العربية وغيرها من الأدوات الدبلوماسية لدحض هذا المخطط، هذا من الناحية السياسية والدبلوماسية.

اما من الناحية العسكرية، فهو خيارٌ وارد ومؤكد أردنيًا في حال فشلت المسارات الدبلوماسية، فسيجد الأردن نفسه مضطرًا لاتخاذ إجراءات عسكرية لحماية حدوده ومنع تدفق المهجرين، سواء عبر الدخول في مواجهات عسكرية محدودة أو حتى مفتوحة النطاق.

وفي المنطق السياسي والعسكري أيضًا، يبقى السؤال الكبير: هل يمكن أن تصل الأمور إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الأردن وإسرائيل؟ نعم، ولكن في الواقع أن الأردن يسعى لتجنب الحرب بأي ثمن، لكنه في ذات الوقت لن يقبل بفرض واقع جديد يمس سيادته وأمنه ويصفّي القضية الفلسطينية، فمع تزايد التهديدات، يصبح الموقف الأردني قيادتًا وشعبًا أكثر وضوحًا وأكثرُ تأكيدًا على أن التهجير لن يمر، ولو أدى ذلك إلى اتخاذ إجراءات حاسمة، قد تكون الحرب أحدها.

اما عربيًا، أكدت الأقطاب العربية ومنها مصر والسعودية، أن حل الدوليتين وإقامة دولة فلسطينية هو ما سيتم العمل به وغير ذلك لن يمر ولن يُقبل به قطعًا.