10-02-2025 12:08 PM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
تتجه الأنظار غداً الثلاثاء إلى واشنطن، وتحديداً إلى البيت الأبيض حيث يلتقي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت حرج جداً وضع فيه الرئيس ترامب نفسه وقادة المنطقة والعالم حيث أعلن عن نيته تهجير أهالي غزة إلى الأردن ومصر ودول أخرى بما يشبه حكاية من حكايات الحربين العالميتين الأولى والثانية، ووفق خطة مرتبكة يقول الرئيس إنها ليست مستعجلة.
منذ ولايته السابقة يعلم الرئيس ترامب جيداً موقف جلالة الملك من كل الأفكار أو المشاريع التي لا تأخذ في الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس الشريف على أنها مقترحات عديمة الفائدة، ولن تتحقق على أرض الواقع، وستزيد من تعقيدات الصراع وتجعله مفتوحاً على احتمالات كثيرة!
لعل الرئيس ترامب يتذكر الأسباب التي أوضحها جلالة الملك حين رفض مبدأ صفقة القرن كمنطلق لعملية سلمية مبنية على أسس اقتصادية، وتحذيراته من مفاجآت كتلك التي وقعت يوم السابع من أكتوبر عام 2023 كرد فعل على رفض إسرائيل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ومحاصرته وسرقة أراضيه والعدوان عليه وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وغيرها من ممارسات الاستيطان والتهويد، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك الوضع من توسيع لدائرة الصراع تحت عناوين متعددة.
يذهب جلالة الملك إلى واشنطن وقد تابع الجميع حالة الارتباك واسعة النطاق التي أثارها الرئيس ترامب ليس حول مستقبل غزة وحسب بل حول كندا والمكسيك والصين وغيرها من دول أميركا اللاتينية، وكأنها حرب تجارية صدامية بمنطق الشركات وليس الدول، فضلاً عن قراره بفرض عقوبات على محكمة العدل الدولية، ووقف التمويل لمنظات دولية، وغير ذلك كثير مما يشغل بال العالم، ويفتح سلسلة من الأسئلة المحيرة عن مستقبل العلاقات الدولية بأكملها!
لكنّ جلالة الملك ذاهب إلى هناك وهو على يقين أن شعبه معه مستعد لتحمّل مسؤوليات موقفه المدافع عن الحق الفلسطيني، والرافض لتصفية قضيته على حساب الأردن، ولا على حساب ذلك الحق، وليس أدل على ذلك من وقفات المساندة الوطنية لمواقف جلالته التي أقيمت في أنحاء المملكة، وبمشاركة جميع القوى السياسية والحزبية والنقابية، وهو فضلاً عن ذلك مطمئن لموقف مصر وللموقف العربي عموماً، والمواقف التي عبر عنها المجتمع الدولي تجاه (التهجير) باعتباره تصرفا عنصريا غير إنساني ومناف لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية جميعها، والأهم من ذلك أن جلالة الملك قادر على التمييز بين حقيقة ما يصرح به الرئيس ترامب بشأن مستقبل غزة، وبين حقيقة ما يفكر فيه بشأن مستقبل إسرائيل نفسها، وأثر ذلك على التنافس القائم في منطقة الشرق الأوسط بين القوى الإقليمية من ناحية، والقوى الدولية من ناحية أخرى، أي على مستقبل الشرق الأوسط بمجمله.
يحظى لقاء جلالة الملك بالرئيس ترامب باهتمام بالغ لدى جميع الأوساط التي ترى فيه (ساعة الحقيقة)، مع وجود قناعة بأن المسألة لا تتعلق بممارسة ضغط على الأردن لكي يقبل أو لا يقبل فكرة تهجير الغزيين إلى الأردن وحسب، وإنما تتعلق بتأثير جلالته على الرئيس ترامب كي يعيد حساباته ويغير فهمه للقضية الفلسطينية على أنها أعمق بكثير مما يظن، وأنها ربما تحدد مصير العالم كله بأبعادها التاريخية والدينية والإنسانية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-02-2025 12:08 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |