حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,11 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2391

نادية سعدالدين تكتب: خطة "ترامب" لن تمر

نادية سعدالدين تكتب: خطة "ترامب" لن تمر

نادية سعدالدين تكتب: خطة "ترامب" لن تمر

10-02-2025 12:09 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
بعد قرن ونيف؛ يستلهم الرئيس «ترامب» من «وعد بلفور» (1917) ركائز خطته بشأن مستقبل قطاع غزة عقب تعديل فحواه، منح بلاده حقاً جائراً في أرضٍ ليست لها على حساب حقوق أصحابها الشرعيين بتهجيرهم وإناطة «الأمن» للاحتلال الصهيوني توطئة لاستيطانها لاحقاً. ورغم تقادم السنين واختلاف الظروف المصاحبة، فلا فرق في المضمون بين «الأصل» و»النسخة المُستحدثة»، فكلاهما مشروع استعماري يقوم على فكر الإقصاء والتهجير لسلب حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، والذي أقرته المواثيق والأعراف والقوانين الدولية.


ومع ذلك؛ لن يُكتب لخطة «ترامب» النجاح، سواء بالضغط السياسي والاقتصادي على دول المنطقة أو بالتفاهمات معها أو بدعاوى «الهجرة الطوعية» الزائفة، أم بالقوة العسكرية الغاشمة التي جربها الاحتلال لأكثر من عام ولم يستطع بها تفريغ غزة من سكانها والقضاء على المقاومة الفلسطينية. أما العقبات الكؤود فهي:

أولاً: صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه ورفض مغادرتها، عدا وعيه وإدراكه التامّين بالمخطط الصهيوني للتهجير. فهناك جهل بإرادته وعزيمته الصلبة وما قدمه من تضحيات أسطورية طوال مسار القضية الفلسطينية، وبتجذر المقاومة في نسيجه المجتمعي ورسوخها في وجدانه. ولعلّ مشهد عودة آلاف النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع عقب سريان وقف إطلاق النار رغم الدمار الهائل، يُجسّد مهابَة قوة الروابط بأرضهم وهويتهم.
ثانياً: صلابة الموقف الأردني، وكذلك المصري، الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم. وينطلق الأردن من موقف رسمي وشعبي ثابت وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة. وتُدرك عمان والقاهرة تبعات التهجير الجسيمة بإجهاض الحقوق الوطنية الفلسطينية، ومحاولة تكرار مخطط غزة في الضفة الغربية، والمساس بأمنهما القومي وباستقرار المنطقة.
ثالثاً: فشل مشاريع التهجير الممتدة منذ عام 1967 في اقتلاع أهل الأرض من جذورهم التاريخية، بسبب صمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة. ومنها، على سبيل الدلالة؛ مقترح الصهيوني موشيه ديان عقب العدوان مباشرة لضم قطاع غزة وإفراغه من سكانه، والذي أعاد طرحه عام 1974 تحت مزاعم «التهجير الطوعي»، وهي نفس خطة نتنياهو الحالية، والمماثلة لمخطط عام 1987 الذي قدمه الوزير المتطرف «رحبعام زئيفي» (تم اغتياله على يد المقاومة الفلسطينية عام 2001) لترحيل الفلسطينيين إلى الدول العربية.
رابعاً: الرفض العربي والدولي لخطة «ترامب» وتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي. وقد لا يُعوّل كثيراً على المتغيرات الدولية الراهنة؛ إزاء انشغال روسيا بحربها مع أوكرانيا، بينما الاتحاد الأوروبي غارق في همومه الداخلية، وما يزال يدور في الفلك الأميركي، لا سيما السياسية البارزة منها المتعلقة بالمنطقة. أما الصين فتميل دوماً للمسار الدبلوماسي، على وقع المنافسة التكنولوجية الشرسة مع الولايات المتحدة، تحت غطاء الحرب التجارية الممتدة بينهما منذ مارس 2018، والتي طالت مواطن أخرى، مثل إعلان واشنطن، في سبتمبر 2023، عن مشروع الطريق الجديد بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، في مواجهة مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، لعام 2013، وعرقلة مسارها.
خامساً: الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس الأميركي حول «خطة ترامب»، والذي يمكن استثماره عربياً وإقليمياً لصالح إحباطها. وهنا أشير لمسألتين مهمتين؛ أولاهما: أن ترامب يتعامل مع الطروحات بوصفها «صفقة»، على حد قوله، قد يتراجع عنها إذا واجهته العقبات. وثانيهما: انشغاله بمعالجة العديد من التحديات الأخرى التي نتجت عن تصريحاته حيال بنما وخليج المكسيك وغرينلاند، وبالتالي إما أن تكون «خطة غزة» على شاكلة وعوده التي أطلقها في ولايته الرئاسية الأولى، كتحويل كوريا الشمالية إلى وجهة سياحية عند تفكيك مشروعها النووي العسكري، أو أن تشكل تلك القضايا مجتمعة بؤراً ساخنة قد تنفجر في أي لحظة.
ويتصل ذلك بمسألة الالتفات الأميركي نحو منطقة الباسيفيكي الآسيوية، في إطار التنافس العالمي، عبر محاولة اختراق الحديقة الخلفية لروسيا، الممثلة في منطقة آسيا الوسطى، وتقييد سياسات الاتحاد الأوروبي واليابان، واحتواء نفوذ الصين المتصاعد والتحكم في أحد أهم مصادر الطاقة تجاهها.
إلا أن تلك «الضمانات» مرتبطة بخطوات وازنة؛ تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، صمود دول المنطقة أمام أي ضغوط أميركية، وقيامها بتنويع شراكاتها وتعزيز علاقاتها الدولية، لاسيما روسيا والصين ودول أوروبا، وتنشيط حراكها الدبلوماسي لمواجهة مخطط ترسيخ المشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين والمنطقة.
أما الشعب الفلسطيني فسيبقى راسخاً صامداً متجذراً في أرضه ومدافعاً عن حقوقه المشروعة، وسيحبط مخططات التهجير كما أحبط أهداف حرب الإبادة الصهيونية.











طباعة
  • المشاهدات: 2391
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
10-02-2025 12:09 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل ينجح مخطط ترمب المدعوم "إسرائيليا" في تهجير الفلسطينيين من غزة رغم الرفض القاطع لمصر والأردن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم