11-02-2025 09:33 AM
بقلم : تمارا خزوز
قبل عامين تقريبا، كان لي موقف واضح من مشروع تعديلات قانون العمل وتحديدا الجزئية المتعلقة بالتحرش الجنسي في مكان العمل، ليس تقليلا من أهمية الموضوع، بل خلافًا على ترتيبها في سلّم الأولويات الوطنية.
فبمنطق الأولويات، الأولى أن نضمن أولا وصول المرأة إلى سوق العمل من خلال توفير شبكة مواصلات آمنة واقتصادية تربط العاصمة بالمحافظات، والتي يعد غيابها من أهم أسباب عزوف المرأة عن سوق العمل. وبالمنطق أيضا أنه في حال تزاحم الضغط على الموارد والفرص التمويلية وهو ما يحصل في العادة، فإن الأولوية يجب أن تُعطى للمواصلات على حساب القضايا الأخرى.
إذا قسنا على هذه القضية وحدها، نجد أننا كنا رهينة لعشرات التجاذبات والخلافات التي أثقلت النقاش العام حول أهمية القضايا التي تزاحمت على سُلَّم أولوياتنا الوطنية، والتي كانت خاضعة دائمًا لأجندات محلية حكومية ومدنية، ومرتبطة بشروط تمويلية تفرض علينا أولويات مختلفة.
اليوم نحن أمام لحظة تاريخية حاسمة، قد يكون الرئيس الأميركي ترامب قد أسدى لنا فيها معروفًا، بإلقائه قنبلة سياسية مزلزلة بحجم مخطط التهجير والضم ووقف المساعدات، لتكون لحظة مكاشفة ومصارحة، وبداية تحوّل في الوعي الجمعي نعيد به صياغة أولوياتنا، ونتخلى عن الخلافات والتجاذبات، ونتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية أمام الأجيال القادمة.
هذه اللحظة الحاسمة بمختلف تجلياتها تقتضي المسارعة لفتح باب حوار جدي وعميق بين الحكومة من جهة، والقطاع الخاص والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، يكون عنوانه الرئيس “أولوياتنا الوطنية”.
على الصعيد الاقتصادي، لا نحتاج إلى إعادة اختراع العجلة، فرؤية التحديث الاقتصادي وأهدافها واضحة وتحتاج إلى تطبيق؛ فيما يتعلق بتعزيز الإنتاج المحلي ومحاربة الاحتكار ودعم الابتكار في مجال التكنولوجيا، ومحركات النمو الداعمة للاقتصاد واضحة ومعرفة في الرؤية.
ومن أولوياتنا الوطنية الملحة في هذا المجال أيضًا، تعزيز دور رأس المال الوطني وخلفيته المعرفية بالقضايا التنموية، واحتياجات المجتمع المحلي، والعمل معه على إيجاد حلول تنموية جذرية طويلة الأمد، مع مراعاة ضرورة حل الإشكاليات التي ترافق هذا الدور بسبب صغر حجمه واستنزافه بسبب المنافسة الشديدة من قبل جميع الأطراف بما فيها الحكومة على موارده.
في المرحلة القادمة، وفي ضوء شح الموارد، ستصعد قضايا على حساب قضايا أخرى، وستبقى القضايا المتعلقة بالبنية التحتية والنقل والمواصلات وشبكات المياه والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة تحدي كبير ومصدر قلق للجميع.
أما عن القضايا المتعلقة بالتنمية السياسية وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، فكثير من هذه الإشكاليات والقضايا يمكن أن تحل بتعزيز الحريات المدنية والسياسية، والمصالحة الوطنية، والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، خاصة فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بالتمكين القانوني للفئات المهمشة والوصول إلى العدالة وتطوير الجهاز القضائي.
إنّ الدعوة لإعادة صياغة أولوياتنا الوطنية ليست مجرد خيار، فأخطر ما سيهددنا في المرحلة القادمة هو غياب الرؤية المشتركة لصياغة أولوياتنا الوطنية، وتحديد هذه الأولويات اليوم هو مصلحة عليا ومسألة أمن وطني.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-02-2025 09:33 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |