بقلم : كامل النصيرات
يقترب والدي من الخامسة والثمانين.. هو بنصف رِجل تعينه على المشي قليلًا؛ كثير من العمليّات الجراحية أبرزها القلب المفتوح وعمليات الديسك المتعددة.. ومع ذلك؛ كلّما جاءت سيرة فلسطين اعتدل في جلسته وقال لي: بدّي طريقة أرجع فيها «للبلاد».. أسأله: ألم تنسَ..؟ يعلو صوته بحشرجة فيها من الألم المشوب بالاحتجاج على السؤال: شو أنسى؟ إحنا غلط إنّا طلعنا.. انضحك علينا عشان نطلع.. لازم ما طلعنا.. بس الله يجازي اللي اقنعنا بأن نسوانّا وعرضنا في خطر..!

والدي «الختيار» يتمسّك بكل صورة في ذاكرته للبلاد.. رغم أنهم لم يكونوا يعيشون في نعيم.. كانت حياتهم «خشنة» وفيها من الحرمان ما فيها.. ولم يشعروا بنعيم الحياة الحقيقي إلّا بعد نزوحهم للأردن كما قالوا لي..!

يسألني أو يجلدني أولادي: ليش طلعتوا من فلسطين وليش تركتوها..؟ أضحك وأنا أجيبهم: أنا ما طلعت.. أنا مواليد هان.. وأمّي وأبوي ما كانوا متجوزين أصلًا لما طلعوا.. !

ما أودّ قوله: إنّ زمن أوّل حوّل.. وقصّة التهجير وأن يعود الفلسطينيون لصناعة «تغريبة» جديدة ما عادت في حسابات أحد..! ومشاهد عودة الغزّيين لبيوتهم حسمت كلّ الهراء القادم إلينا من كواليس الحالمين..!

لا هجرة بعد الآن إلّا هجرة أبناء الدولة اللقيطة والأيّام شاهدة على جيلنا والأجيال القادمة..


الدستور