حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,12 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1701

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: الشرق الأوسط وتسونامي التصريحات

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: الشرق الأوسط وتسونامي التصريحات

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: الشرق الأوسط وتسونامي التصريحات

12-02-2025 08:49 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ا. د. عبدالله سرور الزعبي
خلال النصف الثاني من العام الماضي تابع العالم الحملات الانتخابية الامريكية وتصريحات المرشحين للمنافسة والمناظرات، حيث ركز الرئيس ترامب فيها على انهاء الحروب في الشرق الأوسط وروسيا وغيرها، وانه سيعيد الاستقرار والتوازن الى العالم الذي سيكون أكثر امناً وسلاماً في عهده وطارحاً نفسه كرجل سلام مميز وطامحاً للحصول على جائزة نوبل.



كما ويسجل له قدرته على إيقاف الحرب على غزة قبل تنصيبه بيوم واحد، مما جعل البعض يتفاءل بانه الشخص القادر على فرض الحلول السلمية وبواقعية، وانه قادر على ارغام الحكومة الإسرائيلية على القبول بالقرارات الأممية، وانه سيغير التاريخ للأفضل، لا بل بان أحد الأصدقاء الالمان (في حديث معه) توقع له ان يكون كليمانس فون مترينخ (Klemens von Metternich) القرن الحالي (وكليمانس هو الذي ترأس مؤتمر فينا عام 1815الذي أسفر عن اتفاقيات انهت الحروب الاوربية وارست مرحلة جديدة من الدبلوماسية وعملت على استقرار أوروبا لمدة 100 عام عن طريق انشاء نظام توازن للقوى والعمل على احتواء المهزوم وإعادة تأهيله، ومنح سويسرا حق الحياد والقائم الى يومنا هذا.



ان التفاؤل لم يدم طويلاً، فالرئيس ترامب، بعد ان أوقف حرب غزة، الا انه اشعل حروباً أخرى في العالم والمنطقة من خلال التصريحات الداعية لتغير الجغرافيا في أوروبا وامريكا الشمالية واللاتينية وتهجير سكان غزه (والاستحواذ عليه) الى كل من الأردن ومصر، مهدداً بمثل هذه التصريحات الامن الوطني والقومي لكلتا البلدين، (وخاصة ان الأردن سبق وان استقبل عدد من موجات اللجوء خلال العقود الماضية، أدت الى احداث تغير في بنيته وأوقعت ضغوط اقتصادية تفوق قدرات الدول العظمى، والاردن لديه ثوابت لا يمكن له تجاوزها اتجاه القضية الفلسطينية انطلقت منها استراتيجيته الكبرى وامنه الوطني) ودون الاخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة للولايات المتحدة مع الأردن ومصر، وخاصة ان الأردن يعتبر ركيزة أساسية للاستقرار والامن في شرق المتوسط، لا يمكن لاحد من المغامرة في امنه.


ان هذه التصريحات رفضت فوراً وبقوة من الأردن ومصر ولاقت ردود فعل رافضة لها من كافة الدول العربية والإسلامية والعالمية، لا بل ان أعضاء مجلس الامن أعلنوا عدم استعدادهم للتعامل معها، وهي غير متوقعة، الا ان من قراء كتباب ترامب فن الصفقة (وهو الشخص الذي يتبع أسلوب المفاجئة بالطرح ورفع السقف في المطالب وارباك الطرف الاخر) يعلم انه مستعد للتصريح باي شيء لتحقيق هدف معين. وعلى الرغم من معرفته وكامل أعضاء فريقه بان مثل هذا الاجراء يخالف القوانين الدولية، الا انه لا يؤمن بذلك ولا بالعلاقات الدولية المتوازنة والقائمة على المصالح المشتركة، بل ان سياسته قائمة على الهيمنة الكاملة.


ان مثل هذه التصريحات الغير مسبوقة من رئيس دولة عظمى جاءت لتنسجم مع اهداف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وهي التي لديها استراتيجية لمنع إقامة دولة فلسطينية منذ تاريخ نشاءتها، الا انها تلجا وتحت الضغط الدولي لتغير التكتيك من فترة لأخرى منتظرة الفرصة المناسبة للعودة اليها، وبذلك اعتبرت هذه التصريحات (وعلى الرغم من قناعتهم من استحالة تطبيقها) نصراً لم يسبق لها ان كانت تتوقعه وبهذه السهولة من ادارة دولة عظمى رعت اتفاقيات السلام مع مصر والأردن واتفاقية أوسلو التي من المفروض ان تؤدي الى إقامة الدولة الفلسطينية.



وعلى الرغم من حدوث تغير في لهجة الرئيس ترامب وفريقه، الا ان إسرائيل بدأت بتسويق الفكرة وباشرت في الترتيبات اللازمة لتنفيذها، وكأنها أصبحت امر واقع.


اما المفاجئة الكبرى والتي تجاوزت الأراضي الفلسطينية فكانت في تصريح نتنياهو "لا مانع من اقامة دولة فلسطينية في السعودية" (وهو الساعي لتطبيع العلاقات معها)، وعلى الرغم من ان البعض فسره بالمزحة، او عبارة عن خلط أوراق، الا انه بكل تأكيد يدل على التخبط السياسي ويمكن اعتباره بمثابة اعلان العدوان المباشر على الشقيقة السعودية وله ابعاده الجيوسياسية الغير معلنه، كجزء من المخطط الإسرائيلي الهادف الى تغير وجه المنطقة بالكامل، وهي اللحظة التي يعتبرها نتيناهو لحظة تاريخية، لكن من الواضح ايضاً ان غروره بعد الاستماع لطرح الرئيس ترامب (وهو العالم بشخصيته) جعله يتناسى ان المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية دولاً لها جذورها وثوابتها الراسخة في أنظمتها الملكية وشعوبها المؤمنة بقياداتها والتي لا يمكن في يوماً ان تفرط في حقوق الشعب الفلسطيني او تساوم على الامن الوطني والقومي. كما انه تناسى بان المشكلة ليست في وجود الفلسطينيين بالبحث لهم عن منطقة جغرافية ليقيموا فيها بل بوجود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية والمخالف لكل القوانيين الدولية والقرارات الأممية.


وهنا يجب التأكيد على ان السعودية، هي صاحبة المبادرة العربية عام 2002 الداعية لإقامة دولة فلسطينية والانسحاب من كافة الأراضي المحتلة مقابل السلام الشامل بالمنطقة، ولو وافقت إسرائيل عليها لكانت ترسخت ثوابت الاستقرار والامن في المنطقة ومنذ أكثر من عقدين من الزمن. الا ان نتيناهو والذي يشغل وشغل منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية لفترات طويلة لا يؤمن بالسلام ولا يخاطب شعوب المنطقة الا بالضغوط والتهديد مدعوماً بالقوة العسكرية المتوفرة لديه (وهو العالم بان أمريكا لن تسمح بسقوط إسرائيل او هزيمتها) للوصول الى تفاهمات يفرضها بطريقته، وهو الامر المرفوض كلياً. ومن هنا جاءت تصريحاته ضد الشقيقة السعودية لرفضها التطبيع دون قيام الدولة الفلسطينية.



وهنا يمكن الإشارة الى ان التصريحات الداعية لتهجير الفلسطينيين من غزه واقامة دولة لهم في السعودية (وقعت كزلزال في المنطقة وقد يتبعه تسونامي لا يمكن السيطرة عليه فيما بعد) لعدم توفر مقومات للحياة بعد التدمير العبثي من قبل إسرائيل ولإعادة الاعمار ومن الممكن إعادة جزء منهم فيما بعد، فان هناك طرح اخر افضل (كون الادارة الامريكية منفتحة على الآراء الأخرى ومن خارج الصندوق) لماذا لا يتم نقل اللاجئين الفلسطينيين من عام 1948 والمتواجدين في قطاع غزه الى المستوطنات الإسرائيلية (وهي التي أنشئت ومخالفة للقانون الدولي) في الضفة الغربية وتوطينهم فيها وهو حق لهم، ونقل المستوطنين منها الى شمال إسرائيل ومستوطنات غلاف غزة، وإسرائيل قادرة على ذلك وسبق لها ان اخلت المستوطنات من القطاع، واعتقد ان العالم سيساعدها على ذلك.



اما وقد يلتقي الرئيس الأمريكي بالملك عبد الله الثاني غداً ومن ثم يليها لقاء مع الرئيس المصري ويتبعها لقاء مع الأمير محمد بن سلمان، وهو الذي سيسمع منهم الرؤية الواقعية للحلول وان لا حل للقضية الفلسطينية الا بإقامة دولة لهم وفقاً للقوانيين الدولية والقرارات الصادرة عن مجلس الامن.



كما اننا نثق بان الملك عبد الله الثاني بن الحسين والامير محمد بن سلمان والرئيس السيسي وهم القادرين على تشكيل مثلث قوي لحشد الدعم الدولي لمحاصرة اية تحركات مستقبلية (قد تظهر بغلاف اخر) قد تؤدي الى تصفية القضية على حساب دول المنطقة.


اما نحن في الأردن فأننا نؤمن بقدرة جلالة الملك وبالدبلوماسية الأردنية صاحبة الخبرة في التعامل بواقعية مع الضغوط السياسية والاقتصادية واحداث اختراق في السياسة الامريكية تراعي المصالح المشتركة لها مع الأردن ودول المنطقة وتعيد حالة التوازن والاستقرار لها.


الغد











طباعة
  • المشاهدات: 1701
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-02-2025 08:49 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل ينجح مخطط ترمب المدعوم "إسرائيليا" في تهجير الفلسطينيين من غزة رغم الرفض القاطع لمصر والأردن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم