12-02-2025 08:52 AM
بقلم : زيدون الحديد
يبدو أن التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، والضغوط السياسية المتزايدة التي يواجهها الأردن في سياق القضية الفلسطينية وأوضاع المنطقة، كانت السبب في خطوة رفع رأس مال البنك المركزي، والتي شكلت بها علامة فارقة في السياسة الاقتصادية، هذه الخطوة التي لا تحمل فقط دلالات اقتصادية مباشرة، بل تعد أيضا رسالة سياسية قوية للعالم، وتظهر ثبات الأردن في مواجهة الضغوطات ومحاولاته للحفاظ على استقلاليته المالية والاقتصادية.
فالأردن يعاني من العديد من التحديات الاقتصادية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، مثل ارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الديون العامة، وتدهور الوضع الاقتصادي بسبب تأثيرات الأزمات الإقليمية، ولا يمكن إغفال الضغوطات السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والوضع الإقليمي المزعزع ففي هذه الظروف تحاول الدولة الحفاظ على استقرارها اقتصاديا من خلال اتخاذ خطوات نقدية إستراتيجية تتوافق مع احتياجات السوق المحلي وتعزز من قوته المالية.
وأن رفع رأس مال البنك المركزي يعد خطوة غير تقليدية، ولكنها محورية في ظل السياق الراهن، فالبنك المركزي هو الصرح المالي الذي يشرف على السياسة النقدية للدولة، ويمثل ضمانا أساسيا لاستقرار العملة الوطنية، ومن خلال هذه الخطوة، ستعزز الحكومة من قدرة البنك المركزي على مواجهة الأزمات الاقتصادية والنقدية، مثل التضخم، والاحتفاظ بمستوى عال من الاحتياطات النقدية.
وبعيدا عن المعطيات الاقتصادية البحتة، لا بد من النظر إلى هذه الخطوة من الزاوية السياسية في وقت يتعرض فيه الأردن لضغوطات خارجية متزايدة، سواء من أجل القبول بشروط سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية أو للتأثير على مواقفها في القضايا الإقليمية، فكانت هذه الخطوة بمثابة رسالة قوية للعالم بأن الأردن لا يخضع لأي إملاءات سياسية قد تمس سيادته واستقلاله المالي.
وتأتي هذه الرسالة في وقت حساس، حيث يُتوقع من الأردن أن يلعب دورا محوريا في القضايا السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، كما أنه يُطلب منه أحيانًا اتخاذ مواقف قد تكون غير مريحة سياسيا، لكن الحكومة نجحت في توظيف السياسة الاقتصادية بما يتماشى مع مصالح الوطنية، ووجهت رسالة واضحة بما معناها أن الأردن قادر على الحفاظ على استقلاليته المالية، ولن يرضخ لأي ضغط يهدف إلى التأثير على سيادته الوطنية.
وسأسهب في الحديث عن دور الفريق الاقتصادي لحكومة الدكتور جعفر حسان والتوقيت الذي اختاره لهذه الخطوة والذي يعد من أهم العوامل التي عكست قوة الدولة، ففي وقت تشهد فيه المنطقة توترات سياسية وتحديات اقتصادية متزايدة، جاءت هذه المبادرة لتؤكد أن الحكومة لا تعمل فقط على تجاوز هذه التحديات، بل تسعى لتوجيه رسائل اقتصادية وسياسية حاسمة، فالخطوة تمت في وقت كانت فيه الحاجة إلى تأكيد استقرار الاقتصاد الوطني، ولكنها في نفس الوقت كانت بمثابة رسالة للعالم أجمع بأن الأردن على استعداد للتصدي لأي ضغوط تهدد استقلاله المالي والسياسي.
وأقول في نهاية هذا المقال إن رفع رأس مال البنك المركزي في هذا التوقيت جاء ذكيا والذكي لدرجة أنه يظهر قوة الحكومة والدولة في التعامل مع التحديات التي تواجهها، فالخطوة ليست مجرد إجراء اقتصادي، بل هي رسالة سياسية واضحة تبعث بها الدولة الأردنية إلى العالم أنها لن تخضع لأي ضغوط، ولن تتنازل عن سيادتها، وأيضا ان رفع رأس المال هو مثابة درع واق للأردن ليحميه من التهديدات الاقتصادية والسياسية، مما يرسخ من موقفه كداعم للقضية الفلسطينية والقضايا العربية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-02-2025 08:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |