12-02-2025 09:41 AM
بقلم : عوني الداوود
حنكة، وحكمة، ودبلوماسية، وكياسة في الردّ، وتقدير الموقف، بكلام بليغ جامع، حمل كل معاني الموقف الأردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية. تجلّى ذلك في ردود جلالة الملك عبدالله الثاني بالأمس - وبحضور سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني - على أسئلة الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقده (قبل المباحثات الرسمية) مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. كان ذلك مؤتمرًا انتظره وتابعه العالم، ليؤكد جلالة الملك باختصار (3) أمور تلخّص الموقف الأردني:
1. «الأردن أولًا»: «عليّ أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي».
2. «العمق العربي»: «العرب سيأتون إلى أميركا بردّ على خطة ترامب بشأن غزة».
3. الاستمرار بـ«الدور الإنساني»: «الأردن سيستقبل 2000 طفل من المرضى من قطاع غزة».
قبل لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والعالم منشغل بتحليل ما يمكن أن ينتج عن ذلك اللقاء، الذي أزعم - كمتابع - أنه لم يحظ لقاء بهذه الأهمية والمتابعة العالمية من قبل، وذلك لعدة أسباب في مقدمتها:
1. أنه أول لقاء للرئيس المعاد انتخابه «ترامب» مع زعيم عربي.
2. أنه يأتي بعد تصريحات تصعيدية غير مسبوقة وغير متوقعة، من شأنها «شطب القضية الفلسطينية».
3. تصريحات مقرونة بقرارات ضاغطة، بدأت بتجميد المساعدات الأميركية، مرورًا بتصريحات تدعو الأردن ومصر لقبول تهجير الغزيين.
4. أن لقاء جلالة الملك بالرئيس ترامب يأتي بعد أسبوع واحد من لقاء ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يتوقع - بحسب تصريحات - ذلك الكرم «الترمبوي»، الذي تعهّد له بأكثر مما كان سيطلبه.
لذلك كلّه.. وغيرها من النقاط الهامة التي سبقت اللقاء، ذهب جلالة الملك متسلحًا بدعم شعبه الملتف حوله، والرافض لكل الضغوط الأميركية التي لا تزحزحه قيد أنملة عن موقفه الثابت ومبادئه الراسخة، ومن هنا كرّر جلالته الموقف الأردني الثابت مؤكدًا: «عليّ أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي».
جلالته ذهب متسلحًا بدعم وموقف دولي وعربي، ومن هنا تحدّث الملك بكل ثقة مشيرًا إلى أن: «العرب سيأتون إلى أميركا بردّ على خطة ترامب بشأن غزة»، فهناك قمة عربية في القاهرة 27 الشهر الحالي، كما سيلتقي الرئيس الأميركي بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال الأيام المقبلة، وربما تكون هناك «خطة إعمار مصرية لقطاع غزة».
جلالة الملك ذهب متسلحًا بتاريخ علاقات أردنية - أميركية تمتد لأكثر من سبعة عقود وعلى كافة الأصعدة.. ومتسلحًا بالسلام - وجلالته صمّام السلام في المنطقة - والرئيس ترامب أعلن أنه يريد أن يكون رجل السلام في ولايته الجديدة.. ويسعى لوقف جميع الحروب في العالم - كما تعهد في خطاب تنصيبه رئيسًا بل وخلال حملته الانتخابية.. وهو من يرفع شعار «أميركا أولًا».. لذلك كله كان من المهم التأكيد على أن:
1. ليس من مصلحة «أميركا أولًا» زعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط و»عمود خيمته» الأردن.
2. ليس من مصلحة من يطمح أن يكون رجل السلام (ترامب) أن يؤجّج حربًا في الشرق الأوسط بسبب الانحياز الكامل للمتطرفين الإسرائيليين.
3. كيف يكون سلام مع التهجير.. ومع التوطين.. ومع «تهويد الضفة الغربية».. ومع إطلاق العنان للمتطرفين الإسرائيليين يعيثون في فلسطين ومقدساتها فسادًا؟!
4. ليس من مصلحة أميركا الإخلال بعلاقات تاريخية مع دول حليفة في المنطقة، في مقدمتها الأردن، ومصر، والمملكة العربية السعودية تحديدًا، والدول العربية عمومًا.
من هذا المنطلق - وبعيدًا عن كل الضوضاء الإعلامية وصخب التصريحات التي يجيدها ويعشقها الرئيس الأميركي ترامب - فإن العلاقات الأردنية - الأميركية - حتى في هذه المرحلة الصعبة - كانت موضع اهتمام من خلال اللقاءات التي أجراها جلالة الملك قبل لقائه - بحضور سمو ولي العهد - بالرئيس الأميركي، والتي شملت مسؤولين كبارًا في الإدارة الجديدة استمعوا إلى «السردية الأردنية»، وفي مقدمتهم وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي، وشركات أميركية كبرى تم خلالها بحث سبل التعاون بين البلدين.
لقاء القمة بالأمس بين جلالة الملك والرئيس الأميركي لقاء «مهمّ» في مرحلة «خطيرة»، لقاء له ما بعده، أكّد على موقف الأردن وثوابته الرافضة للتهجير والتوطين، وهو نفسه الموقف العربي الموحّد الرافض للتهجير والتوطين، والمتفق على أن لا سلام ولا استقرار في المنطقة - بل والعالم - دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في غزة والضفة وكل فلسطين بالعيش على أرضهم، وليس على أي أرض سواها.. وهذا موقف أردني عربي فلسطيني لا رجعة فيه.
الدستور
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-02-2025 09:41 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |