17-02-2025 08:53 AM
بقلم : نضال منصور
فشلت البروباجندا الترامبية في تضليل العالم حول مواقف الأردن والملك، ولم تنجح في الإيحاء بشكل متعمد أن عمان قد توافق على تهجير أهل غزة.
بعد ساعات من حملة لتشويه موقف الملك بعد المؤتمر الصحفي غير المبرمج في البيت الأبيض، استعادت الدبلوماسية الأردنية زمام الأمور، وانقشع الغبار الذي أثارته تصريحات الرئيس ترامب، وبدأت تتوالى التصريحات التي تؤكد رفض الملك لخطة ترامب، وتمسكه بحماية مصالح الأردن، والأهم هو التأكيد على خطة عربية ستقدم للإدارة الأميركية ترتكز على إعمار غزة ببقاء أهلها في أرضهم.
قلنا أكثر من مرة، إن سنوات حكم ترامب ستكون صعبة ليس على الأردن فحسب، بل على كل دول العالم، أصدقائه قبل خصومه، وعلينا أن ندور الزوايا الصعبة، ونمتلك قدرة على التحرك الدبلوماسي المحسوب دون صدامات، وكلما كان هناك موقف عربي جماعي قلت المخاطر، وزاد منسوب القدرة على المواجهة.
في الأيام القادمة ستلتئم قمة الرياض، بحضور أردني مصري سعودي قطري إماراتي، بتواجد السلطة الفلسطينية، وخلال هذه القمة سيجري التوافق على صيغة موحدة للخطة العربية حتى لو سميت «خطة ترامب»، والأهم أنها تنزع عن خطة ترامب للتهجير كل مشروعية، هذا إن كان لها أي مشروعية، فهي لم تجد قبولا إلا من قادة اليمين الصهيوني المتطرف.
أهل غزة، الذين صمدوا أكثر من 15 شهرا في مواجهة حرب الإبادة، لن يرحلوا عن أرضهم لا طوعا، ولا قسرا، والتعامل معها على أنها أرض للتطوير العقاري، لتصبح ريفييرا الشرق الأوسط وهما، وفشل في فهم ثقافة الشعب الفلسطيني.
قبل القمة العربية المرتقبة في القاهرة ستكون الخطة العربية التي لعبت مصر دورا بارزا في تطويرها، وتستند إلى مبادئ أولها، لا تهجير للسكان، وإنشاء صندوق دولي لإعمار غزة، والتفاهم على إدارة للقطاع لن تكون حماس فيها، وربما تكون هذه أكبر معضلة لم يتم التفاهم على تفاصيلها.
بدورها، أعلنت حماس من قبل أنها مستعدة للتخلي عن السلطة في غزة، والواقع الذي عاشته خلال العدوان، وما تعرضت له قياداتها من ضربات موجعة ستدفعها للتعامل بواقعية، وبرجماتية، حتى لا تعطي ذرائع لنتنياهو، والمتطرفين المحيطين به لإعادة قرع طبول الحرب.
اندفاع الرئيس ترامب لعقد الصفقات سيهدأ، والفيتو العربي سيجعله يراجع موقفه، ففي نهاية الأمر المصالح تحكم، ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية تستطيع أن يكون لها أثر في مراجعة سياساته، وحين نسمع أن الرياض ستستضيف قمة ترامب والرئيس الروسي بوتين ندرك أنه يمكن إحداث اختراقات عربية.
مفاجآت ترامب لن تتوقف، ورغم الأجواء المشحونة التي خيمت على لقاء الملك معه، إلا أن الفيديو الذي أشاد به بالملك لاحقا مؤشر على خطوة للوراء، وكذلك التوضيح الذي أعلنته الناطقة باسم البيت الأبيض أنهى كل محاولات التشويش، والتأويل، والاستقبال الشعبي للملك وحد الصف الوطني، وأعطاه قوة شعبية في مواجهة الضغوط.
ملف العلاقات بين واشنطن وعمان ليست كل خيوطه بيد الرئيس ترامب، وأكثر اللاعبين المؤثرين في الكونجرس، والشيوخ تواصلوا مع الملك بعد اللقاء للتأكيد له أنهم لا يشاطرون ترامب موقفه، ولا طريقة تعاطيه مع الأردن.
ما تزال الملفات مفتوحة على الطاولة، أولها ملف غزة، وبالتأكيد ملف تعليق المساعدات الأميركية للأردن، ولن ننسى أيضا ما يحدث في الضفة الغربية، وهي مخاطر على الأردن حصرا لا تقل أهمية عما يخطط لغزة، ولكن كل هذا لن يستمر، وسيدرك ترامب أن الأمور لا تدار بمنطق الصفقات فقط، ومحددات المصالح أكثر تعقيدا مما يرى.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-02-2025 08:53 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |