بقلم : يوسف رجا الرفاعي
نعم متمردين باعتراف سيد البيت الأبيض نفسه وليس مجرد كلمه تُكتَب او اتهام وليس خروجاً عن النص جهلاً ، بل هو حرفياً ما قاله الرئيس عندما سُئلَ بموجب اي قانون او دستور ستأخذون غزة وتطردون أصحابها اجاب "بموجب الدستور والقانون الامريكي " فاذا لم تكن كلمة تَمرُّد مناسبةً ومعبرةً عن هذا الرد فاختر انت ايها القارئ الكريم ما تراه مناسباً لهذا السلوك الغير مسبوق على الاطلاق ،
هذا ردٌّ فيه تمرد على كل انظمة وقوانين ومؤسسات وهيئات النظام العالمي باكمله وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان بصورة علنية وفيه تَحدٍّ وعنجهيةٍ وغطرسه .

السلوك الامريكي الذي يُترجَم بتوقيع من الرئيس والذي كما قلتُ في اكثر من مَرَّةٍ انه يمثل حالة القرارات التي تتخذها الادارة هناك بخروجها عن الموضوعية ومخالفتها بالغالب للقوانين والقرارات الدولية بأن التوقيع اشبه بذبذبات الزلزال ،
هذا السلوك لا يعكس بل لا يُمثِّل قوةً امريكية مُتَّزنه
بل هي حالة استهتار وانتهاك وتمرد وفرض امر واقع لا يستقيم مع اي مبدأ من مبادئ العدالة والاحترام المتبادل بين الدول ، معلوم ان هذا السلوك يدعمه قوة مالية وعسكرية طاغيه يمكن تنفيذ سطوتها من اجل انفاذ ما تريد كما رأينا ذلك في حرب الطوفان الذي كشف كل المستور .

لن يكون الشعب الامريكي بمنأى عن ارتدادات القرارات الرئاسية الصادمة والهجومية تجاه دول الجوار ، كندا ،المكسيك ،بنما ، كولومبيا ، جرينلاند وغيرها من الدول القريبة والبعيدة ولن يستطيع مواجهة اثار رفع الضرائب على المستوردات من الصين واوروبا بالعموم ،
وكما هو معلوم ومعروف فإن الوضع الاقتصادي والمالي هو ذروة اهتمام الشعب هناك، فلا يعنيه شخص الرئيس ولا تعنيه سِيَر الوزراء الذاتية على الاطلاق كما نرى بام اعيننا ما يثبت هذا الأمر وذلك بعدم اكتراثهم لما يقع على شعوب ودول مِن ظُلمٍ وقهرٍ واستبداد ولكن عندما يصل الأمر إلى جيوبهم فإن الوضع حتماً وحُكماً سيختلف .

لا شك ان في امريكا عقلاء تماماً كوجود العباقرة والمفكرين والعلماء فيها ، وكل هؤلاء بما فيهم كثير من الرؤساء اصبحوا امريكيين عِلماً انهم جاءوا من خارج تلك البلاد وشكَّلوا المجتمع الامريكي الذي بنى القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية ولكنهم ليسوا صُنَّاع قرار ، هولاء العقلاء يعلمون ويدركون ان القوة وحدها لا تضمن لاي مجتمع الأمن والسلام ويعلمون ايضاً ان كَسر النظام العالمي وتعطيل مؤسساته والسير باتجاه معاكس لشعوب الارض قاطبة لا يمكن ان يكون الضامن للهيمنة الاميركية على العالم بالقوة الجبرية وانها ستكون عرضة للانهيار في ظل خلخلةٍ حقيقيةٍ لكل دعائم بقاء قوتها في الداخل والخارج .

اياماً معدودات فقط من عمر هذه الادارة التي تنتهي بعد اربع سنوات أظهرت فيها توجهات فيما اتخَذَته من قرارات وبما تُعلنه من خطوات لا تُبشِّرُ بخير ،
لم نرى اي ابتهاج شعبي هناك لاي قرار او استشراقاً لسياسةٍ مستقبليةٍ تنبئ باستبشار لما هو قادم ، بل كل ما يخرج من هناك ونراه على مواقع التواصل الاجتماعي انما هي توجسات وتخوفات مما هو آتٍ ،
لن نتحدث عن انهاء خدمات آلاف الموظفين في القطاع الحكومي خلال هذه الفترة،فهذا شأن داخلي ،
ولا عن حظر تمويل عشرون ألف طالب من التمويل الفدرالي الذي كما سمعنا أن إيلون ماسك قد اتخذ هذا القرار وان هناك مطالبات باقالته ، كل هذا لا يعنينا لانه شأن داخلي أيضاً وانما ذكرتُ ذلك كدلالة على عدم الرضى حتى هذه اللحظة كما يطفو على السطح وكما تنشره مواقعهم الشبه رسمية والخاصه
ولكن هل سيصمد الشعب اذا اصبح في عُزلةٍ عن الوظائف بِشقيها الحكومي والخاص ناهيك عن العزلة العالمية الانسانيه !!

دخول اوروبا على خط المناكفة مع النهج الامريكي الحالي وإن كانت خجولة الى هذه اللحظة إلا انها مرشحة الى مزيد من التصعيد والتعقيد في حال تم تنفيذ ما تعلنه الادارة الأميركية من توجه الى فرض مزيد من الضرائب على الصادرات الاوروبية كما ان التلويح بان عليها "اي اوروبا " ان تدفع مقابل الحماية الامريكية كما ان التهديد بالانسحاب من حلف الناتو وطلب زيادة انفاقهم الدفاعي هي اشارات مقلقة لاوروبا بلا شك ،
رد الفعل الاوروبي للتصعيد الامريكي الاقتصادي اضافة الى التصعيد الاقتصادي والجيوسياسي مع كندا ودول في امريكا الجنوبية لن يذوب في المحيطات المحيطة بامريكا وإذا ما دَخَلَت الصين على خط المواجهة الاقتصادية عندها يمكن وبقوة طرح السؤال
هل ستصمد امريكا امام رد فعل تلك الدول المؤثره !!

لا يعني السكوت العالمي على النهج الامريكي بكامل تفاصيله ان شعوب العالم قاطبة مع بعض
" الاستثناءات "والتي تمثلها حكوماتها راضية او موافقة على ذلك ، بل هو إتِّقاءً وتجنبًا لمواجهةٍ او صدامٍ مباشرٍ مع الدولار "التِرياق"حمايةً للمجتمعاتِ ولشعوبِ تلك الدول والحكومات التي عمودها الفقري المالي الدولار المحمي والمُحَصَّن بقوةٍ عسكريةٍ ونظامٍ اقتصاديٍّ عالميٍّ تم تطويعه عنوةً ليَضرِبَ بلا هوادةٍ كل مُتمرِّدٍ عليه في ظِل هذا الوضع العالمي المسلوب الارادةِ المُفلِس البائس .
يوسف رجا الرفاعي