17-02-2025 05:50 PM
بقلم :
سرايا - الدكتور عماد الدين زغول - سوف تكون قرارات القمة العربية واقعة بين مطرقة الضرورة وسندانة الاضطرار من باب القول ( وما على المضطر الا ركوبها)
في القمة الطارئة بالقاهرة في 27 فبراير 2025 لن يكون خيار شجب واستنكار ، بل خيار المضطر الذي لا بديل أمامه إلا المواجهة. فمع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، والتلويح بتهجير الفلسطينيين من غزة واعادة رسم الخارطة في الشرق الاوسط ضمن رؤية توراتية ، بات واضحاً أن السيادة العربية لم تعد محصنة ضد التهديد المباشر. وأمام هذا الواقع الصعب تجد الدول العربية نفسها ملزمة باتخاذ القرار المرّ: وهو الدفاع عن وجودها ومقدراتها، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، ومنع التهجير القصري بإعادة إعمار غزة بما يضمن كرامة الإنسان الغزيّ ويحمي المنطقة من اعادة التشكيل التوراتي .
لكن هذا القرار، رغم عدالته وضرورته، لن يكون بلا ثمن. فالضغوط السياسية والاقتصادية التي ستُمارس على الدول العربية ستكون قاسية، خاصة مع عودة البلطجة الترامبية إلى المشهد الدولي، مستخدمة أساليبها الدونكيشوتية في فرض الهيمنة والابتزاز.
الاعتداء الصارخ على السيادة العربية
لم يعد العدوان الإسرائيلي مقتصراً على احتلال الأراضي الفلسطينية، بل أصبح تهديداً مباشراً للدول العربية ذاتها، من خلال محاولات فرض واقع جديد في غزة، بغطاء أمريكي كامل. هذه السياسة لا تعني فقط استباحة فلسطين، بل تمثل تحدياً خطيراً للسيادة العربية ككل، وهو ما يجعل الصمت العربي ضرباً من الانتحار السياسي.
إن التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن إعادة رسم خارطة غزة ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي خطوة مدروسة لفرض معادلة جديدة، تجعل من الفلسطينيين مجرد قضية إنسانية بلا بعد سياسي، وتحول إسرائيل إلى قوة إقليمية مطلقة اليد. هنا، يصبح الرد العربي الحاسم أمراً لا مفر منه، حتى لو كان خياراً مُكلفاً.
واصف القرار بالمرّ للاسباب الوجيهة التالية
1. التبعات السياسية:
أي موقف عربي حاسم سيُواجه برد فعل أمريكي عنيف، حيث ستستخدم إدارة ترامب كل أدواتها للضغط والابتزاز. الدول العربية، خاصة تلك التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع واشنطن، ستجد نفسها في موقف صعب بين مصالحها الوطنية والتزاماتها تجاه فلسطين.
2. التحديات الاقتصادية:
إعادة إعمار غزة تتطلب مبالغ ضخمة، وهو أمر قد يواجه مقاومة داخلية في بعض الدول العربية التي تعاني من أزمات اقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل قد تعرقل مشاريع الإعمار، كما فعلت سابقاً، تحت ذرائع أمنية واهية.
3. الاستقطاب الدولي:
في ظل الاستقطاب العالمي المتزايد، فإن دعم القضية الفلسطينية بشكل عملي قد يضع بعض الدول العربية في مواجهة مع القوى الغربية الكبرى، مما يستدعي دبلوماسية حذرة وقوية في آنٍ واحد.
ولكي لا تتحول القمة إلى مجرد بيان إعلامي آخر، يجب أن تخرج بقرارات ملزمة تشمل:
• تشكيل لجنة عربية للإشراف على إعادة إعمار غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، لضمان إيصال المساعدات دون عراقيل إسرائيلية.
• تحرك دبلوماسي منظم للضغط على الدول الأوروبية المناهضة لسياسات ترامب، واستغلال المنظمات الدولية لمحاصرة العدوان الإسرائيلي قانونياً.
• وضع استراتيجية دفاعية عربية موحدة، تضمن مواجهة أي محاولات مستقبلية لتهديد السيادة العربية تحت أي غطاء سياسي أو عسكري.
وختاما يصلح القول إن القبول بالقرار المرّ لا يعني الضعف، بل هو خيار الشجعان في مواجهة الاستبداد الدولي. الفلسطيني الذي يواجه القصف والجوع والتشريد لا ينتظر بيانات استنكار، بل يحتاج إلى دعم حقيقي يُعيد إليه حقه في الحياة بكرامة.
صحيح أن الضغوط ستكون قاسية، وأن ترامب سيواصل نهجه الدونكيشوتي في ابتزاز الدول العربية، لكن السكوت عن العدوان سيكون أكثر كلفة. فإما أن تكون القمة نقطة تحول حقيقية، وإما أن تكون إعلاناً جديداً عن عجز عربي مُزمن.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-02-2025 05:50 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |