حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,21 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1992

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: العملية التعليمية

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: العملية التعليمية

عبدالهادي راجي المجالي يكتب: العملية التعليمية

18-02-2025 09:30 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
... العملية التعليمية، متوقفة في غزة، لأن المدارس دمرت ونصف الصف استشهد والنصف الاخر صار يتيما، والأساتذة بعضهم هاجر وبعضهم استشهد.. وبعضهم صارت الحياة أولوية لديه.

لدي سؤال: الصبايا هناك بين عمر ال(12) وال (17) ما هو مصيرهن الان؟

شاهدت بعضهن يقمن بنقل الماء, وشاهدت أخريات يقمن بالطبخ, وشاهدت بنتا من غزة تقوم بتنظيف الأواني ربما لم تتجاو ال(15) من عمرها، وأخرى تقوم بجمع الحطب.. هل اغتالوا الأنوثة والجمال في غزة؟

نعم اغتالوا (مقصات الأظافر)، واغتالوا المشط الأصفر الذي كان يجب أن تسرح به الصبايا شعرهن, اغتالوا أيضا فرح الوجوه باستلام شهادات الفصل الدراسي، اغتالوا مريول ليلى، وليلى كانت بنت مخيم الشاطئ، طرزت لها أمها على المريول صورة لبحر غزة وأخرى لفلسطين، أي عالم هذا الذي يغتال المريول!.

اغتالو الكحل في عيون منى، ومنى لها عيون مثل حبات البلح في أول النضوج.. استبدلوا الكحل بأبخرة القدور ودخان الحطب، كل هذا العالم يا منى لايساوي دمعة سرقت صمت المحجر وسالت بفعل دخان الحطب، وظن الوالد في لحظة أنه بكاء اليأس..اغتالو (الشبرات) البيض التي كان يجب أن تربط على الجدائل واغتالوا الأهداب أيضا.

البنات في غزة الان يجب أن يكون شغلهن امتحانات نهاية الفصل، يجب أن يكون شغلهن التفكير بإكمال الدراسة، صار شغلهن الشاغل..كيف يقمن بالإعتناء بطفلة فقدت الأم والأب، وكيف يقمن بالإعتناء بعائلة استشهدت فيها الأم، كيف يقمن بالطبخ لأطفال ناموا (عرايا) تحت البرد والمطر، وصار الكتاب مجرد ذكريات والصف مجرد حلم يأتي في ليلة باردة، ومعلمة اللغة الإنجليزية المحبوبة، غادرت إلى خان يونس ولم يسمع عنها أحد شيئا للان، ويقال انها استشهدت مع كامل عائلتها.

ذات يوم قريب, وقريب جدا ستعود الجدائل أطول، لكنها الجدائل التي سيتشرف دجلة وبردى أن يغسلها, وسيأتي النيل حبوا على قدميه كي يطلب منكن, القيام بنثر خصلة صغيرة جدا على مصبه وعلى منبعه, لأنكن اختصرتن تاريخ الصبر كله.. ذات يوم سيأتي النخل العربي كله من الدار البيضاء وحتى المنامة, كي يطلب أن يتشرف قليلا برمي ظله على جديلة صبية من غزة، علمت الدنيا كلها معنى الكبرياء ومعنى أن تكون الأنثى وطنا وعسلا وتاريخا من الفداء..

ذات يوم وأراه قريبا جدا، سيأتي رمل الصحارى العربية كله، سيخبركن بأن ليلى كانت كذبة كبرى، وأن قصائد الغزل، وشعر الوقوف على الأطلال كان كذبة، وأن العشق ليس بالأرحام التي تنتج رجالا يقومون بنظم الشعر، بل الأرحام الحقيقية هي التي تنتج رجالا يقومون بالرمي، وبتعبئة مخزن البندقية، ويتلقون القذيفة بصدر عار، ويخاطبون الدنيا كلها بأنفة، أكبر من الأنفة التي أنتجتها البشرية من زمن ادم..

ذات يوم، ستعرف أوروبا كلها من عهدها اليوناني وحتى عهد روما ومرورا بالثورة الصناعية, أن أهداب النساء في غزة أنتجت للبشرية حضارة، اسمها حضارة الصبر العظيم، وحضارة النزوح, وحضارة الإرادة.. وكسر شأفة المستحيل.

شكرا للصبايا في غزة, شكرا للعيون وللأهداب وللأكف الضارعات لله, شكرا لصبركن العظيم, شكرا لفلسطين التي عاشت في قلوبكن دما وعشقا وصمودا.. شكرا لكل فم نطق بالدعاء النقي الخالص في سويعات الفجر الأولى، شكرا لصبايا غزة اللواتي قمن بإعادة إنتاج تاريخ العرب، وشكرا لأنهم حين دمروا المدارس، لم يعرفوا أن الكف التي تشعل النار في غزة، شيدت أهم أكاديمية في العالم وهي أكاديمية فلسطين وشرحت معنى النضال, ومعنى الصمود ومعنى أن تكون غزة أسطورة في زمن المؤامرة.

Abdelhadi18@yahoo.com











طباعة
  • المشاهدات: 1992
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-02-2025 09:30 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم