حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,22 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 886

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: توحيد التشريعات الناظمة لعمل الوزراء

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: توحيد التشريعات الناظمة لعمل الوزراء

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: توحيد التشريعات الناظمة لعمل الوزراء

18-02-2025 09:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أصدر رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان قبل أيام قرارين هامين يتعلقان بآلية عمل الوزراء في السلطة التنفيذية والموظفين العاملين فيها. فقد وضع الرئيس مجموعة من القيود على سفر وزرائه إلى الخارج، تتمثل بأن يكون السفر لحضور الاجتماعات الرئيسة والضرورية لعمل الوزارات، وأن يقتصر السفر على مسؤول واحد فقط دون اصطحاب مرافقين معه، وأن لا تتجاوز مدة الإقامة ليلتين فقط للعمل الرسمي.

فهذه الأوامر الرئاسية التي يمتد تطبيقها ليشمل إلى جانب الوزراء ورؤساء الهيئات الرسمية ومدراء الدوائر، تهدف إلى ترشيد نفقات السفر والانتقال لممثلي الوحدات والإدارات الحكومية المركزية، وذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية الاستثنائية التي تعاني منها الدولة الأردنية والعجز المتزايد في موازنتها السنوية.

وهنا يثور التساؤل حول الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الحالي إلى التفكير في إصدار هذا البلاغ لتنظيم سفر الوزراء إلى الخارج وفرض هذه القيود التنظيمية، في الوقت الذي لم يعطه باقي رؤساء الوزراء السابقين الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومات خلال السنوات الماضية الأهمية ذاتها. فسفر الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين إلى خارج البلاد لغايات العمل حالة دائمة ومستمرة والظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطن الأردني ثابتة كما هي لم تتغير منذ سنوات، ومع ذلك فإن معالجة هذا الموضوع من قبل رؤساء الوزراء المتعاقبين كانت متباينة، ترتبط بشكل أساسي بشخص رئيس الوزراء وقناعاته الفردية.

أما القرار الثاني الذي أصدره رئيس الوزراء، فيتمثل في تخفيض الرتبة الوظيفية لمدير مكتبه من الفئة الأولى إلى الفئة الثانية في الدرجة العليا، حيث أقر مجلس الوزراء مشروع نظام معدل لنظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام لسنة 2025 لتنفيذ هذا القرار.

وقد جاء هذا القرار الحكيم لتصويب ما قررته حكومة سابقة في عام 2022 بتعديل نظام الخدمة المدنية النافذ في ذلك الوقت لصالح نقل مدير عام مكتب رئيس الوزراء من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى ضمن الدرجة العليا، قبل أن يقرر رئيس الوزراء الحالي إعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقا.

وهنا أيضا يثور استفسار قانوني اخر يتعلق بالمبررات التي دفعت رئيس الوزراء الحالي إلى إعادة الأمور إلى نصابها السليم فيما يخص الوضع القانوني لمدير مكتبه، ومخالفة قناعات رؤساء الوزراء السابقين الذين اختاروا منح مدراء مكاتبهم امتيازات إضافية من خلال نقلهم إلى مصاف الفئة الأولى من الدرجة العليا، وما يترتب على هذا النقل من زيادة في رواتبهم الشهرية ومكافآتهم والمزايا الوظيفية الأخرى المرتبطة بهذه الفئة.

إن هذا الاختلاف الجوهري في تعاطي رؤساء الوزراء في الأردن مع وزرائهم وكبار الموظفين التابعين لهم والذي انعكس على طبيعة القرارات التي تصدر عنهم في هذا الشأن سببه الأساسي غياب التشريعات الوطنية الناظمة لعمل الوزراء، وعدم وجود قواعد قانونية تحكم عملهم وتنقلهم والموظفين التابعين لهم، مما يجعل الأمر خاضعا بشكل كامل للسلطة التقديرية لرئيس الوزراء. فما يصدر عن رئيس في مرحلة ما من قرارات رئاسية يقوم الرئيس الذي يليه بتغييرها أو تعديلها وفق ما يراه مناسبا.

فمن خلال استعراض المنظومة التشريعية في كل من الدستور الأردني والقوانين الصادرة بمقتضاه، نجد بأن هناك نصوصا تفصيلية تحكم عمل كل من السلطتين التشريعية والقضائية وذلك من حيث آلية اختيار الأعضاء وشروط العضوية فيها وكيفية ممارستهم لمهام عملهم، دون السلطة التنفيذية.

ففيما يخص السلطة التشريعية، نجد بأن المادة (75) من الدستور قد حددت شروط العضوية في مجلسي الأعيان والنواب والآثار المترتبة على انتفائها. كما يتضمن قانون الانتخاب أحكاما تتعلق بتشكيل مجلس النواب وانتخاب الأعضاء فيه عن الدوائر المحلية والعامة، بالإضافة إلى النظامين الداخليين لمجلسي الأعيان والنواب اللذين يضعان قيودا على عمل أعضاء مجلس الأمة ويفرضان عقوبات برلمانية في حال مخالفتهم أصول العمل البرلماني.

وكذلك الحال بالنسبة للسلطة القضائية، حيث يتضمن قانون استقلال القضاء شروطا تتعلق بأحكام التعيين في المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، والأوضاع القانونية التي يخضع لها القضاة ابتداء من تعيينهم وأثناء سنوات عملهم وانتهاء بتركهم العمل القضائي، وذلك ضمن منظومة تشريعية واضحة ومحددة.

أما بالنسبة للسلطة التنفيذية والتي تعتبر الحكومة برئيسها وأعضائها شركاء فيها مع جلالة الملك، فإن هناك غيابا كاملا لأية أحكام تشريعية تتعلق بشروط العضوية فيها والقيود التي تحكم ممارسة الوزراء ورئيسهم لمهام عملهم. فالمشرع الدستوري قد اشترط شرطا واحدا في الوزير بأن يكون أردني الجنسية وذلك في المادة (42) من الدستور دون أن يضيف أحكاما أخرى تتعلق بالخبرة والدراية في مجال العمل والأهلية الأدبية وحسن السيرة والسلوك.

وعليه، فإن الحاجة ماسة اليوم إلى وضع قواعد تشريعية واضحة ومحددة تحكم عمل الوزراء أثناء عضويتهم في السلطة التنفيذية تتعلق بكيفية ممارستهم لمهام عملهم وآلية سفرهم وانتقالهم والمزايا المالية التي تصرف لهم، بحيث لا تخضع هذه الأوضاع إلى الصلاحية التقديرية لرئيس الوزراء الذي يقوم بمراجعتها سلبا أو إيجابا وفقا لقناعاته الشخصية.

فما صدر عن رئيس الوزراء الحالي من قرارات تصحيحية مؤخرا تدعونا إلى التفكير مليا في الكيفية التي تدار بها الشؤون في الحكومة، والضغط أكثر بنحو «دسترتها» في منظومة تشريعية واضحة تمتاز بالثبات والاستقرار بما ينعكس إيجابا على ثقة المواطن بالحكومة ابتداء، وبالخدمات العامة التي تقدمها له.

أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة laith@lawyer.com











طباعة
  • المشاهدات: 886
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-02-2025 09:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم