حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,21 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2055

جرادات تكتب : التضليل الإعلامي بين سباق الأخبار وتلغيم المعلومات

جرادات تكتب : التضليل الإعلامي بين سباق الأخبار وتلغيم المعلومات

جرادات تكتب : التضليل الإعلامي بين سباق الأخبار وتلغيم المعلومات

19-02-2025 08:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : لينا جرادات
لم يعد التضليل الإعلامي مجرد خطأ عرضي في نقل الأخبار، بل بات ظاهرة ممنهجة تُوظّف لتحقيق أجندات سياسية واقتصادية، أو حتى لخدمة السباق الإعلامي المحموم نحو الريادة.

فبين الإثارة والصدقية، يقف الإعلام على حافة رفيعة، عندما تتحول المعلومة إلى سلاح بحدين: إما أن تكون مرآة للحقيقة أو أداة للتضليل الممنهج.

في هذا السياق، يأتي إقرار وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" عن نشرها تصريحًا مضللًا منسوبًا لجلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 11 شباط، مثالاً صارخاً على وقوع أعرق المؤسسات الإعلامية في فخاخ التسرع، متسببةً في تداعيات إعلامية وسياسية خطيرة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يكفي الاعتذار المتأخر دون توضيح لتصحيح التشويه ؟ أم أن الضرر قد وقع بالفعل، بما يرسّخ أزمة الثقة المتفاقمة بين الجمهور والإعلام؟

لا شيء يقتل الحقيقة أكثر من خبر مضلل ينتشر كالنار في الهشيم قبل أن يتبين لاحقًا أنه محض خطأ أو اجتزاء مقصود.

وفي زمن الإعلام الرقمي، لم يعد التضليل الإعلامي مجرد هفوة عابرة، بل أصبح سلاحًا يستخدم بمهارة في الحروب السياسية، والاقتصادية، وحتى في تشكيل الرأي العام.

ويتعدى التضليل الإعلامي نشر الأكاذيب الصريحة إلى أشكال أكثر تعقيدًا، مثل اجتزاء التصريحات، وتحريف سياق الأحداث، واستخدام العناوين المضللة التي تؤثر على الوعي الجمعي قبل أن يتم التدقيق في التفاصيل.



لطالما كان السبق الصحفي هو الشرف المهني لأي مؤسسة إعلامية، ولكن في عصر السرعة والضغوط التجارية، تحوّل هذا السبق إلى لعنة تدفع كبريات المؤسسات إلى المجازفة بالمصداقية مقابل "الوصول أولًا".

ما فعلته"رويترز" هو نموذج لهذا الخلل القاتل بتضليل يُنشر على نطاق واسع، والمشكلة ليست فقط في الخبر ذاته، بل في أن الرواية المغلوطة التي تنتشر بشكل أوسع وأسرع من التصحيح الذي يأتي لاحقًا، فيقرأ الملايين العنوان الأول، لكن قلة فقط يتابعون التوضيح أو الاعتذار.


المفارقة أن الكثير من الأخبار التي تخص منطقتنا يتم نشرها أولًا عبر وكالات أجنبية، لتبدأ وسائل الإعلام المحلية بعد ذلك في إعادة نشرها دون تمحيص.

هذه الظاهرة تكشف عن فجوة إعلامية خطيرة، تجعلنا نعتمد على مصادر خارجية لفهم واقعنا، حتى لو كانت هذه المصادر تحمل أجندات خاصة أو تقع في أخطاء جسيمة لعدم وجود مؤسسات صحفية قادرة على منافسة الوكالات الدولية من حيث المصداقية والسرعة في نشر المعلومات.

إن مواجهة التضليل الإعلامي لا تقتصر على محاسبة وسائل الإعلام عند وقوعها في الخطأ، بل تتطلب إعادة هيكلة شاملة للمنظومة الإعلامية لتكون قادرة على إنتاج محتوى استقصائي، وتحليل الأخبار بعمق، وكشف المغالطات قبل أن تصبح “حقائق بديلة” في وعي الجمهور.

وحتى لا نكون مجرد مستهلكين للأخبار الموجهة، علينا أن نتحول إلى مجتمع إعلامي ناقد، قادر على التمييز بين المعلومة الموثوقة والمحتوى المدفوع، وبين السبق الصحفي القائم على المهنية، والسبق القائم على التضليل.

الحل يبدأ من تعزيز الوعي الإعلامي لدى الأفراد، بأن لا يستهلكون الأخبار بشكل سلبي، بل يمارسون التفكير النقدي والتدقيق قبل تصديق أي معلومة.

ويبقى دور متلقي المعلومة هو الأهم: أن نشكك، أن نبحث، وألا نكون وقودًا لحروب التضليل الإعلامي.








طباعة
  • المشاهدات: 2055
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-02-2025 08:39 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم