حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,21 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2429

المحامي أكرم الزعبي يكتب: ما الذي يمنع من تطبيق التجربة الصينية

المحامي أكرم الزعبي يكتب: ما الذي يمنع من تطبيق التجربة الصينية

المحامي أكرم الزعبي يكتب: ما الذي يمنع من تطبيق التجربة الصينية

19-02-2025 09:01 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
في نهاية سبعينيات القرن الماضي كانت الصين ذات المليار ونصف المليار إنسان، دولةً فقيرة، يتفشّى فيها الفساد والسرقات والرشاوى، واليوم، صار الاقتصاد الصيني من أقوى، إن لم يكن أقوى اقتصادات العالم، وارتفع فيها الدخل الإجمالي السنوي للفرد إلى مستويات غير مسبوقة، وصارت البطالة في هذا المجتمع الكبير جدا بالسكّان شبه معدومة، فكيف تحوّلت الصين خلال سنوات قليلة كل هذا التحوّل، وكيف استطاعت أن تصبح الدولة الأولى صناعيًا في العالم ؟؟

لعل الجواب يكون صادمًا إن عرفنا أنّ البروفيسور العراقي إلياس كوركيس هو السبب الرئيس في هذا التحوّل، فبعد أن دفعت له الحكومة الصينية خمسة أضعاف راتبه الذي كان يتقاضاه من جامعة أوكسفورد جاء إلى الصين خبيرًا تنمويًا وبشريًا، وأوّل ما قام به هذا البروفيسور هو الحريّة في العمل، فبدأ بوزراء الصيّن وبتعليمهم مهارات القيادة والإدارة والتفكير خارج الصندوق، بمعنى أنّه أطلق الطاقات الإبداعية لديهم، ومن ثمّ طلب منهم نقل ما تعلّموه إلى موظفيهم، تطبيقًا لمبدأ (نقل الخبرات)، ثم انتقل بعدها إلى نظام الأسر المنتجة، بحيث تقوم كل أسرة بالاحتراف بعمل شيء بسيط تكون قادرة على إتقانه باحترافية عالية، بحيث صارت هذه العائلات منتجة بدل كونها مستهلكة، ولكي يقضي على الرشوة والفساد فقد استحدث نظام الحوافز للموظفين والعمال، بحيث كلّما زادت نسبة الإنتاج زادت الحوافز، ما جعل الجميع يبذل كل جهده لزيادة دخله بزيادة طاقته الإنتاجية.

النظام الذي طبّقه الأستاذ كوركيس ليس صعبًا، وإذا نجح في بلد تعداده ألف وخمسمائة مليون إنسان، فإنّ تطبيقه في بلاد لا يتجاوز عدد سكانها بضعة ملايين لا يكون مستحيلًا، فمثلًا لغايات تشجيع الاستثمار فإنّ التخفيف من الاجراءات البيروقراطية والقوانين المتشعبة يمكن التغلّب عليه بقانونٍ واحد ينظم عملية الاستثمار والمستثمرين من الألف إلى الياء، ويسمح للموظفين القائمين على متابعة شؤون الاستثمار بزيادة دخلهم من خلال استحداث نسب مئوية من كل مشروع استثماري يباشر العمل في البلد، وفي المقابل عقوبات مغلّطة لكل من يعرقل أو يحاول ابتزاز أي مستثمر.

أمّا المبدعون من الطلاب فيتم إلحاقهم بجامعات متخصصة في الإبداع، واستثمارهم في مجالات عملهم التي يحبّونها، بعيدًا مثلًا عن عقدة تخصص(الطب) لأصحاب المعدلات العالية التي أرهقت الأهالي والبناء وحتى القطاع الطبي الذي صار بعاني فائضًا في تخصص الطب، في وقتٍ صارت فيه الصناعة والتكنولوجيا تتصدر المشهد، وتأتي بالدخولات العالية جدا للأفراد والدول.

(التفكير خارج الصندوق) هذا هو المطلوب من كل مسؤول، ومطلوبٌ منه اجتراح الأفكار الإبداعية الجديدة كلٌّ في مكانه الذي يعمل فيه من خلال إطلاق الطاقات البشرية ومنحها الفضاء اللازم لعملها، مع ضرورة مراعاة تقليل كُلف الإنتاج إلى أقصى حد، صحيح أنّ الأمر قد يكون صعبًا على ميزانية الدولة، لكنّها مسألة وقت قبل أن يتعافى الاقتصاد، ويصل إلى مرحلة الشفاء، فالعمليات الجراحية الكبرى يعقبها فترة مكوث في المستشفى، لكنّ المريض يخرج بعدها من المستشفى سليمًا معافى قادرا على العمل بكل طاقته.

التجربة الصينية ممكنة التطبيق في كل مكانٍ في العالم إن توافرت الإرادة لدى صنّاع القرار في الحكومات، وإن تكامل عملها بحيث تصبح الدولة كلها خلية واحدة تعمل وفق نظام عام متسق، الكل فيه يعمل، والكل فيه يحصل على مقابل عمله، ابتداءً من ابسط الأدوات، وانتهاءً بأعقد الآلات.

المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق











طباعة
  • المشاهدات: 2429
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-02-2025 09:01 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم