20-02-2025 09:51 AM
بقلم : د. علاءالدين بني خلف
جاء لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى في يوم الوفاء، ليحمل رسائل واضحة وقوية إلى أبناء الوطن، مؤكدًا على الموقف الأردني الثابت تجاه القضايا الوطنية والإقليمية. كان اللقاء، الذي حضره ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، مناسبة لإعادة التأكيد على المبادئ الأردنية الراسخة، وأبرزها رفض التهجير والتوطين والوطن البديل، وهو موقف لم يتغير منذ 25 عامًا.
"مش عيب عليهم" .. رسالة ملكية قوية
في سياق حديثه، استخدم جلالة الملك عبارة "مش عيب عليهم" في إشارة إلى بعض الأشخاص داخل البلاد الذين يتلقون أوامر من الخارج، ويعملون ضد مصالح وطنهم. لكن هذه العبارة، في جوهرها، كانت مثل حديث الأب لأبنائه، موجهة بحنان وحرص، لتوضيح أن الولاء للوطن لا يأتي عن طريق الشعارات، بل من خلال الأفعال الصادقة والانتماء القوي. جلالته لم يكن يهدد أو يحذر، بل كان يوضح ببساطة أنه لا يوجد أي مبرر لأفعال تشوه المصلحة الوطنية، وأن العيب الحقيقي هو في نزع الشرعية عن بلدنا والتأثير على استقراره من خلال أجندات خارجية.
الكم الكبير من حملات التضليل
منذ بداية العدوان على غزة، تصاعدت الحملات المضللة التي استهدفت الأردن، حيث تم استغلال أحداث ومواقف لتشويه صورة المملكة. جلالته كان واضحًا في رفض هذه الحملات الإعلامية المغرضة، موجهًا رسالته للأردنيين بأن هذه الأكاذيب لا يمكن أن تؤثر على عزيمتنا أو تفرق بيننا. حديثه كان دعوة للتوحد، مثلما يوجه الأب النصيحة لأولاده ليقفوا معًا في مواجهة الشدائد.
وكانه يقول "مش عيب نزعزع أمن البلد"
كان حديث جلالة الملك بمثابة تحذير ووعي من أن أي محاولة لزعزعة أمن البلد أو تحريك الفتن هي أمر غير مقبول. لكن لم يكن ذلك تهديدًا، بل دعوة حنونة للفهم، أن مثل هذه الأفعال تؤذي الوطن وأبناءه، كما يفهم الأب في حديثه مع أولاده أن أي تصرف يضر بالعائلة ليس مجرد خطأ، بل هو تقليل من قيم الوحدة والأمان التي بناها الجميع.
وكانه يقول "مش عيب نخون البلد"
"مش عيب نخون البلد"، لم تكن مجرد كلمات، بل كانت دعوة للأبناء لتحمل المسؤولية، والإيمان بأن الخيانة لا مكان لها بيننا. جلالته كان يشير إلى أن المصلحة العليا للوطن تقتضي منا جميعًا أن نبقى مخلصين لوطننا، نحميه من كل خطر، سواء كان داخليًا أو خارجيًا. هذه العبارة كانت بمثابة النصيحة الصادقة من الأب إلى الأبناء، أن يكونوا حريصين على مصلحة وطنهم، وأن لا يسمحوا لأي قوة خارجية بالتدخل في شؤون بلادهم.
اختيار التوقيت والمكان .. دلالات عميقة
لم يكن اختيار يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين مكانًا وزمانًا لهذا الخطاب أمرًا اعتباطيًا، بل حمل دلالات عميقة تعكس الثقة بقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، التي كانت وما زالت خط الدفاع الأول عن الوطن. كان جلالته حريصًا على أن تصل رسالته من خلال أولئك الذين نذروا حياتهم لحماية الأردن، في إشارة إلى أن الدفاع عن الوطن ليس مجرد شعارات، بل التزام راسخ يمتد عبر الأجيال.
التأكيد على الموقف الأردني الثابت
جدد جلالة الملك التأكيد على موقف الأردن الصلب تجاه القضية الفلسطينية، قائلاً بصراحة: "كلا للتهجير، كلا للتوطين، كلا للوطن البديل"، وهو موقف هاشمي ثابت منذ تأسيس الدولة الأردنية. كما أوضح أن التشكيك بهذا الموقف أو محاولة تحريفه لن يغير من الواقع شيئًا، لأن الأردن كان وسيظل المدافع الأول عن قضايا أمته، مهما اشتدت الضغوط والحملات الإعلامية المضللة.
دعوة للوحدة واليقظة
في ظل التحديات التي تواجه الأردن، تأتي رسالة جلالة الملك كتذكير لكل الأردنيين بأهمية التكاتف واليقظة، وعدم السماح لمن يريدون العبث بأمن الوطن بالتأثير على استقراره. الأردن قوي بقيادته وشعبه، ولن يكون ساحة للتجاذبات أو المؤامرات. فالتضليل الإعلامي لن يؤثر فينا، والولاء للوطن سيبقى أساسًا لا يتزعزع.
في الختام، يبقى حديث جلالة الملك في هذا اللقاء بمثابة خارطة طريق للأردنيين، تضع النقاط على الحروف، وتدعو إلى التمسك بالثوابت الوطنية، بعيدًا عن المزايدات أو التأثيرات الخارجية. وكما قال جلالته: "مش عيب عليهم"، فإن العيب الحقيقي هو أن نسمح لمن لا يريدون الخير لوطننا بأن يكون لهم موطئ قدم بيننا، أو أن نسمح للتضليل بأن يزعزع الثقة في مبادئنا الثابتة. وكما أضاف جلالته، "مش عيب نزعزع أمن البلد" و"مش عيب نخون البلد"، فإن العيب الحقيقي هو أن نسمح لهذه التصرفات المشينة بأن تمس وطننا العزيز.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-02-2025 09:51 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |