20-02-2025 10:08 AM
بقلم : الدكتور المحامي ربيع العمور
تعد البطالة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، حيث تؤثر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، خاصة بين فئة الشباب وخريجي الجامعات. وفي ظل محدودية الموارد الطبيعية، يصبح الاستثمار وتعزيز بيئة الأعمال الخيار الأمثل لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل مستدامة.
إن محاربة البطالة لا يمكن أن تتحقق عبر الحلول التقليدية فقط، بل تتطلب التفكير خارج الصندوق، عبر استغلال العلاقات الدولية، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي للأردن، وجذب الاستثمارات في القطاعات الحديثة مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تطوير البنية التحتية وإصلاح التشريعات الاقتصادية.
واقع البطالة والاستثمار في الأردن
تشير الإحصائيات إلى أن البطالة، لا سيما بين الشباب، تشكل تحديًا كبيرًا بسبب الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، إضافة إلى ضعف الاستثمار في المشاريع التي تولد فرص عمل مستدامة. من ناحية أخرى، يواجه المستثمرون تحديات تتعلق بالإجراءات البيروقراطية وكلفة الإنتاج المرتفعة. لذا، فإن الحل يكمن في تطوير سياسات اقتصادية محفزة للاستثمار، وخلق بيئة أعمال مرنة، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في تنمية الاقتصاد.
استراتيجيات جذب الاستثمار وخلق فرص العمل
1. تحسين التشريعات وتوفير بيئة استثمارية تنافسية
لجذب المستثمرين ودفع عجلة الاقتصاد، يجب:
تعديل القوانين لضمان بيئة استثمارية مستقرة وعادلة تحمي المستثمرين وتمنحهم حوافز اقتصادية.
تقديم إعفاءات ضريبية محفزة للاستثمارات في القطاعات الإنتاجية والتكنولوجية.
تسهيل إجراءات تأسيس المشاريع، وتقليل البيروقراطية التي تعيق الاستثمار.
2. استغلال الموقع الجغرافي والعلاقات الدولية
يتمتع الأردن بموقع استراتيجي يربطه بأسواق أوروبا وآسيا والخليج العربي، مما يجعله نقطة جذب للاستثمارات الأجنبية. لتحقيق ذلك:
تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية من خلال توقيع اتفاقيات استثمارية وتجارية مع دول كبرى.
جذب الشركات العالمية لإنشاء مراكز إقليمية في الأردن، مما يخلق فرص عمل محلية.
الاستفادة من المساعدات والتمويل الدولي لدعم المشاريع التنموية، لا سيما في البنية التحتية والطاقة المتجددة.
التفكير خارج الصندوق لحل مشكلة البطالة
1. دعم ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة
إطلاق صناديق تمويل للمشاريع الصغيرة، خاصة في القطاعات الإبداعية مثل التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر.
توفير حاضنات أعمال لرواد الأعمال، تربطهم بالمستثمرين والأسواق الدولية.
تشجيع العمل الحر والاقتصاد الرقمي، مما يفتح مجالات جديدة للتوظيف بعيدًا عن الوظائف التقليدية.
2. الاستثمار في التعليم والتدريب التقني
تحديث المناهج التعليمية وربطها بسوق العمل، من خلال التركيز على التدريب المهني والتقني.
عقد شراكات مع شركات عالمية لتوفير تدريب عملي للشباب، مما يسهل إدماجهم في سوق العمل.
تشجيع التعليم عن بُعد والبرامج الرقمية، لتأهيل الشباب للعمل في مجالات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
3. تعزيز الصناعات الجديدة والابتكار
تطوير قطاع الصناعات الإبداعية، مثل الإعلام الرقمي، الألعاب الإلكترونية، والبرمجيات، وهي مجالات تشهد نموًا عالميًا كبيرًا.
دعم المشاريع القائمة على التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
تعزيز الصناعات الزراعية والتكنولوجية، خاصة مع ارتفاع الطلب على التكنولوجيا في القطاع الزراعي.
القطاعات الواعدة للاستثمار وخلق الوظائف
1. الطاقة المتجددة والتصنيع
الاستثمار في الطاقة الشمسية، حيث يتمتع الأردن بإشعاع شمسي مرتفع، مما يجعله مثاليًا لمشاريع الطاقة النظيفة.
تشجيع الشركات الخاصة على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لتوليد فرص عمل جديدة.
تعزيز قطاع التصنيع، لا سيما الصناعات التحويلية التي تعتمد على المواد الأولية المحلية.
2. السياحة وصناعة السياحة
تطوير المناطق السياحية مثل المغطس، غابات جرش وعجلون، البتراء، ووادي رم، مما يسهم في خلق وظائف في قطاع السياحة والخدمات.
دعم السياحة العلاجية والبيئية والثقافية، واستغلال الميزات الفريدة للأردن.
توفير بنية تحتية متطورة للسياحة، تشمل النقل والفنادق والخدمات الذكية.
3. قطاع النقل والبنية التحتية
إنشاء شبكة قطارات حديثة تربط الشمال بالجنوب والوسط، مما يقلل تكاليف النقل ويفتح أسواقًا جديدة للاستثمار.
تطوير الموانئ والطرق لتعزيز دور الأردن كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية.
4. الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية
دعم مراكز البحث والتطوير في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
جذب الاستثمارات لإنشاء حاضنات تكنولوجية تستقطب العقول الشابة المبدعة.
تشجيع الشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، مما يخلق فرص عمل جديدة ويدمج الاقتصاد الأردني في الاقتصاد الرقمي العالمي.
التوصيات والحلول العملية
1. إطلاق برامج شراكة بين الجامعات والشركات العالمية لتوفير تدريب عملي للشباب.
2. تأسيس صندوق وطني لدعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة، خاصة في التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
3. إعادة هيكلة النظام الضريبي ليكون أكثر دعمًا للاستثمارات المنتجة والمشاريع الريادية.
4. تطوير قوانين العمل لتشجيع العمل المرن والعمل عن بُعد، مما يساعد في توظيف الشباب في الأسواق العالمية.
5. تحسين الخدمات الحكومية الرقمية لتسهيل تسجيل الشركات وتقليل البيروقراطية.
6. إطلاق مبادرات لاستقطاب الكفاءات الأردنية المغتربة، للاستفادة من خبراتهم وشبكاتهم العالمية.
7. تشجيع الاستثمارات في المناطق النائية، عبر تقديم حوافز ضريبية ودعم البنية التحتية.
يمتلك الأردن جميع المقومات ليصبح مركزًا استثماريًا إقليميًا بفضل استقراره السياسي، موقعه الجغرافي، وموارده البشرية. ومع ذلك، فإن النجاح في محاربة البطالة يتطلب رؤية اقتصادية شاملة تجمع بين الإصلاحات التشريعية، الاستثمار في القطاعات الحديثة، استغلال العلاقات الدولية، والتفكير خارج الصندوق في خلق فرص عمل مبتكرة.
من خلال تحفيز ريادة الأعمال، تطوير التعليم والتدريب، ودعم التكنولوجيا والطاقة المتجددة، يمكن للأردن أن يتحول إلى نموذج اقتصادي ناجح، يقلل من البطالة، ويحقق نموًا مستدامًا للأجيال القادمة.و تحويل الكثافة السكانية من عقبة إلى حافز .
المحامي الدكتور ربيع العمور
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-02-2025 10:08 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |