حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,22 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4934

لماذا قتل فاضل البراك مدير مخابرات صدام حسين؟

لماذا قتل فاضل البراك مدير مخابرات صدام حسين؟

لماذا قتل فاضل البراك مدير مخابرات صدام حسين؟

21-02-2025 07:16 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - في صيف عام 1968، استولى حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم في العراق، وكان على رأسه وقتئذ أحمد حسن البكر وصدام حسين، وكلاهما أبناء قرية العوجة التابعة لتكريت.

ولتثبيت أقدام البعث في حكم البلاد، أسرع البكر وصدام حسين في إشراك مئات من البعثيين من حملة الشهادة المتوسطة في دورات خاصة في كلية الضباط الاحتياط لمدة 5 أشهر، حتى إذا تخرجوا بعدها برتبة نائب ضابط تلميذ وُزّعوا على وحدات الجيش للسيطرة عليها لقلة عدد العسكريين المنتمين للبعث وقتئذ.

ويروي اللواء وفيق السامرائي، مدير المخابرات العسكرية العراقي الذي انشق عن نظام صدام عام 1995 في مذكراته، أنه من أجل أن يثبت صدام أقدامه في حكم العراق اعتمد على الكثيرين من أبناء تكريت بصورة واسعة.

وكان من جملة الأشخاص الذين اعتمد عليهم نظام البعث هو فاضل البراك حسين الناصري، وهو ينحدر من عشيرة البيجات أقارب صدام حسين.

البراك وعلاقته بالبكر وصدام

ولد في تكريت عام 1942، ثم أكمل تعليمه الأساسي في سامراء قبل أن يلتحق بحزب البعث عام 1958. ولاحقا انضم إلى الكلية العسكرية عام 1962، حيث كان عضوا في التنظيم العسكري للحزب داخل الكلية.

كان فاضل البراك يجمع بين الثقافة العسكرية القوية والانتماء الحزبي، كما كان من العضد العائلي القريب من صدام، ومن جملة المقربين منذ وقت مبكر من صدام.

وبعد انقلاب عبد السلام عارف في 18 تشرين الأول 1963، حُولت دفعة البراك إلى وظائف مدنية بسبب انتمائها الحزبي البعثي، ووفقا لتصريحاته التي ألقاها لاحقا لمجلة ألف باء، التقى البراك مع صدام حسين للمرة الأولى عام 1966، حين كان ملازما أول بمعسكر الرشيد في بغداد.

ولهذا السبب، كان من الطبيعي أن يلعب فاضل البراك رغم حداثة سنه دورا حاسما في أحداث انقلاب البعث في 17 تموز 1968.

وعقب نجاح الانقلاب، وتمكن البكر وصدام من السيطرة على مقاليد السلطة، تولى البراك منصب ضابط أمن القصر الجمهوري.

ووفقا لشهادة وزير الإعلام العراقي الأسبق صلاح عمر العلي، والتي ينقلها عنه الباحث فايز الخفاجي، فإن فاضل البراك تمكن من كشف محاولة انقلابية قادها سنة 1969 داود عبد السلام الدركزلي وبعض الضباط الآخرين، مما عزز مكانته في صفوف النظام البعثي آنذاك.

وعلى إثر هذا النجاح، نُقل فاضل البراك ليشغل منصب مرافق للرئيس أحمد حسن البكر، حيث تولى بعدها قيادة قوة حماية الإذاعة والتلفزيون، وكما يذكر جواد هاشم وزير التخطيط الأسبق في حكومة البكر وصدام في مذكراته "مذكرات وزير عراقي"، فإن الضابط فاضل البراك تمكن في هذه المرحلة أيضا من كشف محاولة انقلابية كان على رأسها العقيد المتقاعد آنذاك عبد الغني الراوي ومجموعته، والتي تمكن البراك من اختراقها ببراعة، الأمر الذي زاد من رصيده ومكانته.

وربما لهذا السبب أُرسل في عام 1970، إلى روسيا في منصب معاون ملحق عسكري ومسؤول تنظيمات حزب البعث في أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى تولي مهام التنسيق بين أجهزة الاستخبارات، وقد برزت براعته الاستخبارية عندما نجح في شق صفوف الحزب الشيوعي العراقي في الاتحاد السوفياتي عبر استهداف خليل الجزائري، أمين التنظيم هناك.

ولم تتوقف براعة البراك في الجانب الأمني فقط، ففي الجانب الأكاديمي أيضا استطاع الحصول على درجة الدكتوراه من معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفياتية، ونظرا لهذه المواهب، والثقة قبل ذلك التي أحرزها لدى البكر وصدام، وبعد عودته إلى بغداد عام 1976، عُين مديرا للأمن العام، ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته، ركز خلالها على إعادة بناء وتطوير الجهاز الأمني.

ويذكر اللواء وفيق السامرائي في مذكراته "حطام البوابة الشرقية" أن البراك وعقب اشتعال الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980 كان له دور مهم في القبض على بعض كبار الضباط العراقيين الذين ثبت تجسسهم وتعاونهم مع الخارج وقتئذ.

وفي عام 1983، أُقصي برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام حسين من منصب مدير جهاز المخابرات العراقي، ليحل محله هشام صباح الفخري، ولكن بعد فترة قصيرة قرر صدام حسين تعيين فاضل البراك مديرا لجهاز المخابرات.

وبعد احتلال العراق للكويت في آب 1990، روى عبد الملك الياسين أحد أبرز الدبلوماسيين العراقيين السابقين في لقاء تلفزيوني أن صدام شكّل لجنة برئاسة البراك وعضوية الياسين وعدد من أساتذة الجامعات، وكانت مهمة اللجنة تقديم توصيات حول أزمة الكويت والتصعيد الأميركي تجاه العراق، وقد أوصت اللجنة بضرورة الانسحاب الفوري من الكويت نظرا لخطورة الموقف، لكن اللجنة حُلّت لاحقا.

تولى فاضل البراك إدارة ملفات إقليمية معقدة في فترة رئاسته لجهاز المخابرات، بعضها كشف النقاب عنه، بينما ما زال الآخر طيّ الكتمان، فبحسب الكاتب محمد حسنين هيكل في لقاء تلفزيوني مع الجزيرة، اجتمع البراك في مدريد مع روبرت غيتس رئيس المخابرات ووزير الدفاع الأميركي الأسبق في اجتماع عُرف باسم مؤتمر مدريد السري، حيث طرح الأميركان إغراء العراق بضرب الثورة الإيرانية مقابل وعود بمنحه الكويت.

وكان البراك من الأصوات القليلة التي رفضت دخول حرب ضد إيران، لأجل وعود زائفة، وفخاخ نصبها الآخرون للعراق، وقد تكرر موقفه هذا في رفضه الغزو العراقي للكويت في عام 1990 بعد إقالته من جهاز المخابرات وعمله مستشارا لصدام حينئذ كما ذكر الدبلوماسي عبد الملك أحمد الياسين سابقاً.

وقد أُوكل إلى البراك ملف إعادة العلاقات مع ليبيا، ونجح في تحقيق ذلك، محيّدا الرئيس معمر القذافي عن إيران بعد سنوات من دعمه لها، وذلك من خلال دعم المخابرات العراقية للمعارضة الليبية التي كانت تنتشر على الحدود التشادية الليبية، والتي أجبرت القذافي على الصلح والتقارب مع صدام وابتعاده عن إيران في ذلك الحين، وذلك كما يذكر الضابط في المخابرات العراقية سالم الجميلي في مذكراته المنشورة عام 2023.

وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، تمكن البراك من تعزيز دور العراق هناك من خلال علاقاته الوثيقة مع سمير جعجع والرئيس أمين الجميل، اللذين كانا يواجهان النفوذ الإيراني والسوري، وكانت سوريا بزعامة حافظ الأسد قد تحالفت مع إيران ضد صدام.

إلى جانب ذلك، كانت للبراك علاقات وطيدة بعدد من القيادات الفلسطينية، وخاصة الرئيس ياسر عرفات وأبو إياد، إضافة إلى بناء علاقات متينة مع رؤساء أجهزة مخابرات عربية ودولية، مما عزز دور العراق بالمنطقة في تلك الفترة المتوترة.

ولكن في عام 1991، أُحيل البراك على التقاعد، منهيا بذلك مسيرته السياسية والأمنية وهو لا يزال في التاسعة والأربعين من عُمره، وفي العام التالي صُدم الجميع بخبر وفاة فاضل البراك الغامضة، والتي أشير فيها بأصابع الاتهام إلى إخوة صدام غير الأشقاء.

لماذا قُتل فاضل البراك؟

تعددت الروايات حول وفاة أو مقتل فاضل البراك، الأمر الذي أثار جدلا مستمرا حتى يومنا، فإحدى الروايات تقول إنه أُعدم عام 1992 بتهمة الخيانة مع ألمانيا الشرقية، كما ترددت رواية أخرى أنه تواطأ مع إسرائيل، وثالثة مع الاتحاد السوفياتي.

لكن شهادات من رجال مخابرات وشخصيات عراقية نفت ذلك كليا، منها شهادة مدير المخابرات العسكرية العراقية الأسبق وفيق السامرائي في كتابه "حطام البوابة الشرقية" تُفيد بأن سبب إعدامه كان خلافه العميق مع إخوة الرئيس صدام حسين، إضافة إلى اعتراضه على احتلال الكويت.

ونفيا لتهمة الخيانة والتعاون مع مخابرات خارجية ضد العراق أرسل مصدر استخباراتي عراقي سابق، لم يكشف عن اسمه وكان قريبا من نظام صدام حسين، رسالة مفصّلة يبدد فيها تهمة تخابر فاضل البراك لموقع روسيا اليوم، وهو الأمر الذي يؤكده فاضل العزاوي مدير المخابرات العراقية الأسبق في برنامج "شاهد على العصر" الذي تبثه الجزيرة، وكان نائبا للبراك وقد خلفه في منصبه.

ووفقا لهاتين الشهادتين، كان الصراع الشخصي بين فاضل البراك وإخوة الرئيس غير الأشقاء -سبعاوي وبرزان ووطبان- في مقدمة التوترات التي اندلعت إثر تولي البراك مسؤولية جهاز المخابرات خلفا للفريق الركن هشام صباح الفخري، الذي كان قد خلف برزان في المنصب لفترة بسيطة.

وكان إقصاء فاضل البراك لأذرع وأعوان برزان وسبعاوي من الدوائر الاستخبارية المهمة في الجهاز سببا لهذه النقمة التي حملوها له، وبهذه التحركات الدقيقة، نجح البراك في القضاء على مراكز النفوذ التي كانت تدعم برزان، المعروف بطموحه في خلافة أخيه صدام في قيادة الدولة.

ولم تتوقف تحركات البراك عند الإطاحة برجال برزان، بل واصل التنكيل ببرزان نفسه من خلال كشف تجاوزاته المالية واستغلاله لموارد الدولة بشكل فاضح، ولا شك أن هذه التطورات والتفاصيل المعقدة دفعت برزان إلى التهديد العلني بتصفية فاضل البراك في مجالسه الخاصة، معتبرا أن إجراءات البراك تستهدف سمعته وتعيق طموحه في خلافة أخيه صدام.








طباعة
  • المشاهدات: 4934
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-02-2025 07:16 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم