حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,23 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 915

أ. د. ليث نصراوين يكتب: حضور النائب المفصول جلسات المجلس

أ. د. ليث نصراوين يكتب: حضور النائب المفصول جلسات المجلس

أ. د. ليث نصراوين يكتب: حضور النائب المفصول جلسات المجلس

23-02-2025 09:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أثار حضور النائب محمد الجراح الجلسة الأخيرة لمجلس النواب حفيظة بعض الأعضاء الذين اعتبروا أنه فقد حقه في الحضور إلى المجلس بعد أنه قد تقرر فصله من حزب العمال الذي ينتمي إليه، وأنه يتعين عليه أن يتوقف عن المشاركة في جلسات المجلس إلى حين صدور القرار النهائي حول مشروعية قرار فصله عن القضاء الإداري.

كما تمسك البعض بأنه إذا أراد النائب الجراح الاستمرار في حضور جلسات المجلس، فيجب عليه أن يتقدم بطلب إلى المحكمة الإدارية لكي تصدر قرارا مستعجلا بوقف تنفيذ قرار الفصل إلى حين الانتهاء من نظر الدعوى، وذلك عملا بأحكام المادة (6) من قانون القضاء الإداري.

إن قرار فصل النائب الحزبي يرتب آثاراً قانونية فورية بمجرد صدوره وأخرى بعد أن يتحقق القضاء الأردني من مشروعية ذلك القرار. فالتبعات القانونية المباشرة لفصل النائب من حزبه تتمثل بحرمانه من أي مخصصات مالية أو رواتب شهرية قد تكون تصرف له، ووقف أية امتيازات تصرف له مقابل عضويته في الحزب السياسي.

وفي هذا الإطار، يتعين على النائب محمد الجراح أن يلتزم بتبعات قرار الفصل وذلك من خلال عدم حضوره إلى مقر الحزب السياسي والمشاركة في أي من أنشطته وفعالياته، وأن يتوقف عن استخدام مرافق الحزب وممتلكاته، ما لم يحصل على قرار مستعجل عن المحاكم الإدارية بوقف تنفيذه، ذلك على اعتبار أن هذه النتائج مرتبطة ارتباطا مباشرا بقرار الفصل ومتحققة عنه.

أما التبعات الاحتمالية وغير الثابتة على قرار فصل النائب الحزبي، فتتمثل بفقدانه شرطا من شروط العضوية في مجلس النواب واسقاط عضويته حكما، كونه قد ترشح عن الدائرة الانتخابية العامة التي اشترط القانون في المترشحين عنها أن يكونوا أعضاء في أحزاب سياسية مرخصة.

إلا أن هذا الأثر الدستوري قد علّق القانون ثبوته على صدور قرار نهائي قطعي يقضي بمشروعية قرار الفصل عن القضاء الإداري. فالمادة (58) من قانون الانتخاب تنص صراحة على أنه «إذا استقال النائب الذي فاز عن القائمة الحزبية من الحزب الذي ينتمي إليه أو فُصل منه بقرار اكتسب الدرجة القطعية يتم ملء مقعده من المترشح الذي يليه من القائمة ذاتها التي فاز عنها».

فمن خلال استعراض هذا النص القانوني، نجد أن المشرع الأردني لم يقصد ترتيب أية آثار قانونية مباشرة على قرار فصل النائب تمس عضويته في مجلس النواب؛ فهو لم يشترط لفقدان عضوية النائب في البرلمان أن يصدر قرارا بفصله من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه، وإنما أن يكتسب قرار الفصل الدرجة القطعية بعد الطعن بعدم مشروعيته أمام القضاء الإداري المختص.

فقرار فصل العضو الحزبي لا يرتب أية آثار دستورية على صفة النائب في البرلمان، بل أن صدور القرار القضائي القطعي بتأكيد مشروعية الفصل هو من سيكون له آثار مباشرة على عضويته، بحيث سيترتب على تأييد قرار الفصل اعتبار النائب الحزبي فاقدا لشرط من شروط العضوية في مجلس النواب، وبالتالي اسقاط عضويته حكما بموجب الدستور.

وعليه، فإن الحديث عن ضرورة استصدار النائب المفصول لقرار قضائي مستعجل لوقف آثار قرار الفصل لغايات تمكينه من حضور جلسات المجلس قول في غير محله. فالمادة (6) من قانون القضاء الإداري تشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون به مؤقتا أثناء السير في الدعوى الإدارية أن «تكون نتائج تنفيذه يتعذر تداركها». فطالما أنه لا يترتب على صدور قرار فصل النائب الحزبي وتنفيذه نتائج مباشرة تؤدي إلى إنهاء عضويته في مجلس النواب بسبب اشتراط المادة (58) من قانون الانتخاب صيرورة قرار الفصل نهائيا، فإنه لا حاجة للحصول على قرار بوقف تنفيذ قرار ?لفصل لغايات ثبوت حق النائب في حضور جلسات المجلس.

إن القول إن كل قرار فصل يصدر عن حزب سياسي بحق أي من أعضائه يجب تطبيقه بشكل فوري ما لم يحضر النائب المعني قرارا قضائيا بوقف تنفيذه سيؤدي إلى نتائج وخيمة على نظام الحكم النيابي في الأردن. فهذا الرأي القانوني، في حال تبنيه، سيدفع الأحزاب السياسية إلى إصدار قرارات فصل بحق منتسبيها من أعضاء مجلس النواب والذين سيكونون محرومين تلقائيا من حضور جلسات المجلس إلى حين البت في مشروعية قرارات فصلهم أو صدور قرار مستعجل بوقفها، وهو الأمر الذي سيحول دون تمكين المجلس من عقد جلساته النيابية لغياب النصاب القانوني عنها.

إن المشرع الدستوري كان حريصا على المحافظة على اكتمال عدد اعضاء مجلس النواب؛ فهو قد حدد في المادة (88) من الدستور مواعيد زمنية محددة يجب التقيد بها لملء أي شاغر في مجلس النواب. فكل من رئيس مجلس النواب والهيئة المستقلة للانتخاب مقيدون بمدد زمنية معينة للإعلان عن المترشح الذي سيخلف النائب في حال شغور مقعده لأي سبب من الأسباب.

وعليه، فإن القول بوجوب امتناع النائب محمد الجراح عن حضور جلسات مجلس النواب إلى حين الفصل في دعواه أمام المحاكم الإدارية يتنافى مع فلسفة المشرع الدستوري القائمة على أساس الحرص على وجود مجلس نواب بكامل أعضائه. فقانون الأحزاب السياسية لم يقيد المحكمة الإدارية بمدة زمنية لكي تفصل في دعوى الطعن بمشروعية قرار الحزب بفصل أحد أعضائه في مجلس النواب، فيكون توسع الأحزاب السياسية في إصدار قراراتها بفصل منتسبيها من النواب سببا لإلحاق ضرر جسيم بمجلس النوب يتمثل بعدم وجود نصاب قانوني لعقد جلساته النيابية.

أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

laith@lawyer.com











طباعة
  • المشاهدات: 915
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-02-2025 09:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم